| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 ﺸﻪﻤﺎﻝ عادل سليم

www.sitecenter.dk/shamal

 

 

 

الأحد 16/12/ 2007

 

ستبقى الأزمة مستمرة وان انتزع فتيلها مؤقتاً ....

شه مال عادل سليم

شهدت العلاقات العراقية التركية طوال الشهور الماضية توترأ شديدا على خلفية الأتهمات الموجهة الى اقليم كوردستان باحتضان مقاتلي حزب العمال الكوردستاني وتسهيل تحركاتهم وهجماتهم ضد الجيش التركي , وقد بدا التوتركالعادة بحشود عسكرية تركية ضخمة واجراء مناورات عسكرية على الحدود العراقية واعلان قائد الجيش التركي يشار بيوكانيت حربا معلنة ضد حكومة الاقليم بحجج واهية , فيما اجمعت التقارير على ان هذا التصعيد من قبل تركيا ماهو الا محاولة لتصدير ازماتها الداخلية والخارجية الى الأخرين عبر فرض شروط تعجيزية على الاقليم , وانطلاقا من هذا الفهم حدد رئيس الوزراء التركي بعض الشروط للحوار مع العراق , على سبيل المثال لا الحصر :- وقف دعم حزب العمال الكردستاني , تسليم قادة الحزب ,غلق مقراتهم ...ولم يكتفوا بذالك حتى طلبوا اسماء بعض الشخصيات من اكراد العراق الموالين ﻠ(
PKK ) لتسليمهم الى تركيا ...ومن الجدير بالاشارة ان تركيا ترفض التعامل مع حكومة الاقليم واعلنت موقفها مرارا خاصة بعد سقوط الصنم حيث صرحت في محافل عديدة بان علاقتها مع الاقليم تمر عبر بغداد........ ومن هذا الفهم حددت تركيا شروطها للحوار مع بغداد ورفضت رفضا قاطعا استقبال وفد حكومة الاقليم لانها لاتعترف بها اطلاقا ...! , وردت حكومة الاقليم بشكل واضح وصريح بانها ترفض املاء الشروط وسياسة الابتزاز والتهديد والوعيد , وبنفس الوقت استعدادها للحوار الجاد والمسؤول , ومن هنا فوتت الفرصة على تركيا بشن الحرب بحجة محاربة حزب العمال الكوردستاني عن طريق ضبط النفس وعدم الانجرار الى الاستفزازات والدعوة الى تحكيم العقل .
وليس مصادفة ان يأتي التصعيد التركي الاخير في وقت يشتد فيه المأزق الحاد الذي تعيشه الحكومة التركية على الصعيدين الداخلي والخارجي في ظل تفاقم ازماتها الاقتصادية والسياسية , حيث يزداد الغضب الشعبي ونشاط قوى الديمقراطية والاحتجاجات المعادية لسياسة النظام التركي حتى داخل برلمانها ومن شخصيات كوردية و تركية مهمة تحظى بشعبية كبيرة داخل تركيا تطالب باتباع الانفراج في سياسة تركيا وفتح نوافد التنفس للشعوب القاطنة في تركيا ومنها الشعب الكوردي الذي حرم من ابسط حقوقها المشروعة داخل اطار الدولة التركية كما اعتبروا فيدرالية اقليم كوردستان شأن عراقي داخلي وليست تهديدا على امن وسلامة تركيا مادام الاكراد لايتدخلون في شؤون تركيا الداخلية من جهة، وانها قررت من قبل الشعب الكوردستاني كشكل من اشكل حق تقرير المصير من جهة اخرى .
كما ان رفض طلب تركيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي بسبب سجلها الحافل بإنتهاكات مروعة لحقوق الانسان وتصريح بعض الدول مجددا لمعارضة انضمامها الى الاتحاد و التي تزامنت مع التحشدات والمناورت الاخيرة لتركيا على الحدود العراقية على سبيل المثال لا الحصر فرنسا .. زاد من تفاقم ازماتها بشكل كبير ......
ان النظرة المتفحصة لخلفية الازمة الراهنة تقونا الى حقيقة ساطعة الا وهي ان المشاكل التي تعاني منها تركيا هي نفس المشاكل تقريبا التي تعاني منها منطقتنا المليئة بالتوترات والتناقضات والتناحرات ولكن بصبغة اخرى ...فسياسات حكوماتنا مبنية على الاستعداء والاستفزاز وخرق المعاهدات والاعراف الدولية رغم التوقيع والموافقة عليها ,اي مبنيةعلى داء الازدواجية او شيزوفرينيا في التعامل والتي ادّت الى هذه القطيعة الجذرية التي نعيشها ...
نعم ان مشاكلنا هي من صنع محلي بحت نابعة من عقول شمولية , مركزية , عدائية تجاه الاخر وحقوقه المشروعة و مبنية على الاستعداء والاستفزاز وخرق المعاهدات والاعراف الدولية شئنا ام ابينا والا لماذا اصبحت منطقتنا بشكل عام مسرحا للحروب والاقتتال والتناحرات والغاء الاخر ؟ هل فعلا بسسبب النفط واطماع الدول الكبيرة فيها ام بسبب غياب العقل والمنطق ؟ وعلى هذا الاساس اعتقد جازما بان الازمة ستكون مستمرة وان خطر اندلاع الحرب والاجتياح قائم في كل وقت ترى تركيا او اية دولة اخرى بان تصدير مشاكلها سوف يخفف عنها ثقل ازماتها التي تهزها وتهددها في عقر دارها ..لان تصدير المشاكل والازمات الى دول الجوار هو الحل الوحيد لاستمرارتلك النظم اللاديمقراطية على سياساتها المعادية تجاه شعوبهم وشعوب المنطقة ...وان لغة التهديد والوعيد والحرب والاجتياح هي بديل لحل الازمات والمشاكل ... نعم ان هذا الترجع هو حل مؤقت مادامت حكومة تركيا مصرة ومتمسكة بنهجها الاستعدائي وسياساتها القديمة الجديدة , سياسات القهر والصهر القومي ومعاداة ابسط حقوق الانسان ....

الدبلوماسية والحوار حفاظا على تجربة الاقليم .......
ان تصور حكومة الاقليم لحل الازمة الحالية يتضمن جملة افكار هامة وفي مقدمتها دعوة الى استئناف الأجتماعات المشتركة ولكن باشراكها ايضا كطرف و كجزء من المشكلة . . اي تكون تركية , عراقية , امريكية وكوردية ...لايجاد المخرج او الحل السليم من قبل الاطراف المعنية لتخفيف وتيرة تصعيد مخاطر الحرب والاعلان المشترك على العمل لتحقيق الامن المتبادل وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية من بلد فى بلد الاخر ...
كما هو معروف ان تجربتنا في اقليم كوردستان بكل اخطائها ونواقصها ومشاكلها، واحة لتجربة ديمقراطية جديدة في نوعها في تاريخ العراق والمنطقة بشكل عام , صنعت ببحور من الدم والدموع والتضحيات الجسام من خيرة ابناء الشعب الكوردي والتي هي جزء لا يتجزء من نضال الشعب العراقي وتضحياته العظيمة من اجل الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة ....
وان كوردستان هذه الارض الطيبة التي خضبت بدماء ابنائها وابناء جميع الوان الطيف العراقي ما تزال معقلا امينا لكل احرار العراق الذين يناضلون من اجل عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي خالي من الارهاب والارهابيين .... ومن هذا المنطلق وحرصا على سلامة وامن الاقليم تحركت حكومة اقليم كوردستان ومعها الاحزاب الرئيسية والفاعلة على الساحة بشكل سريع لايجاد حل مناسب لهذه الازمة رغم انها ليست طرفا فيها اطلاقا وكما جاء على لسان رئيس الاقليم بان حكومة الاقليم لاتسمح لاي جهة كانت ان تشن الهجمات ضد الدولة التركية او اي دولة جارة اخرى وان اعضاء هذا الحزب موجودون في مناطق جبلية وعرة على المثلث الحدودي .....
ورغم ذالك لم تقف حكومة الاقليم وقفة المتفرج , بل قامت بجملة من الخطوات السريعة لاظهار حسن نواياها من جهة ولايجاد مخرج للازمة يضمن مصالح البلدين وابعاد خطر اندلاع حرب جديدة في المنطقة التي ان اندلعت ستسفر لامحال عن نتائج مدمرة وكارثية وتجر المنطقة الملتهبة اساسا الى كوارث لا تحمد عقباها من جهة اخرى , فقامت بجهود دبلوماسية كبيرة لاطلاق سراح الجنود الاتراك الذين تم اسرهم من قبل حزب العمال الكوردستاني داخل الأراضي التركية , اغلاق مقرات حزب الحل الديمقراطي الكوردستاني(
PCDK ) الموالي لحزب العمال الكوردستاني في الاقليم ووقف نشاطه رغم ان الحزب المذكور لم يكن حزبا محظورا وقد شارك في الانتخابات ككيان كوردي عراقي مستقل بدون اي اعتراض من اي جهة رسمية تذكر وان للحزب نفوذه وشعبيته ومقراته وجماهيره في عموم العراق وليس في الاقليم فقط , تكثيف نقاط التفتيش ووضع السيطرات والعمل بشروط جديدة وصارمة في مطارات الاقليم واجراءات امنية مكثفة اخرى ..... كما ابدى استعداده للوساطة بين تركيا وحزب العمال الكوردستاني للوصول الى حل مقنع للمشكلة الكوردية في تركيا وحل الازمة بالطرق الدبلوماسية والحوار .......
هنا لا بد لنا ان نذكر في ظل هذه التعقيدات والتطورات دور تلك الدول التي بذلت ايضا جهودا كبيرة بجانب الحكومة العراقية وحكومة الاقليم من اجل نزع فتيل الازمة وخاصة روسيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الاوروبي والتي دعت الى اعتماد الحوار كوسيلة لحل الخلاف بين الطرفين واللجوء الى لغة العقل والمنطق لحل المشاكل ......
اخيرا ... فان المراقبين والمهتمين بشؤون المنطقة يجمعون على ان تخفيف الازمة ووقف قرع طبول الحرب لا يعني اطلاقا انحسار خطر الاجتياح وانتزاع فتيل التوتربشكل نهائي مع تمسك تركيا بنهجها العدائي وغضها النظر عن نواقصها ومشاكلها ... اي لابد لتركيا ايضا ان تعمل من اجل : ـــ

اولا ــ ان تعالج ازماتها الداخلية (الاقتصادية والسياسية والاجتماعية) والمتمثلة في الحوار السياسي الجدي حول جميع المشاكل داخل قبة البرلمان وفي مقدمتها اعترافها بالشعب الكوردي وحقوقه المشروعة داخل اطار الدولة التركية واللجوء الى قوة القانون وليس الى قانون القوة في حل مشاكلها الداخلية ...

ثانيا ـ ان تكف عن تعليب المشاكل وتجميدها الذي لا يأتي بالبدائل اطلاقا .....فهي ملزمة بإجراء تغييرات سريعة و عملاقة في سياساتها الداخلية والخارجية لاجتياز العوائق التي تعيق تطورها وتخنقها داخليا وتعزلها عن محيطها الخارجي .. ....

ثالثا ــ تركيا تعرف جيدا بان عزلتها الخارجية ورفض طلبها الانضام الى الاتحاد الاوروبي هو اولا واخيرا بسبب سجلها الحافل بانتهاكات حقوق الانسان ودستورها الذي يتعارض اصلا مع الدساتير في دول العالم المتحضرودستور الاتحاد الاوروبي بشكل خاص ..... لذالك يجب ان تعمل لتغيير البنود التي تتعارض مع ابسط حقوق الانسان في دستورها وان تحرم التمييز ايا كان نوعه وتكفل حرية الرأي والمعتقد على ارض الواقع ...........
رابعا ــ على الحكومة التركية الاعتراف باقليم كوردستان وبفدراليته التي قررها شعب كوردستان كشكل من اشكال حق تقرير المصير, باعتباره واحدا من اهم الحقوق المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى من العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وبالحقوق المدنية والسياسية والصادرين عن الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1966 , حيث اكدتا على حق جميع الشعوب في تقرير مصيرها وحرية تقرير مركزها السياسي …

خامسا ــ الأستجابة لمبادرة حزب العمال الكوردستاني والتي تمثلت بوقف اطلاق النار وتقديم شروطه السبعه للحوار الجاد والوصول الى حل جذري لمشاكل شعب يناهز عدد سكانه اكثر من 20 مليون نسمة والذي حرم من ابسط حقوقه القومية , وعليها ان تتعامل مع الحزب المذكوربشجاعة و كواقع ونتيجة حتمية لسياسة القهر والغاء الاخر والقمع التي تمارسها ضد الشعب الكوردي ....
نعم ... ان وضع حزب العمال الكوردستاني على لائحة المنظمات الارهابية واختظاف قائد الحزب وسجنه في زنزانة انفرادية في ايمرلي ادت الى نتائج عكسية مدمرة على تركيا بشكل خاص ....لذالك المطلوب من تركيا اليوم وبالحاح مراجعة نفسها وان تنظر الى جوهر المشكلة بجدية , طبعا لحلها سلميا وحضاريا ...
ان اعتراف تركيا بوجود شعب كوردي في تركيا وضمان كامل حقوقة المشروعة في الدستور التركي هو الحل الاسلم لمشاكل تركيا المستعصية وهو الحل الوحيد على طريق الخروج من ازماتها الداخلية وبدونها ستبقى المنطقة في حالة مجابهة وتهديد بالاجتياح العسكري الذي لا يعرف احد نتائجه لو اندلع حريق الحرب .




 

 


 

Counters