الأحد 10/5/ 2009
كلمات -253-تفريغ خزينة ذي قار في وضح النهار!
طارق حربي
كتب الكتاب وكتبنا
صاح المخلصون وصحنا بأعلى أصواتنا : أن حزب الدعوة والمجلس والأحزاب الكردية والفضيلة والحزب الاسلامي كلهم كلهم لاأستثني منهم أحدا،لايستحقون شغل حتى وزارة خدمية فكيف بالعراق العزيز كله!؟
أكتب ذلك ليس من منطلقات التقاطع الفكري مع خطاب وتوجهات الأحزاب المذكورة التي نخرت العراق بفسادها، لكن في ضوء قراءة الواقع الخدمي ومشاريع الاعمار وملفات الفساد المالي والاداري وغيرها، فلو وضعنا الأحزاب المتحالفة على نهب العراق في الوزارة الخدمية لنهبتها وهو ماتفعله اليوم بشكل واسع في جميع الوزارات العراقية!
أنظر إلى الأحزاب الدينية المتصارعة في محافظة ذ ي قار على المناصب في السلطتين التشريعية والتنفيذية يقف شعر راسك، أنظر الكارثة التي تركها مجلس المحافظة القديم وكل أعضائه ممن يخافون الله واليوم الآخر، الصائمين المصلين القانتين، من مرتدي السواد في عاشوراء و (المسَبْكَينْ!!) للصيام قبل حلول شهر الطاعة والغفران!، وهل هنالك من هو أحرص منهم على حضور خطبة الجمعة لإمام جمعة الناصرية الشيخ الناصري، إنهم يبنون الحسينيات ويطعمون اليتيم، ويتعاركون مثل أعضاء برلمان الهَنا العراقي في موسم الحج على حجز المقاعد و..و..والحديث يطولُ!!
لقد فعلها مجلس محافظة ذي قار السابق إذ جعل المحافظة مرهونة لنحو 650 مشروعا بقيمة 720 مليار دينار، كان تعاقد عليها المجلس بدون غطاء مالي مع العديد من الشركات، ذلك ماصرح به السيد قصي العبادي رئيس مجلس المحافظة الجديد مرتين، الأولى خلال لقائه مع وسائل الاعلام في ذي قار قبل أيام، وخلال ندوة جماهيرية عقدت في بهو الادارة المحلية بالناصرية هذا اليوم.
أقرأ في كلامه بأن سنة 2009 ستكون مثقلة بعجز مالي مقداره 520 مليار دينار، أي أن المحافظة سترهن مستقبل اعمارها حتى العام 2011، ويكون المجلس الجديد مكبل اليدين لتنفيذ المزيد من مشاريع الاعمار، بالاستناد إلى تخصيصات هذا العام البالغة 170 مليار دينار، وعلى الطريقة العراقية سيئة الصيت (يمغرب خرب!) أثبت المجلس السابق أنه ارتكب أخطاء جسيمة في التخطيط لمشاريع، كان من المؤمل أن تنهض بالواقع الخدمي والعمراني في المحافظة، ولاأدري كيف انتخب أهالي محافظة ذي قار الكرام تلك النخبة ذات (العقول الاستراتيجية!) في التخطيط والعمل لأحزابها وجيوبها، ويخطىء من يقول لـ (شيعتها) وأضعها بين قوسين، لأن مناطقهم مهملة وحياتهم فيها من خلال الشكاوى اليومية تعيسة، أما رائحة الفساد الإداري والمالي الذي تنكبته الأحزاب الدينية الحاكمة في ذي قار فقد زكمت الأنوف وفاحت إلى العاصمة والعالم ووسائل الاعلام!
إن تخصيص مبالغ من ميزانية 2009 سيبقي المديونية للشركات بنحو 320 مليار للعام الذي بعده، وهي تركة ثقيلة فعلا، أما إذا كانت التخصيصات لسنة 2011 نحو 150 مليار دولارا، فمعنى ذلك أننا ذاهبون إلى نقص حاد في تخصيصات المشاريع، بالأحرى لن تكون هناك مشاريع حسب تصريح رئيس المحافظة الجديد هذا اليوم.
ثم أن التلويح بتشجيع الاستثمار بغرض تعويض النقص الحاصل في ميزانية المحافظة، باعتبار أن الاستثمارلايحتاج إلى رأس مال، والاعتماد على بعض الدوائر التي لها إمكانية القيام ببعض المشاريع، حتى لو كانت صغيرة فتعود بالفائدة، أو التشاور مع رئاسة الوزراء لتقديم مساعدة من ميزانية الطوارىء، كل ذلك لن يشفي غليل أهالي محافظة ذي قار، الذين خصصت لهم الحكومة الاتحادية ميزانية للنهوض بالواقع الخدمي المتردي، إن مثل هكذا استهتار بحقوق الناس وخطط تحسين حياتهم ومستقبل أجيالهم لو حدثت في أوروبا لأقيمت المحاكم العادلة وغرم المدانون وأرسلوا إلى السجون، لكن من أين لنا القانون الذي يضرب على أيدي المسيئين والمختلسين غير الشريعة التي لاتعترف بها مافيات العراق الجديد، وقانون العشيرة الذي يكفر بالدين ويسوغ أكل السحت الحرام.
أطالب بتقديم أعضاء مجلس المحافظة السابق إلى محكمة عادلة ومساءلتهم عن الاهمال وهدر الأموال وسوء التخطيط، فلعلهم يعيدون شيئا من الأموال بالاتفاق مع الشركات نفسها، الشركات التي تملكها أحزابهم أو لهم فيها أسهم أو قدموا رشاوى حتى ترسي عليهم المقاولات وكل شيء جائز في عراق اليوم، أطالب بتغريمهم إذا ثبت تهاونهم والحجز على أملاكهم المنقولة وغير المنقولة حتى يقول القضاء كلمته فيهم، أطالب بوضع كل ملفات العبث بالمال العام أمام أنظار مجلس المحافظة الجديد ليكون عبرة له وللحكومات المحلية القادمة.
9/5/2009