| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الخميس 11/11/ 2010



كلمات -341-

الجلسة الأولى للبرلمان العراقي (ملاحظات أولية)

طارق حربي

حسم قادة الكتل السياسية في اجتماعتهم في أربيل وبغداد خلال الثلاثة أيام الأخيرة : مسألة المساءلة والعدالة وملفات المصالحة الوطنية والالتزام بالدستور والتوازن في السلطة والتوافق في اتخاذ القرار، وبدأت جلسة مجلس النواب في السابعة من مساء اليوم الخميس، وتضمنت في مستهلها أداء اثنين من أعضاء المجلس اليمين، ثم أعلن رئيس السن لمجلس النواب فؤاد معصوم عن بدء عملية الاقتراع لانتخاب رئيس للمجلس ونائبين له.

وفاز القيادي بالقائمة العراقية أسامة النجيفي بمنصب رئيس مجلس النواب بعد حصوله على 227 صوتا من اصل 295 صوتا للنواب الحاضرين، وفاز قصي السهيل (التيار الصدري) بمنصب النائب الأول وعارف طيفور (التحالف الكردستاني) بمنصب النائب الثاني.

والقى رئيس البرلمان كلمة متوسطة الطول نال ضمنيا في فقرات منها من أداء حكومة نوري المالكي، معددا مثالبها وفسادها في الداخل، وأضرارها على علاقات العراق بمحيطه العربي والاسلامي، وأنا أعتبرها رسالة إلى الأنظمة المذكورة لاسيما السعودية التي احتضنت القائمة العراقية سياسيا واعلاميا ودعمتها ماليا، بما فيها دعوة ملك الوهابية الأخيرة لاجتماع القادة العراقين بالرياض بعد موسم الحج، لما رآى من أمر انهيار العراقية محاولا سحب البساط من تحت أرجل مبادرة البارزاني يعني عصفورين بحجر واحد!

1- دخل حمايات أعضاء البرلمان وشوشوا على الجلسة وقام رئيس البرلمان ونبههم إلى ذلك أكثر من مرة، وشاهدنا النقل المباشر على الفضائية العراقية حينما دخل إياد السامرائي رئيس البرلمان السابق يحيط به حوالي سبعة من رجال حمايته الأشداء وهم ينظرون هنا وهناك ولم تسلم من نظراتهم القاتلة حتى منصة رئيس البرلمان!، ولا أدري لماذا يصطحب النواب حماياتهم من غليظي القلوب هل هو كشخة ونفخة عراقية أم توثب واستعداد لمقاتلة حمايات القوائم المعادية!؟

2- جلس الأخوة الاعداء : إياد علاوي زعيم العراقية بجانب نوري المالكي زعيم دولة القانون في الخط الأول من المقاعد، ولم نلاحظ أنهما تبادلا الحديث الودي من أجل شعب العراق الصابر المنتظر وواضح أن الجو كان مشحونا بينهما، وفيما كان المالكي يدير ظهره لعلاوي ويتبادل الحديث مع جلال الطالباني الجالس إلى يمينه، كان علاوي يلتفت إلى يساره حيث يجلس زعماء قائمته طارق الهاشمي صالح المطلك وغيرهما!

3- بعد انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه بطريقة المحاصصة الطائفية والاتفاقات بين الكتل على توزيع المناصب، بدىء بالخطوة الثانية وهي انتخاب رئيس للجمهورية، لكن القائمة العراقية اعترضت في الاثناء، وأخرجت وثيقة موقعة من قبل رؤساء الكتل بمن فيهم رئيس الوزراء نوري المالكي، توضح أن "القائمة العراقية اتفقت مع بقية الكتل السياسية على إلغاء قرار اجتثاث القياديين فيها وهم رئيس جبهة الحوار الوطني صالح المطلك، وأمين عام تجمع المستقبل، ظافر العاني وراسم العوادي"، وأشارت الوثيقة إلى أنه اتفاق على تجميد عمل هيئة المساءلة والعدالة، واستبدالها بهيئة دستورية، مع إعادة النظر بجميع قراراتها التي اتخذتها منذ عام 2003 حتى اليوم.

4- وهنا بدأت الخلافات تدب بين الفرقاء، وأخذ كل فريق يطرح وجهة نظر الكتلة التي ينتمي إليها : ففريق التحالف الوطني يسانده التحالف الكردستاني، يرون في انتخاب رئيس البرلمان ونائبين له وانتخاب رئيس للجمهورية كفاية للجلسة الأولى، دون الخوض في إعادة المبعدين أو مناقشة مجلس السياسات، وأطنب المغرمون بمسك المكرفونات وإطلالات الفضائيات في خطب انفجرت فيها الحساسيات في أول جلسة للبرلمان، كان مقدرا لها بعد ثمانية أشهر من اعلان نتائج الانتخابات التشريعية، أن تكون هادئة وتغلب فيها مصلحة الشعب العراقي، لاثلاثة من عتاة البعثيين الذين لم يقولوا كلمة طيبة في عراق مابعد المقبور، وراحت أصواتهم تلعلع في الفضائيات وترسل رسائل إلى الدول العربية، مفضلة حلولها لاستعصاء تشكيل الحكومة على الحلول في بغداد والبصرة وأربيل.

5- وهنا قرر رئيس البرلمان التصويت حول امكانية ادراج الوثيقة ضمن الجلسة الأولى أو يتم ابلاغها علنا وينتهي الأمر، فصوت 58 نائبا على ادراجها لا أكثر، ما حدا بانسحاب رئيس العراقية اياد علاوي ليتبعه أعضاء القائمة كلهم، وأومأ نوري المالكي للنجيفي بالاستمرار وسمع تصفيق واستمرت الجلسة، ثم سمع النجيفي يقول بأنه رئيس البرلمان ولم يعد عضوا في العراقية!، لكنه اثبت العكس بعد قليل ليتبع أعضاء قائمته ويترك إدارة الجلسة للنائب الأول، وقال قبل أن يترك مقعده "هناك نوع من عدم الثقة قد شاع بالجلسة، وإننا بحاجة إلى أن نكون أكثر إيجابية، خصوصا وإننا في بداية الطريق" ثم ترك قاعة البرلمان وكان حريا به البقاء حتى لا ينفرط عقد الجلسة التي انتظرها العراقيون طويلا وعلقوا عليها كل آمالهم بأربع سنوات جديدة في مسيرة العراق الديمقراطية!

6- وتواترت الأخبار حول فشل الرئيس الأمريكي أوباما باقناع علاوي الذي هاتفه، بالعودة إلى قاعة البرلمان من أجل اشتراك جميع الاطراف بعملية انتخاب رئيس للجمهورية لكنه لم يقتنع وقائمته، التي أعلنت "ان انتخابات رئيس الجمهورية وتأجيل مطالبهم، ما هي إلا انقلابا على الاتفاقية السياسية التي اتفق القادة السياسيون العراقيون عليها في انعقاد جلسة مجلس النواب"، وكان على علاوي الامتثال لرئيس أعظم دولة بالعالم هي راعية العراق واغتنام الفرصة لتسير الجلسة الأولى بدون ازعاجات وتقاطعات!

7- عاد النجيفي بعد نصف ساعة وتم انتخاب جلال الطالباني (77 سنة) لولاية ثانية، بحصوله على 195 صوتا من أصوات اعضاء البرلمان الذي حضروا جلسة التصويت، وعددهم 216 نائبا في الجولة الثانية من التصويت بعدما فشل في الجولة الأولى، فيما اسقطت 18 ورقة اقتراع بسبب بطلانها، ولست مع انتخاب الطالباني لولاية ثانية، ليس لكبر سنه حسب لكنه لم يثبت خلال ولايته الأولى أنه عراقي بل كردي ووجوده في السلطة لتنفيذ أجندات كردية وكنا كتبنا عن ذلك في مقالات سابقة.

8- واضح أن ثمانية أشهر من الحوارات والتفاهمات والتحالفات بين الكتل لم تخفف من حدة الصراع الذي خرج من وراء الكواليس إلى العلن، وأعيد انتاج المحاصصة الطائفية والقومية بالتوافق على انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، وكذلك رئيس الجمهورية وتكليفه لنوري المالكي بتشكيل الحكومة الجديدة، لكني شخصيا متفائل بالديمقراطية الوليدة التي تشهد تعثرا وعلينا جميعا اسنادها وتقويمها وتعزيزها، أنا أعتبر أن جلسة اليوم ومهما حدث فيها من خروقات وتصاعدت فيها ذروة الأزمات، انتصارا على الارهاب الذي راهن على سقوط التجربة الديمقراطية والعودة بالعراق إلى الوراء، وآمل أن تنهض الحكومة الجديدة بمهامها بعدما فهمت الدرس للسنوات الأربع الماضية وتنزع ثوب المحاصصة ولو بالتدريج، وأن تكون حكومة خدمات للشعب المحروم الصابر وتقف بوجه التحديات الأمنية وتحسن علاقاتها الخارجية وتفتح الأبواب للشركات والاستثمار، وأن يصدر البرلمان الجديد حزمة من التشريعات الكفيلة بالانتقال بالشعب والوطن إلى مرحلة جديدة في طريق التجربة الديمقراطية الوليدة.
 


11/11/2010
 

 

free web counter