| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

                                                                                  الأحد 10/4/ 2011



كلمات -373-

ماذا وراء زيارة عمار الحكيم إلى مدينة الناصرية..!؟

طارق حربي

يزور عمار الحكيم (رئيس المجلس الاسلامي الأعلى) مدينة الناصرية الغارقة في ملفات فساد الأحزاب الإيرانية الحاكمة في العراق، لا باعتباره موظفا كبيرا في الدولة العراقية أو وزيرا، لكن موكبه المهيب أبهى ما يكون موكب رئيس أو وزير، وهو يخترق شوارع ذي قار الداخلية والخارجية * ولقاءاته بطلبة جامعة ذي قار، النخب السياسية والحكومة المحلية ورجال الدين ومضائف العشائر وغيرها، يحيل إلى أن اقطاعيات الجنوب الفيدرالي ما تزال ملعبا لرجال الدين وفي مقدمتهم الحكيم لاعتبارات معروفة، ما يعطي انطباعا أن البيئات الصحراوية التي كانت تحكم البيئات المائية والمدن النهرية في العهد المباد وقبله، صيغت من جديد بموشور الدين هذه المرة وليس القومية، وهكذا أصبحت وريثة أول الحرف والحضارة الناصرية تابعة للنجف وتأتمر بأمرها!

لم يحدث في التأريخ القريب أو البعيد أن تدخل أحد مواطني مدينة الناصرية، في حملة إعمار النجف وجلب استثمارات لها أو طريقة صرف ميزانيتها، أو شدد في محاضرة له بجامعة الكوفة على إطلاق منح الطلبة وغيرها، فلماذا يتدخل أهل النجف وكربلاء في الشؤون الداخلية لمحافظة ذي قار!؟

ضعف في الحكومة المحلية، أم أن الناصرية لا يحكمها أبناؤها لكن أبناء القرى والأرياف، أم السلطة الثيوقراطية الحاكمة في بغداد رهنت مدن العراق للمجهول وجعلتها برسم الدين والطائفية، أم هذه الأسباب كلها وسواها !؟

لا صفة رسمية لعمار الحكيم لكن له كل الصفات التي تجعل "اللملوم" يوسع له المجلس!، ويسمح له بالحديث عن الاستثمار، ذي الصلة المباشرة بحياة المواطنين وعقدهم الاجتماعي والأخلاقي مع الحكومة، في أكبر مؤسسة حكومية تشريعية في ذي قار (مجلس محافظة ذي قار ويحلو لي دائما أن أسميه مجلس اللملوم!) .

أولى محطات زيارة الحكيم كانت جامعة ذي قار فراح يدغدغ مشاعر طلبتها ويضرب على وتر عوزهم، مطالبا مجلس الوزراء بضرورة الاسراع بإطلاق مُنح الطلبة، لا عقل في ذي قار فصار لها عمار العقل المفكر والمدبر لشؤونها الدنيوية والمطالب بحقوقها من الحكومة الناقصة (الوزراء)، ليراكم عليها الضغوطات وهي في ذروة ضعفها وانهيارها، سعيا وراء الكسب الرخيص وتعويضا عن الفشل، الذي ذاقه المجلس الأعلى على يد شعب ذي قار في انتخابات مجالس المحافظات الماضية، وكان أهل الناصرية أول من طردوا حزب عمار الطائفي من قائمة الإدارة المحلية، فهل سيلحقون بهم الأحرار (الصدريين) في الانتخابات القادمة !

وكما في العالم المتحضر، حيث يكون رئيس الجامعة مسؤولا أمام ضميره وحكومته وبرلمانه، بالمحافظة على جامعته من التدخل والانتهاكات والتخريب والشذوذ، كان من المفروض أن لا يسمح رئيس جامعة ذي قار للحكيم بزيارة الحرم الجامعي وإلقاء محاضرة دينية، لأن لا صفة أكاديمية له، فهو ليس أستاذا زائرا يلقي محاضرة في العلوم أو الانسانيات أو غيرها، وجاءت الزيارة في وقت تتصاعد فيه دعوات الكثير من النخب والشخصيات العراقية، بضرورة إخراج الجامعات العراقية من ألاعيب رجال الدين والسياسة وأجنداتهم المشبوهة!

زار الحكيم عشائر الناصرية مادة المرجعية الدينية الأولى في تصريف الفتاوى، وكانت العشائر بفضائح "الصوبة والقداحة والبطانية وبيع الأصوات بالمجان والتزوير"، أرست كل نتائج الانتخابات البلدية والتشريعية الماضية لصالح الاسلام السياسي، فساءت أحوال شعب ذي قار من كل النواحي، ووصف عمار الناصرية في مجلس اللملوم بـ "زيت الانتفاضة ووقود ثورتها وما تمتلكة من مكانة عند آل الحكيم، ودورهم الكبير في إزاحة ظلم الطاغية وحكومتة البعثية"، وكان حديث يدور في فلك الماضي البعثي لا حاضر الخراب وعدم الاتفاق على الوزراء الأمنيين ببغداد، أو تدهور الخدمات في ذي قار وسبل النهوض بها، ناهيك بالفساد الذي وصفته منظمة الشفافية الدولية قبل نحو أسبوع قائلة بأن "الطبقة السياسية العراقية تدير أكبر عملية فساد في تأريخ الإنسانية"!

من جهة أخرى يريد عمار أن يسلب شعب ذي قار إرادته ويجير صوته لآل الحكيم لا غيرهم!، بعد صعود تيار الأحرار غريمه في الانتخابات الماضية إلى مجلس اللملوم، وهي كذلك جولة استباقية للانتخابات القادمة التي لمح لها رئيس البرلمان العراقي مؤخرا، بعد الفشل الذريع للحكومات الاتحادية والمحلية في إدارة الخدمات وتراكم ملفات الفساد في عموم العراق.

واستمع عمار " الى عدد من استفسارات وطلبات أعضاء مجلس ذي قار التي كان محورها المحافظة واحتياجات ابنائها " يا للهول..!!؟؟ مجلس ذي قار المنتخب يطلب وساطة رجل دين مع حكومة فاشلة أولا، ووساطة لتلبية احتياجات شعب ذي قار ثانيا!!؟ كم هي بائسة تلك الحياة التي يطالب فيها رجل دين - له أجندات سياسية واقتصادية مشبوهة - بحقوق المواطنين!؟، فيما هو واجب الحكومة المنتخبة التي ضحى الناخبون العراقيون بأرواحهم من أجلها، وخرجوا في اليوم المشهود من الملحمة البنفسجية، من أجل أن ترفع عنهم الأحزاب غمة الخمسة وثلاثين عاما من حكم البعث الجائر، لكنها سرقت ثرواتهم في مشروع الطائفية والاستثمار السياسي، وراحت تطلب لهم الفتات من الحكومة الفاسدة، لتجعل لها الحضوة لدى جماهير ذي قار في الانتخابات القادمة ضد الغريم الصدري!
فهل هنالك مسخرة أكثر من أن يطلب لنا عمار حقوقنا من حكومة المالكي الناقصة !؟

"ذي قار هي الحضارة والفكر ونموذج للتضحية والاسلام" و"أن البعث قد غيب العراقيين في قرارته وتشريعاته" نعم غيبها البعث الفاشي وذهب إلى مزبلة التأريخ وأصبح في عداد الماضي، لكن لما استلمتم حكم العراق العزيز صار الغياب غيبوبة طويلة!، ونهبتم ثروات العراقيين الذين تتباكون عليهم اليوم بستار الدين، غيبتم الحاضر ووضعتم العراق ومستقبله على كف عفريت!

كان لقاؤه برجل الدين محمد باقر الناصري بحسب الموقع الطائفي الذي يرعاه ويموله لتنفيذ رغباته في الناصرية " شهد طرح قضايا كثيرة منها مسألة قطع الاراضي الزراعية في محافظتي ذي قار وميسان التي لم تملك للفلاحين بسبب القرارات التعسفية للنظام الصدامي المباد"
و" فتح قناة جديدة داخل التحالف الوطني تضم جميع الاطياف وتتواصل فيما بعضها البعض لمتابعة القضايا التي تهم المجتمع وخاصة مناطق الجنوب المحرومة ، و" أن هناك الكثير من المشاكل لا تحتاج الى توافق سياسي وينبغي إنهاءها باسرع وقت "
" وتبادل الحكيم والناصري الحديث في أوضاع المحافظة والجهود المبذولة لحل المشاكل وتحسين الأداء بالشكل الذي يلبي طموحات وتطلعات أبناء الناصرية "
إسطوانة مشروخة : رجلا دين يناقشان قضايا دنيوية تهم شعب ذي قار ومستقبله، ولا يبقيان لمجلس اللملوم شيئا يقوله مما يقع ضمن واجباته وتشريعاته، التي من بينها العمل على إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة البائد، وتمليك الأراضي للفلاحين ومنحهم السلف الضرورية للنهوض بالواقع الزراعي، أما شعار "محرومية الشيعة" فهو في الحقيقة الشعار الذي تبناه المجلس الأعلى بعد التغيير 2003 ، ولعب عليه للحصول على مكاسب سياسية ومالية ضمن مشروع فيدرالية الجنوب، الذي انتبه إليه الشعب العراقي وقبره في مهده!

زيارة سياسية استباقية للانتخابات القادمة، بين أهدافها إعادة الصلة بشعب ذي قار بعد الخسارة القاسية الماضية، وتدخل سافر في شؤون محافظة ذي قار ومستقبلها وحياة مواطنيها، ما كان يجب أن يحصل كل هذا لو كانت هنالك حكومة محلية خليقة بشعب ذي قار وطنية ممثلة له ترعى مصالحه وتسهر على مستقبله، وتمنع كل من هب ودب وله مطامع سياسية واقتصادية، أن يجير الشعب وخطط تطوير المحافظة والاستثمار ورعاية الجامعة وغيرها، لأهدافه المشبوهة وأجنداته التي تجعل من ذي قار تابعة للبازار النجفي في الانتخابات، توزيع الثروات والنهوض بالخدمات وغيرها كثير.


10/4/2011


* (رحم الله قارئي المنبر الحسيني، الشيخين الوائلي والنويني، الذين كانا يقرآن في شهر محرم بالناصرية قادمين من النجف في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كانا بسيطين بلا حمايات أطواق من "البدي كارد" أو سيارات مصفحة، كانا يأتيان مشيا على الأقدام في شارع الحبوبي ليس معهما إلا مضيفهما وبعض من كبار السن في المدينة!)

 

free web counter