| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. تيسير الألوسي

  tayseer54@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 1/7/ 2009


 

كوردستان العراق والانتخابات المنتظرة
 (1)

الأستاذ الدكتور تيسير عبدالجبارالآلوسي *

تجري بـ - كوردستان العراق - في القريب خطوة ديموقراطية جديدة تتمثل بالانتخابات. وفي ظل هذه الأجواء وبالاتجاه نحو آليات تنفيذها لا يوجد أيّة حال مثالية معصومة من الخطأ أو الثغرات في اتخاذ قرار أو آخر من هذه الجهة أو تلك. وقد يعود ذلك أولا لسمة بشرية وثانيا لما تعكسه ظروف العمل وطبيعته وتوجهه أساسا لاستكمال جوانبه المختلفة في مسيرة النمو والتقدم..

فمثلا يجري اتخاذ قرار باستبعاد حزب من العملية الانتخابية لسبب أو آخر. والطبيعي أن تجري مسألة الاعتراض في هذه الحال وظيفيا وعبر القنوات الرسمية كيما تتم عملية تصحيح القرار بما يتفق والصائب في الحالة المعينة..

ولا أجدني هنا بحاجة لتوكيد أنّ هذه المسألة طبيعية تماما وهي بحاجة من جهة للصبر ومن جهة للتعاطي معها موضوعيا وبهدوء ونضج يشير لمستوى إدراكنا جزئيات الفعاليات الانتخابية وقوانينها...

وقد تجري احتجاجات وتداخلات محتدمة (سلبية أحيانا) بهذا الحجم أو ذاك.. ولكن الطبيعي أن نفكر بتغيير نهج العمل السياسي من النهج الراديكالي الحاد إلى النهج الذي يتفق ومسيرة تطبيع الحياة السياسية الجديدة القائمة على أساس الاحتكام للجمهور وتصويت الناخب. إذ لا يجوز هنا أن نجمع (قسرا) بين نهجين متناقضين في العمل السياسي يتعارضان إتلافيا. بمعنى أن من يريد الانخراط في عملية الانتخابات عليه أن يؤمن بتفاصيل لوائحها وقوانينها ويلتزم بها...

كما أن انتقاد سياسة عدد من الشخصيات أو الأحزاب لا ينبغي أن يتحول لعمليات إلغاء ومحو كل إيجابي من قائمة عمل الآخر بطريقة الأبيض والأسود والمقياس أو المعيار هو قوانين جهة الحكم على الآخر. هذا فضلا عن إشكالية خلط أخطاء الموظف وفساد بعض الإدارات بطريقة (تضليلية) أحيانا لـتُستخدم فقط بغاية المهاجمة والتشويه أو الطعن بطرف أو الثأر منه...

والصحيح في الحياة الديموقراطية والعملية الانتخابية هو مزيد من المصداقية كيما يطلب الناقد كسب ثقة الناخب وتقديم نفسه بطريقة موضوعية بديلة وتداولية لا تلغي الآخر بقدر ما توضح مسؤوليته عن قصور أو ثغرات في برامجه بما لا يرتقي لدرجة تجريمه والطعن فيه والانتقام منه...

الصائب في العملية الانتخابية البحث في البديل السياسي المتمكن من إدارة الأوضاع عبر برنامج يُقنع الشعب ويجذبه للتصويت لصالحه والشعب يتحمل مسؤولية تبني الجهة المنتخبة وهو الذي يغيرها انتخابيا بطريقة هادئة وتداولية..

وعليه فإنني أجد عند (بعض) القوى خطابات انتخابية متشددة أو حتى متشنجة بما يتجاوز ثقافة الفعل الديموقراطي عندما يتحدث هذا [البعض] في حملة انتخابية عن جريمة لم تُقدم للقضاء ولم يُحكم فيها عبر الجهاز القضائي؛ ما يعني تحويل التهمة لتجريم لا يجيزه القانون ولا تجيزه قواعد الآليات الانتخابية والعملية الديموقراطية السلمية ومنطق آلياتها مثلما لا يحق لأحد أن ينصب نفسه منصب القاضي وهو الخصم...

إن مشاركة أيّ طرف في الانتخابات تعني قناعته بالقوانين التي تضبط الجميع سواسية بالحقوق والواجبات وعدم نجاح طرف في أداء مهمة لا يبيح تجريمه بقدر ما يشير لحاجة لتغيير بأمر ما و\أو تداول بالسلطة بما يتيح حلولا أفضل للمعضلات التي تجابه المجتمع ولا يتضمن هذا حال إقصاء أو إلغاء أو تجريم وانتقام...

وفي كوردستان العراق بدأت التجربة الانتخابية في ظروف معقدة معروفة واستمرت بفضل حرص حركة التحرر القومي التقدمية الكوردية وزعاماتها التقليدية المعروفة وبتضافر جهود مختلف القوى التي اشتركت في تطبيع أوضاع الإقليم في أحلك الظروف...

وما أعتقده مفيدا يدخل في التفاعل بين مختلف القوى إيجابيا بحيث لا تلغي قوة جهد أخرى ولا تمحو سلبية ُ أو ثغرة وطنية َ جهة أو زعامة؛ بقدر ما تقتضي التشخيص وتحديد الأسباب والمعالجات...

ويُنتظر من الزعامة الكوردستانية اليوم أن تمضي في قراءة معالم الخلل وتدرس بما تراكم لها من خبرات وبروحها التقدمي العلماني الموضوعي كيما تستمر في تطوير الإقليم وتطمين مصالح أبنائه.. فحركة التحرر القومي والوطني الكوردية ما زالت تمتلك إمكانات الفعل والتغيير وإدارة المسيرة...

إنَّ ظهور تحالفات انتخابية لا ينبغي قراءته بطريقة الأخوة الأعداء بل يلزم قراءته بوصفه أداة للديموقراطية ووسيلة للانتخابات كيما تفرز الخيارات الشعبية للبرنامج الأنضح حسب رؤية الناخب ومَن سيخوله لأداء ذياك البرنامج..


وللحديث بقية...


*
 باحث أكاديمي في العلوم السياسية \ ناشط في حقوق الإنسان







 

free web counter