الإِنْسَان مِنْ علْيائِهِ .......
( عَنْ حَيَواناتِ التَجارُب )
شذى توما مرقوس
الإِنْسَانُ كَائِنٌ يُحِبُّ العُنْف ويَسْتَلِذُّ بِهِ ، إِنَّه يَحْمِلَهُ تَحْتَ جِلْدهُ وفي مَساماتِهِ، وكُلَّما أُتِيحَت لَهُ الفُرْصَة نَفَثَهُ في وُجُوهِ الآخرين ، اسْتِخْدام الحَيَوانات لِلتَجارُب شَكْلٌ مِنْ أَشْكالِ هذا العُنْف ، الهَدَف هو الحَيَوان .
.... وأَنْتَ تَتَناولُ الدَواء ، تَذكَّر أَنَّ حَيَواناً مسْكِيناً بَرِيئاً لاذَنْبَ ولامَصْلَحةَ لَهُ فيما لكَ قَدْ عُذِّبَ واحْتُجِزَ في قَفَصٍ ، فقُطِع عَنْ بِيئَتِهِ الطَبِيعِيَّة وحَيَاتِهِ العادِيَّة ، واُسْكِنَ القَفَص رُغْماً عَنْهُ ، لَيْسَ لَهُ مايَفْعلَهُ سِوَى الانْتِظار وتَحمُّلِ الآلامِ المُبْرِحة الَّتِي سُقِي بِها دُوْنَ أَنْ يَنالَ عِلاجاً ومُسكِّناً لآلامِهِ ، وحِيْنَ انْتَهت الحاجة إِلَيْهِ قُتِلَ ورُمِي بِهِ إِلى القُمامة ، أَوْ سلَّةِ الزِبالةِ ، وفي أَفْضَلِ الأَحْوالِ فُرْن الحَرْقِ ..
حَيَاةٌ كامِلَة لِحَيَوانٍ بَرِيءٍ أُعْدِمَتْ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَتَناولَ الدَواءَ المُعالِج لآلامك مُقابِل آلامٍ لا تَتَوقَّف لِلحَيَوان ، أَوْ تَسْتَخْدِمَ لِهَوى في نَفْسِك قَلَمَ تَلْوينِ الشِفاه ، أَوْ أَحْمَرَ الخُدُود ، أَوْ إِحْدَى الكرِيمات ، أَوْ تَسْتَعْمِلَ مَسْحُوقاً مِنْ مساحِيقِ الغسِيل ، أَوْ مَنْتُوجاً كيميائياً ، أَوْ تَتَناولَ مُنْتَجاً ما تَمَّ تَرْويجهُ في الأَسْواق ....
هذا الحَيَوان البَرِيء ولِدَ في الأَسرِ أَوْ سِيق إِلَيْهِ فلَمْ يَعْرِف شَيْئاً عَنْ حَيَاتِهِ الطَبِيعِيَّة ، وُضِعَ في القَفَصِ لا نَشَاطَ يُزاوِلَهُ لِيُحافِظَ على قُدُراتِهِ الذهْنٍيَّة والبَدَنِيَّة ، ولا مَساحة كافِيةً يَتَحرَّكُ فيها ، مُقَيَّدُ الحَرَكة ، لاطعامَ يَتَلذَّذُ بِهِ كما في مَجْرَى الحَيَاةِ العادِيَّة ، فَقَطْ يَنْتَظِرُ ويُعاني مِنْ آلامِهِ جَرَاء ما جُرِّب عَلَيْهِ ، أو يُعاني مِنْ تَشوُّهاتٍ أَصابَتْهُ جَرَّاء ذلِك تَحدُّ مِنْ حَرَكتِهِ ، أَوْ رُؤْيتِهِ ، أَوْ ...... إلخ ، أَوْ تَضُرُّ أَجْهِزَتِهِ الدَاخلِيَّة ، أَوْ جِلدِهِ .... إلخ ، ولايَنالُ حَتَّى المُعالجَة مِنْ جَرَّاءِ ماتَعرَّضَ لَهُ ، أَضِفْ إِلى ذلِك سُوءَ المُعاملَةِ لانْعِدامِ قِيمةِ الحَيَوانِ وقِيمةِ حَيَاتِهِ ، ثُمَّ غِياب الرَقابَةِ الحَافِظَةِ لِحُقُوقِ الحَيَوان ، وفي النِهايةِ مَصِيرَهُ القَتْل والتَخلُّصِ مِنْهُ ....... لأَجْلِ الإِنْسَانِ فَقَطْ .
الحَيَوانات الَّتِي أَمْكَنَ تَسْرِيحها مِنْ الأَسرِ ( وعَدَدها قَلِيلٌ جِدَّاً فمُعْظَم الحَيَواناتِ يَتِمُّ التَخلُّصُ مِنْها في النِهايةِ ولايُطْلقُ سَراحُها ) تُعاني مِنْ كآبة شَدِيدة خُصُوصاً الكِلاب ، القِردَة ، القِطط ..... إلخ .
قَدْ يَتساءلُ البَعْضُ : ما الضَرَر مِنْ أَنْ يَبْقَى الحَيَوان أَسِير قَفَصِهِ ولايَفْعلُ شَيْئاً فهو حَيَوان ، مُجَرَّد حَيَوان ، وما الَّذِي سَيَفْعلَهُ لَوْ كانَ طلِيقاً ؟
إِنَّ الحَيَوانات تَسْتَلِذُّ حَيَاتها وتَسْتَمْتِعُ بِها كالبَشَر ، فلِكُلِّ حَيَوانٍ كيْفَما اخْتَلَفَتْ درَجة تَطوُّرِهِ نِسْبَة مِنْ الذَكاءِ تُوازِي حاجتَهُ لِلحيَاةِ مِنْ حَرَكةٍ ولَعِبٍ وتَنَقٌّلٍ ومُراقبَةٍ وفُضُولٍ لاكْتِشافِ البِيئةِ المُحِيطة بِهِ ، وأَيْضاً لَذَّة التَعبِ والمُغامرَةِ في البَحْثِ لِلحُصُولِ على طعامِهِ ، أَوْ بِناءِ الوَكْرِ ، أَوْ العِشِّ ، أَوْ .... إلخ ، كما لَذَّة تَعرُّفِهِ على العالمِ المُحيطِ بِهِ والحَيَواناتِ المُخْتَلفةِ عَنْهُ .
باخْتِصار لَدَيه الكثِير لِيَعيشَهُ ويُجرِّبَهُ ويُكوِّن خِبراتِهِ الخاصةِ عَنْهُ ، وبِالتَالي لِحيَاتِهِ قِيمة ككائنٍ حيٍّ تُوازي قِيمة حيَاةِ الإِنْسَان .
كُلَّ هذهِ الحيَاتيات يُحْرَمُ مِنْها وهو أَسِيرُ قَفَصِ التَجارُبِ لاقِيمةَ لَهُ ، لا أَحَدَ يَهْتَّمُ لَهُ أَوْ لِما بِهِ ، مُحْتَقَراً ، يَتَلقَّى أَرْذَلَ المُعاملة وغالِباً أَعْنَفَها : الضَرْب ، الحَجْز ، الأَلَم المُبَرِّح مِنْ جَرَّاء ما جُرِّبَ عَلَيْهِ ، التَشَوُّهات ...... إلخ ، ورُبَّما قَطْع الماء أَوْ الطعام عَنْهُ ، فنَوْعُ التَعْذِيب يَتْبَعُ الغاية مِنْ التَجْرُبَة ، نَاهيك عَنْ إِنَّ الضَرْب قَدْ يَتَسبَّبُ أَحْياناً في كسْرِ الرِجْلِ ، أَوْ القَدَمِ ، أَوْ إِصابَةَ العِيْنِ بِجِراحٍ ، أَوْ كُلّ ماهو مُمْكِن جَرَّاء الضَرْبِ والجَرِّ والتَقْييدِ والرَكْلِ ............... إلخ ، كما إِنَّ الحَيَوان يَكونُ وحِيداً ومَعْزولاً في قَفَصِهِ عِن الحَيَواناتِ الأُخْرَى ، عِلْماً بِأَنَّ الكثِير مِنْ الحَيَواناتِ في بِيئتِها الطَبِيعِيَّة ومَجْرَى حَيَاتِها العادِيَّة تَعِيشُ في مَجْموعاتٍ كالكِلابِ ، القِرَدة ، ........ إلخ .
لَمْ أَقْرَف الإِنْسَانَ كما يَبْلُغُ مِنِّي هذا الشُعُور أَقْصاه حِيْنَ أُفكِّرُ فيما يُمْكِنُ أَنْ يَكونَ عَلَيْه حالُ الحَيَواناتِ المُخَصَّصةِ لِلتَجارُبِ في مُخْتَبراتِ البَشَر ، إِنَّهُ أَشَدُّ المَواضيعِ إِيلاماً لِلنَفْسِ والَّذِي يَفْضَحُ عُنْفَ الإِنْسَانِ على الحَيَوان ولامُبَالاتِهِ بِمصيرِ الكائناتِ الأُخْرَى ، هذهِ اللامُبَالاة الَّتِي تَتَوقَّفُ فَقَطْ عِنْدَ حالِ مَصيرِهِ هو .
كُلَّ مَنْتُوجٍ ( طُبِّيّ : كالأَدْويةِ بِأَنْواعِها ، تَجْميليّ : كالكرِيمات والمُعطِرات ومساحيقِ التَجْميلِ وغَيْرها ، كيميائيّ : كمساحيقِ ومحاليلِ التَنْظِيفِ والغَسْلِ .... إلخ ) وعدِيدٌ مِنْ المُنْتجاتِ الأُخْرَى قَبْلَ أَنْ يُسْمح بِنُزولِهِ إِلى الأَسْواقِ لِلتَعاطي في مُخْتَلفِ الاحْتِياجاتِ الإِنْسَانيَّة تَتِمُّ دِراستَهُ وتَجْربتَهُ واخْتِبارِ تَأْثِيراتِهِ ونَتائجِهِ في المُخْتبراتِ بِتَجْرِيبِهِ على الحَيَواناتِ ( عَمَلاً بِالقَناعَةِ الإِنْسَانيَّة ) لِضَمانِ أَمانتِهِ وتَأْكيدِ مَفْعولِهِ الإِيجابيّ بِالنِسْبَةِ لِلمُسْتَخْدِمِ الإِنْسَان وعَدَمِ تَسْبيبِ أَيَّةِ أَضْرارٍ لَهُ .
أَمَّا عَن الحَيَواناتِ المُسْتَخْدَمةِ لِهذا الغَرَضِ فالمِسْطَرَة عرِيضَة ومُتَنوِّعة :
الفِئران ، الكِلاب ، القِطط ، الأَرانِب ، الجرْذان ، القِردَة ، خنازِير غينيا ، خَنْزِير البَحْرِ الصَغير ، الأَبْقار ، الخُيُول ، الخِراف ....... إلخ .
بَعْض طُرُق تَجْرِيب ذلِك على الحَيَواناتِ المُخْتَبرِيَّة المُباح الاعْتِداء عَلَيْها : ـ
1 ــ الحَقن بِأَنْواعِه ِ .
2 ــ التَجْرِيع ( عَنْ طرِيقِ الفَم ، أَوْ فَتحات تُشَقُّ في عُضْوٍ مِنْ الأَعْضاءِ كالمَعِدَةِ أَوْ البَلْعوم ، أَوْ أَيِّ عُضْوٍ يُرادُ دِراسةَ التَأْثِيراتِ عَلَيْهِ واسْتِخْلاصِ النَتائجِ ) .
3 ــ الرَّشّ ( كرَشِّ المَنْتُوج مُباشَرَةً في العيونِ ، أَوْ على الوَجْهِ ، أَوْ ..... إلخ ) .
4 ــ الدَّهْن ( دَهْن المادَة مُباشَرَةً على الجِلْدِ في المَنْطَقةِ المُراد دِراسةِ تَأْثِيرِ المادَةِ عَلَيْها وفَحْصِ نَتائجِها ) .
5 ــ اسْتِخْدام القَطرات لِلعَيْنِ أَوْ الأُذنِ أَوْ الأَنْفِ أَوْ الفَمِّ ، أَوْ ...... إلخ ، بِحَسَبِ وُجْهةِ التَجْرُبةِ والبَحْثِ والمادَةِ المُرادِ دِراستِها وبَحْثِ نَتائجِها على الجِسْمِ البَشَرِيّ .
6 ــ الإِزالَة والبَتْر : كإِزَالةِ عُضْوٍ ما مِنْ الجِسمِ كُلِيَّاً أَوْ جُزْئيَّاً ، ورُبَّما إِعادَة زَرْعِهِ بِما يَقْتَضي أَهْداف البَحْثِ وغاياتِهِ .
7 ــ الزَرع : كزَرْعِ خلايا سرطانيَّة في جِسمِ الحَيَوانِ لِإِمْراضهِ اصْطِناعيَّاً ...... إلخ .
8 ــ طُرُقٌ أُخْرَى مُتَنوِّعة .
النَتائج : ــ
قَدْ يُعاني الحَيَوان مِنْ واحِدَة أَوْ أَكْثَر مِنْ النَتائج المُدْرَجة أَدْناه :
- مُعاناة الحَيَوان مِنْ آلامٍ شَدِيدة .
- ضُعْف في العَضلات نَتيجة مَحْدوديَّة اسْتِخْدامها مِمَّا يُضْعِفُ اللياقة البَدنيَّة لِلحَيَوان ، أَيْضاً إِمْكانيَّة ضُمور العَضلات وارِدَة ، فالمَعْروف مثَلاً إِنَّ حَبْسَ الطَيْر في قَفَصٍ دُوْنَ أَنْ يُتاح لَهُ مجالٌ لِلطيرانِ يُؤْدي إِلى إِضْعافِ العَضلاتِ المُساعِدَة في الطيرانِ وتَراجُعِ بُنْيانِها كما القِرْدُ الحبيس القَفَص يَفْقِدُ لياقتَهُ العَضلِيَّة لِمَحْدوديَّة أَوْ انْعِدامِ حَركتِهِ .
- الإِصابَة بِالعاهاتِ المُخْتَلِفَةِ ( العَرَج ، العَمَى ، الصَمَم ، تَعْطيل حاسة الشَمِّ ..... إلخ ) .
- إِصابات الجِهاز التَنَفُسِي ، اللِمْفِي ، الهَضْمِي ، التَناسُلِي ، البَوْلِي ...... إلخ .
- إِصابات الأَغْشِية الداخلِيَّة كغِشاءِ البرِيتون ( الصفاق ) ، غِشاء الجَنْبِ ...... إلخ .
- إِصابات الغُدَد بِالأَضْرارِ : الداخلِيَّة أَوْ الصَمَّاء (الغُدَّة الدَرقِيَّة ، الكظرِيَّة ، النُخامِيَّة ، البَنْكرياس ، الصنوبرِيَّة ، التيموسِيَّة ) ، أَوْ القَنوِيَّة اللاصَمَّاء ( الغُدَّة اللُعابِيَّة ، الدَمْعِيَّة ، العرقِيَّة ) .
- إِصابات الجِلْد ( جُرُوح ، قُروح ، الْتِهابات ، حُروق ، حكَّة ..... إلخ ) كحالاتِ تَجارُبِ المُنْتَجاتِ الكيميائِيَّة على الحَيَوانات .
- بِالإِضافَةِ لِكُلِّ ماذُكِرَ هُناك التَشَوُّهات النَاتجة عنْ تَأْثِير المَنْتوج فنَرَى الحَيَوان المُخْتَبرِيّ يَمْلِكُ تَرْكيباً جسْمِيَّاً زائداً في مَوْضِعٍ ما ، أَوْ غَرِيباً في تَكْوينِهِ وشَكْلِهِ ، أَوْ تَكوُّن أَوْرام وسرطانات ، أَوْ غَيْرَها مِنْ التَرْكيباتِ المُشاكِلة .
- مِنْ أَشَدِّ النَتائجِ خَطَراً في هكذا بُحوثٍ وتَجارُبٍ هي الكآبة الَّتِي تُصيبُ الحَيَوانات المُحْتَجزَة المَعْزولة عَن البِيئةِ الخارجِيَّة عزْلاً تَامَّاً فهي تَعِيشُ حيَاتها أَسِيرَةً في قَفَصٍ لاتَعْرِفُ مِنْ بَهْجةِ الحيَاةِ أَمْراً ولاتَذوقُ غَيْرَ الأَلَمِ والمرارَةِ ، بِالإِضافةِ إِلى أَنْ هذه الحَيَوانات تَكونُ مَعْزولةً في الغالِبِ عَن الحَيَواناتِ الأُخْرَى الَّتِي معيَّتها في المُخْتَبرِ حَيْثُ لا اخْتِلاط فكُلُّ حَيَوانٍ يُعاني في قَفَصِهِ ..
يُمْكِنُ مُلاحظَة الكآبة بِأَوْضحِ صُوَرِها في الحَيَواناتِ الَّتِي حالفَها الحَظّ في النَجاةِ مِنْ أَقْفاصِ الأَسر المُخْتَبرِيَّة (وهي أَعْداد قلِيلة جِدَّاً) بَعْدَ سنواتٍ طوِيلة ، مِنْ هذهِ الحَيَوانات بِشَكْلٍ خاصّ : القِردَة ، القِطط ، الكِلاب ..
هذهِ الحَيَوانات لا تَعْرِفُ عَنْ أَساليبِ الحيَاة المُعْتادَة لأَبْناءِ جِنْسِها شَيْئاً نَتِيجة خِبْرَتها السيئَة المرِيرَة في أَقْفاصِ الأَسر ، فالكِلاب الأَسيرَة مَثَلاً لاتَعْرِفُ مكاناً خاصَّاً لِقَضاءِ حاجتِها كما الأَمْر في الكِلابِ المُربَّاة في البيوتِ أَوْ الكِلاب الَّتِي تَعيشُ في الطبيعةِ .
بِاخْتِصار كُلّ الإِصابات مُمْكِنة ووارِدة ومُحْتَملة في أَحْوالِ الحَيَواناتِ المُخَصَّصةِ لِلتَجارُبِ .
حالاتُ الأَسرِ أَيْضاً يُمْكِنُ التَعرُّفُ عَلَيْها في حيَواناتِ السِيرك والكلام في هذا يَحْتَاجُ ورقَة خاصَّة .
المَوْت :
المَوْت حصيلَة نِهائيَّة لِهذِهِ المسِيرَة المُرَّة لِحيَاة الحَيَوان المُنْتَهكةَ في حُقُولِ التَجارُبِ .
المَوْت يَلْحقُ كُلَّ كائنٍ حيٍّ ، لكِنَّ هذا المَوْت في طرِيقَتِهِ يَخْتَلِفُ كوْنَهُ مَنْزوعَ الوِقارِ والاعْتِبارِ في حقِّ الحيَاةِ والطبِيعةِ والبِيئَةِ والكائِناتِ كُلّها .
أَغْلبُ حَيَوانات التَجارُب تُقْتَل بَعْدَ تَحْقِيقِ المآرِبِ مِنْها والغايَة المَرْجُوة فيها ، أَيْ إِنَّ هذهِ الحَيَوانات تَعيشُ حيَاتَها كامِلةً في الأَسرِ لا تَعْرِفُ عَنْ بِيئتِها الطَبِيعيَّة شَيْئاً ولا تَرَى النُور المُشْرِق خارِج أَسْوارِ البِناياتِ المُحْتَجزَةِ فيها ولا تَعْرِفُ عَنْ حيَاةِ أَبْناءِ جِنْسِها شَيْئاً ، تَعِيشُ المرارَة والأَلَم طِيلةَ حيَاتِها وفي النِهايةِ تُقْتَل جزَاءَ عَدَمِ قُدْرتِها على الانْفِلاتِ بَعيداً عَنْ غُرورِ الإِنْسانِ وتَجبُّرِهِ وقَسْوتِهِ ولا إِنْسانِيتهِ ...
مِنْ أَقْفاصِ الأَسرِ إِلى الهلاكِ ..... هذهِ هي الرِحْلَة .
حَتَّى طُرُقِ إِنْهاءِ حيَاةِ هذهِ الحَيَواناتِ لِلتَخَلُّصِ مِنْها لايُمْكِنُ الحدِيث بِشَأْنِ رَأْفَتِها ورَحْمَتِها ، وهي لاتَمُتُّ بِاحْتِرامٍ لِحيَاةِ هذا الحَيَوان طالما تَمَّ انْتِهاك هذهِ الحيَاة بِاسْتِمْرارٍ وعُنْفٍ وقَسْوَةٍ ، ففي النِهاية هي قَتْلٌ تَحْتَ تَغْطياتٍ مُتَلوِّنة ، إِنَّها تُقْتَل بِهَمجِيَّة تَماماً كما يَتِمُّ امْتِهانها لِلتَجارُبِ بِهَمجِيَّةٍ تَفْضَحُ الإِنْسَانَ وحَقِيقتَه .......
طرِيقَة التَعامُل مَع هذهِ الحَيَوانات :
بِما أَنَّ حيَاةَ هذهِ الحَيَوانات مُنْتَهكة مِنْ قِبَلِ الإِنْسَانِ المُتَغَطْرِس القاسي وبِصلافَةٍ تامَّة تَفْضَحُ إِنْسَانِيتَهُ اللانَبيلة فلايُمْكِنُ التَوقُّع بِأَنَّ تُعامَلَ هذهِ الحَيَوانات مُعاملةً حسَنَة تَليقُ بِها ككائنات لَها احْتِرامَها ومكانَتَها ، خُصُوصاً وإِنَّ الحَيَوانات بِلاشَكّ تُبْدِي اعْتِراضِها وعَدَمِ اسْتِسْلامِها وتُقاوِمُ بِقَدْرِ ما سَمَحَتْ لَها قِواها المُتَبقِيَّة .
أَيْضاً إِمْكانِيَّة تَحَوُّل هذه الحَيَوانات إِلى مَنْفَذ لِتَفْرِيغِ الإِنْسَان عدْوانيَّتَهُ وسُوءَ خُلُقِهِ وتَعكُّرَ مَزاجِهِ فيها وارِدة مِنْ خِلالِ ضَرْبِها ، أَوْ جَرِّها بِعُنْفٍ ، أَوْ الضَغْطِ على جَسَدِها بِعُنْفٍ بِهَدَفِ تَقْييدِ حَرَكتِها ، أَوْ الضَغْطِ ولَوْ مُروراً على الأَنْفِ وتَسْبِيبِ الأَلَمِ الشَدِيدِ أَوْ التَهشُّمِ في تَراكيبِهِ ، أَوْ الضَغْطِ على الأَحْشاءِ الداخلِيَّة ........... وإلخ مِنْ أَذى بِأَشْكالٍ عِدَّة بِهدفِ إِتْمامِ التَجارُبِ عَلَيْها وهي تُحاوِلُ المُقاومة والدِفاعِ عَنْ نَفْسِها ضِدَّ ظُلْمِ الإِنْسَانِ وقَسْوتِهِ ولا نُبْلِهِ الفَظِيع .
هذهِ المُقاومَة يَعْتَبِرها الِإنْسَان المُتَغَطْرِس ذَنْباً لا يُحْتَمل ، وهو الَّذِي يَحْتَقِرُ هذه الحَيَوانات وفي نَظَرِهِ لاقِيمةَ لَها ولاتَصْلُحُ لِشَيْءٍ ما وإِلاَّ لما كانَتْ في أَقْفاصِ التَجارُبِ ويُباحُ لَهُ تَجْرِيب مايَشاءُ عَلَيْها لِتَأْكيدِ وضَمانِ سلامةِ أَبْناءِ جِنْسِهِ ، الإِنْسَان المُتَغَطْرِس القَاسي العنِيف اللانبِيل ..
هذه الحَيَوانات تُعاني في مُعْظَم الأَحْيانِ مِنْ مُعاملةٍ سَيِّئَةٍ جِدَّاً فمُجرَّد عَدَم الانْتِباهِ إِلى آلامِها وإِنْ دُوْنَ قَصْدٍ يُشِيرُ إِلى مُعاملةٍ سَيِّئَةٍ ، قَدْ تُضْرَب دُوْنَ الانْتِباهِ إِلى ما قَدْ يَنْكسِرُ أَوْ يَنْخَلِعُ أَوْ يُرَضُّ مِنْ عِظامِها ، أَوْ يَتَهشَّمُ جُزْءً أَوْ كُلاً مِنْ واحِدِ أَعْضائِها أَوْ يُسْحق مِنْ جَرَّاءِ العُنْفِ والقَسْوَة أَوْ عَدَم الانْتِباه وأَيْضاً لايَهُمُّ ذلِك أَحداً فهي مُجرَّد حَيَوانات وفَوْقَ ذلِك لِلتَجارُبِ أَيْ حيَاتها لاقِيمةَ لَها وهي لاتُساوِي شَيْئاً وما تَنالَهُ مِنْ عذابٍ وقَسْوَة ومَرارة إِنَّما هو أَمْرٌ عادِيّ لايَجِبُ التَوقُّفُ عِنْدَه والانْتِباهِ إِلَيْهِ ، فكُلُّ ماتَشْعُرُ بِهِ هذهِ الحَيَوانات هو هُراءٌ لايَسْتَحِقُ الأَخْذَ بِهِ ، أَوْ التَقْلِيل مِنْ وطْأَتِهِ أَوْ مُحاولَةَ تَجنُّبِهِ ، فإِنَّ غَابَ التَعامُلُ السَّيِّئ حَضَرَ الإِهْمال لِلحَيَوان وحاجاتِهِ ، علاوةً على ذلِك هُناك الجُمُوع الَّتِي لايَأْخُذُ هذا المَوْضوع بِرُمَّتِهِ مِنْ تَفْكِيرِها خَطْفَة .
وأَحْياناً سُوء مُعاملَة هذه الحَيَوانات يَتَأَتَّى كرَدِّ فِعْلٍ لِشُعورِ الإِنْسانِ القائمِ على التَجْرُبة بِالذَنْبِ ، فعُنْفهُ مَعَ الحَيَوانِ يُغطِّي مَشَاعِرَ الذَنْبِ الَّتِي تُلازِمهُ وفي نَفْسِ الوَقْتِ تُعْطِيهِ الشُعور بِأَنَّهُ على حَقٍّ ، فالمُذْنِب هو الحَيَوان .
ما النَفْع مِنْ اسْتِعمالِ حيَواناتِ التَجارُب :
بِحُكْمِ الفُروقاتِ والاخْتِلافاتِ الجِسْميَّة ، الوظيفيَّة ، التَشْريحيَّة ..... إلخ بَيْنَ الإِنْسَانِ والحَيَوانِ فإِنَّ اسْتِجاباتِ الحيَوان ( أَوْ تَفاعُلِ جِسْمِ الحيَوانِ مَعَ المُنْتَج قَيْد التَجْرُبَة ، أَوْ المادَة المُراد البَحْث فيها وعَنْها ...... إلخ ) لِمَنْتوجٍ ما تَخْتَلِفُ تَماماً أَوْ جُزْئياً عَنْ اسْتِجاباتِ الإِنْسَانِ لِنَفْسِ المَنْتوج والتَفاعُلات الَّتِي يَفْرِزُها جِسْمِهِ جَرَّاءِ ذلِك ، حَتَّى الحَيَوانات تَخْتَلِفُ فيما بَيْنَها بِفصائلِها وأَنْواعِها ، بَلْ وبَيْنَ بَعْضِها البَعْض مِنْ نَفْسِ الفَصيلةِ :
على سَبِيل المِثالِ المُجْتَّرات مِنْ الحَيَوانات آكِلَة العُشب ولَها مَعِدَة مُكوَّنة مِنْ عِدَّةِ أَجْزاءٍ ، بَيْنَما العائلَة الكلْبيَّة هي مِنْ الحيَوانات وحيدَة المَعِدَة ومِنْ آكِلات اللُحوم ، أَما الحِصان فهو وحيد المَعِدَة وآكِل لِلأَعْشاب .
وعلى هذا يُمْكِنُ إِعْطاء أَمْثِلة أُخْرَى كثِيرَة .
بِفِعْلِ الاخْتِلافاتِ بَيْنَ البَشَر والحَيَوانات لاتكونُ نتائجَ الدِراسةِ والبَحْثِ مُطابقَة لِتَأْثِيراتِ المادة ( المَنْتوج ) على الإِنْسَان ، مِنْ الأَدِلَة على ذلِك هي الكثِير مِنْ الأَدْوية الَّتِي تَمَّ تَجْرُبتها على الحَيَواناتِ لِدعْمِ وضَمانِ سلامتِها وأَمانتِها لِلإِنْسَان ثُمَّ سُمِحَ بها لِغاياتِ العِلاجِ البَشَرِيّ فأَعْطَتْ نتائجَ مُخالِفة خطِيرَة على الجِسْمِ البَشَرِيّ ، وتَسبَّبَتْ في مَوْتِ الكثِيرين ، أَوْ وِلادَة الأَطْفال بِتَشَوُّهاتٍ وعوَقٍ مِنْها الأَدْوية الثَلاثَة المَذْكورَة في مُلْحقِ المقالِ ، كما يُمْكِنُ مُلاحظَة إِنَّ الأَدْويةَ الطُبِيَّة البيطرِيَّة ولِنَقُلْ مُعْظَمها هي أَدْوية خاصَّة لِلحَيَوان لايُحبَّذُ اسْتِعمالَها في مجالِ الطُبّ البَشَرِيّ لأَنَّها تُعْطي نتائجَ مُغايرَة ، كما لايَجوزُ العكْس ، كما إِنَّ نِسبَ جُرعاتِ الدواء تَخْتَلِفُ في الإِنْسَانِ عَنْ الحَيَوان ، وأَيْضاً بَيْنَ أَنْواعِ الحَيَواناتِ فجُرْعة دواءٍ ما تُعْطى لِلأَبْقارِ تَخْتَلِفُ عَنْ الجُرْعة المُحدَّدَة المُعْطاة لِلخِيولِ مَثَلاً ، لكِنَّ هذا لايَنْفِي الاسْتِفادَة مِنْ بَعْضِ الأَدْويةِ لِلإِنْسَانِ والحَيَوانِ مَعَ مُراعاةِ حَجْمِ الجُرْعةِ المُقَرَّرَة مَثَلاً .
كثِيرٌ مِنْ الأَدْويةِ ورَغْم تَجْرُبتها على الحَيَواناتِ ودِراسةِ نَتائجِها ثُمَّ تَوْفيرها لِلمَرْضى تَمَّ سَحْبها مِنْ الساحةِ العلاجِيَّة فيما بَعْد لاعْطائِها نَتائج مُغايرَة عِنْدَ الإِنْسَان بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ إِلَيْها لِفَتراتٍ طَويلَة أَوْ قَصيرَة ، وهذا يُعزِّزُ جانِبَ القَوْلِ بِأَنَّ تَأْثيرَ دواءٍ مُعيَّن يَخْتَلِفُ مِنْ الإِنْسَانِ إِلى الحَيَوانِ .
مِنْ هذا يُمْكِنُ اسْتِنْتاج إِنَّ اسْتِخدامَ الحَيَوانات لِلتَجارُبِ لَيْسَ ضَرُورَة بَلْ زَلْةَ بَشَرِيَّة غَيْر مَحْمودَة ، فما الغايَة مِنْ تَعْذِيبِ حيَواناتٍ بَريئةٍ لاذَنْبَ لَها لاسْتِخْلاصِ نَتائجَ غَيْر مُعْتَمدَة وغَيْر مُؤْكَّدَة ، الأَصابع تُشِيرُ إِلى عُنْفِ الإِنْسَانِ وغَطْرسَتِهِ وأَنانيَّتِهِ وجَرْيهِ مَحْموماً خَلْفَ مَصالِحِهِ مُسْتَغِلاً كُلَّ ما يَمرُّ في طرِيقِهِ ثُمَّ ساحِقاً إِيَّاهُ ، فحلقَات السلْسِلَة مُتَعدِّدَة وكثِيرَة فيها المنَافِع المادِيَّة الَّتِي تَجْتَنيها الكوادِر العامِلَة في هذا المجالِ وبَعْض أَصْحاب مَحلات بَيْع الحَيَوانات و ........ إِلخ ، ثُمَّ تَسْويق المَنْتُوجات بِشَكْلٍ يَضْمنُ جَلْبَ موارِدَ مالِيَّة كافية مِنْها بِإِغْراءِ المُسْتَهْلِك بِفَعاليتِها وأَمانتِها نَتِيجة تَجْرُبتها على الحَيَواناتِ المُضَحَّى بِها قَبْلَ تَسْويقها إِلى المُسْتَهْلِكِ أَيْ هَدَف تَرْويجيّ ........... إِلخ مِنْ الحلقَات الَّتِي تَفْضَحُ عُنْفِ الإِنْسَانِ وغَطْرسَتِهِ وأَنانيَّتِهِ .
القَوانين وحَيَوانات التَجارُب :
جُزْءٌ مِنْ أَسْبابِ مُعاناةِ الحَيَواناتِ والكائناتِ الأُخْرَى هي القَوانين الَّتِي يَسُنُّها البَشَر لِحمايَةِ أَنْفُسِهِم وتَوْفيرِ أَكْبَرِ قَدْرٍ مِنْ الأَمانِ لَهُم ويَشْملون بِها الحَيَوانات البَرِيئة الَّتِي لاذَنْبَ لَها في عالَمِهم المَمْسُوس المَحْموم بِالضَجَّةِ .
لسنينٍ طوِيلَة تَمَّ التَضْحِية بِملايينِ الحَيَواناتِ لأَجْلِ إِجْراءِ التَجارُبِ عَلَيْها وأَباحَت القَوانين ذلِك وعَزَّزَتْهُ الْتِفافاً .
لِماذَا الْتِفافاً ؟
تَتَحدَّثُ القَوانين الخاصَّة بِالحَيَوان وفي مُعْظمِ البُلدانِ عَنْ حقِّ حِمايتِهِ مِنْ الأَلَمِ والتَعْذِيب والمُعاناة ، وحقِّ رِعايتِهِ بِتَحْقيقِ مُسْتَلْزماتِ عيْشِهِ الضَرورِيَّة مِنْ مأْكلٍ ، سَكنٍ ، رِعايةٍ صِحيَّة ، مُعاملَة حَسَنة ....... إلخ ، إلاَّ أَنَّها وعلى أَرْضِ الواقعِ تُنْتَهَكُ أَيَّما انْتِهاك دُوْنَ وُقوعِ فاعِليها تَحْتَ وطْأَةِ المُعاقبَةِ ، وفي أَحْسَنِ الأَحْوالِ تكونُ العُقوبات مُخفَّفَة بِشَكْلٍ يُثِيرُ السُخْط ، ولا تَتَوازَى مَعَ حَجْمِ الجُرْمِ المُقْتَرفِ بِحقِّ الحَيَوانِ .
هذهِ القَوانين وفي حقِيقَةِ الأَمْرِ يَتِمُّ الالْتِفافُ عَلَيْها وتُسْحق ثُمَّ تَنْتَهي عِنْدَ حُدودِ الشِعار المُؤْثِر في النَفْسِ الإِنْسَانِيَّة إِذْ يُخْتَتمُ بِهِ كُل عَمَلٍ وصنِيع ويُصْبِحُ في إِثْرِ قَدَميهِ كُلَّ فاحِشٍ مُبَاحاً ، هو :
" خِدْمَةً لِصالِحِ الإِنْسَانِ ورِعايتِهِ وخَيْر البَشَرِيَّةِ جَمْعاء "
الحَيَوانات المُسْتَخْدَمة لِلتَجارُبِ تَقَعُ تَحْتَ طائلَةِ قَانونِ حيَواناتِ التَجارُب ، أَيْ هي بِصِيغةٍ أَوْ بِأُخْرَى مُسْتَثْنَاة مِنْ قَوانينِ حِمايةِ الحَيَوانِ ومُجَرَّدَة مِنْ أَبْسَطِ حُقُوقِها ومَنْزوعٌ عَنْها كُلّ الْتِفات .
إِنَّ قَانونَ حيَواناتِ التَجارُبِ هو الْتِفافٌ مُشَرعن على حقِّ الحَيَوانِ في الحِمايةِ مِنْ التَعْذِيبِ والآلام والمُعاناة والتَنْكيل وحقِّهِ في الرِعايةِ والحيَاة .
هي قَوانين في ظاهِرِها وصِيغتِها حِمايَة لِلحَيَوانِ ، لكِنْ في واقِعِها هي إِجازَة لِكُلِّ مايُمْكِن اقْتِرافِهِ بِحقِّ الحَيَوانِ مِنْ أَذَى وتَعْذِيبٍ ومُعاناةٍ تَحْتَ شِعارِ خِدمة صالحِ الإِنْسَان وخَيْر البَشَرِيَّة .
لَوْ كانَ الإِنْسَان صادِقاً في نَواياهُ تُجاهَ الحَيَواناتِ لمَا أَوْجَدَ شَقّينِ مُخْتَلِفين لِكائنٍ واحِد ، شَقٌّ يَتَحدَّثُ عَنْ حِمايتِهِ وآخَر عَنْ اسْتِخْدامِهِ لِلتَجارُبِ .
إِنَّها النَوايا اللانَبِيلَة مَدْلُوقاً عَلَيْها بَعْضاً مِنْ عَسَلٍ مَغْشُوشٍ لإِخْفاءِ زَيْفِها .
في سِياقِ الحدِيثِ عَن القَوانين وعلى ما أَذْكُر طالَعْتُ في إِحْدَى المَرَّات ورقَةً تَذْكُر إِنَّ قَانون بَعْضِ البُلدانِ يَضَعُ على شَركاتِ الإِنْتاجِ قَيْداً وشَرْطاً لِتَسْويقِ مُنْتَجاتِها ( الأَدْوية ، مُسْتَلْزماتِ التَجْميلِ ، الكرِيمات ....... إلخ ) ، بِمَوْجبِهِ لايُمْكِنُ تَسْويق مَنْتوجاتِها أَو المَوافَقةِ عَلَيْها إِلاَّ بَعْدَ تَجْربتها على ثَلاثةِ حَيَواناتٍ مُخْتَبرِيَّة لِضَمانِ سلامةِ تَأْثِيرِها على الإِنْسَان .
يَتَعذَّرُ عليّ التَأكُّد مِنْ مَدَى صِحّةِ هذهِ المَعْلُومة لأَنَّني لَمْ أَفْلح في تَحْديدِ الورقَة إِذْ لَمْ أَعْثَر عَلَيْها في بَحْثِي عَنْها ثَانيةً ، ماخَلا الجَزْم بِالمَعْلُومةِ المَعْروفَة في اسْتِخْدامِ الحَيَواناتِ لِلتَجارُبِ في الشَرِكات والمَصانِع والمُخْتَبراتِ ................. إلخ .
في المانيا وَحْدَها سُجِّل عام 2011 عَدَد الحَيَواناتِ المُسْتَعْملَةِ لِلتَجارُبِ بِثَلاثةِ ملايين حيَوان .
مُؤْخَراً في الاتحادِ الأُوربيّ تَمَّ المُوافقَة على قَانونِ مَنْعِ اسْتِخْدامِ الحَيَواناتِ لِلتَجارُبِ في مجالِ مُسْتَحْضراتِ التَجْميلِ وهذهِ بِداية جَيِّدَة ، على آملِ أَنْ يُصْبحَ الحَظْر شَامِلاً لِكُلِّ المجالاتِ الأُخْرَى .
وبَيْنَما بادرَتْ شَرِكات قَلِيلة مَعْدودَة وأَعْلنَتْ قَبْلَ فتَراتٍ قَصيرَةٍ بإِرادتِها الاسْتِغْناءِ التامِّ عَنْ اسْتِخْدامِ الحَيَواناتِ لِلتَجارُبِ لأَجْلِ مُنْتَجاتِها ، ظَلَّتْ الأَعْدادُ الأُخْرَى الباقِيَة مِنْها تَصِيحُ بالظُلْمِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْها بِسَببِ هذا الحَظْرِ ( حَظْرِ اسْتِخْدامِ الحَيَواناتِ لِلتَجارُبِ في معامِلِها ) الَّذِي لا يَدْعوها لِلاطْمِئنانِ على مُسْتَقْبَلِها .
عَجَباً لأَمْرِ هذا الكائنِ ، الإِنْسَان ، كُلَّما ارْتَقَى تَطوراً امْتَلأَ قَيْحاً في زِيادَة ......
مرِيرٌ أَمْر هذا الكائنِ ، الإِنْسَان ، وأَيُّ مُفَارقَةٍ فاضِحة هي إِذْ يُزَّجُ بِملايين البَشَرِ كوقُودٍ في حُرُوبٍ لا طائِل مِنْها ولايُفارِقها حيَّاً إِلاَّ مَنْ حالَفهُ الحظُّ الغَزِير أَوْ رَعَتْهُ الاعْجوبَة ، بَيْنَما تَحْضَرُ كُلُّ الرَوادِعِ الأَخْلاقيَّة ويَطْغي النُبْل فيما يَتَعلَّقُ بِمصيرِ الإِنْسَانِ في التَجارُبِ والاخْتِباراتِ عِلْماً بِأَنَّ الأَمْرَ طَوْعيّ وبإِرادَةٍ حُرَّة .
أَذْكُرُ الكلْبَة لايكا الَّتِي أُرْسِلَتْ إِلى الفَضاءِ نِيابةٍ عَن البَشَرِ في رِحْلَةِ مُغامرَةٍ مَعْرِفيَّة اسْتَكْشافيَّة تَمنَّاها الإِنْسَان وخَطَّطَ لَها ودَفَع بِغَيْرِهِ مِنْ الكائناتِ إِلَيْها ......
غابَ الإِنْسَانُ المُغامِر المُتَطوِّع لِهذهِ الرِحْلَة ، في حِيْنِ أَنَّ قائمةَ الجُنُودِ المُتَطوِّعين الذاهبين إِلى المَوْتِ بإِرادتِهِم في الحُرُوبِ طَوِيلة ، وأَعْدادُ المُنْتَحِرين تَخلُّصاً مِنْ الحيَاةِ في أَزْدياد ، وأَعْدادُ مَنْ يُفجِّرون أَنْفُسِهم في الأَسْواقِ والمحلاتِ والشَوارِع والتَجمُّعاتِ ........... إلخ يَتَناسلُ بِلا نِهاية .......
يالَها مِنْ مُفارقاتٍ تَجْرَحُ الحِسَّ والضَمِير .............
البَدائل :
بِدايةً أَقُول إِنْ كانَ الإِنْسَان يَبْغي تَطْويرَ مُنْتَجاتِهِ بِاخْتِلافِها وفَحْصِ مدى أَمانَتِها وسلامتِها فليُجرِّبها على نَفْسِهِ ولايَجُرُّ الحَيَوانَ البَرِيء إِلى عالَمِ أَنانِيتِهِ وغلاظتِهِ فما ذَنْبُ الحَيَوانات لاسْتِغْلالِها في مَنْفَعةٍ خالِصةٍ خاصَّةٍ بِالإِنْسَان ؟
البَدائلُ مُتَنوِّعة يُمْكِنُ الاسْتِفادَة مِنْها :
1ــ كُلَّما فكَّرْتُ في مَوْضوعِ حَيَواناتِ التَجارُبِ تَساءَلْتُ :
لِماذَا لايَتِمُّ اسْتِعْمال خلايا حيَّة مَأْخوذَة مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ أَوْ الحَيَوانِ كبَدِيلٍ ويُمْكِنُ جَمْعَها مِنْ مُتَبرِّعين بَشَر أَوْ حَيَوانات .
2 ــ البَدِيلُ الآخَر أُفكِّرُ :
لِماذَا لايَتِمُّ تَطْوير تَقَنِية خاصَّة بِالكومْبيوتر تَعْمَلُ لأَجْلِ هذا الهَدَف ، أَيْ مَعْرِفَة مَفْعولِ مادَةٍ ما على الإِنْسَانِ قَبْلَ نُزُولِها إِلى الأَسْواقِ ، بِحَيْث يُمْكِنُ لِلكومْبيوتر وبِمَوْجِبِ هذهِ التَقَنِية مِنْ إِعْطاءِ نَتائج مُوفَّقَةَ بَعْدَ تَغْذِيتِهِ بِالبياناتِ الأَولِيَّة لِتِلك المَوادِ المُرادِ فَحْصها ، هذهِ التَقَنِية تَعْفي الحَيَوان بَلْ وحَتَّى خلاياهُ مِنْ التَجارُبِ عَلَيْها وكذلِك بِالنِسْبَةِ لِخلايا الإِنْسَان ، إِذْ تَنْتَفي الحاجةُ إِلَيْهِما في مِثْلِ هكذا تَطْويرٍ تَقَنيّ ، وأَظُنُّ إِنَّ هذهِ التَقَنِية ستَكونُ فاعِلَة جِدَّاً في حالاتِ اخْتِباراتِ المساحيق الكيميائيَّة وتَأْثِيراتِها .
3 ــ البَديلُ الثَالِث هو الاسْتِفادَة مِنْ الأَعْضاءِ البَشَرِيَّة والحَيَوانِيَّة الَّتِي يَتِمُّ التَبرُّع بِها بإِرادَةٍ حُرَّة ، كأَنْ يَتَبرَّع الشَخْص بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَعْضائِهِ لأَهْدافِ البَحْثِ العِلْميِّ والتَجارُبِ ، أَمَّا فيما يَخُصُّ الحَيَوانات فالأَمْر ذاتَهُ ويُناطُ بِصاحِبِ الحَيَوانِ أَمْرَ البَتِّ في التَبرُّعِ بِأَعْضاءِ الحَيَوانِ العائِدِ لَهُ لِلتَجارُبِ مِنْ عَدَمِهِ بَعْد النُفُوق .
4 ــ البَديلُ الرَابِع : أُفكِّرُ أَنَّهُ قَدْ يكونُ الخلايا الَّتِي يَتِمُّ تَكْثِيرها وإِنْمائها في المُخْتَبراتِ ، أُفكِّرُ أَيْضاً في تَقَنيَّةِ الأَنْسِجةِ المُنْتَجةِ صِناعيَّاً ولَها في الوَقْتِ عَيْنه مُواصفاتٍ مُشابِهة لِلأَنْسِجةِ الحَيَوانيَّة والإِنْسَانِيَّة .
5 ــ البَديل الخَامِس : إِنْ صَعُبَتْ كُلُّ هذهِ الخُطوات على أَنانيَّة النَفْسِ البَشَرِيَّة فلتَبْدأ بِالخُطْوَةِ البَطيئَةِ على الأَقلِّ بِسَنِّ قَانونٍ يُسْمَحُ بِمَوْجِبِهِ تَعرُّضَ الحَيَوانِ الواحِد المُباح لِلتَجارُبِ لِتَجْرُبَةٍ واحِدَةٍ فَقَطْ في مَدَى حيَاتِهِ ، أَقولُ تَجْرُبَة واحِدَة فَقَطْ ، مُلازَمةً بِمُتَابعةِ جِهَةِ رِعايَةٍ بَيْطرِيَّة لأَمْرِ الحَيَوانِ الخَاضِع لِلتَجْرُبَةِ ، والحِرْصِ على تَوْفيرِ مكانٍ كبِيرٍ لَهُ نِسْبيَّاً يَسْتَطيعُ فيهِ الحَرَكةِ بِرَاحة ، وكذلِك مُتابعة النَظافَةِ وأَيْضاً مُراقبَة طَرِيقَة التَعامُلِ مَعَ الحَيَوانِ لِحِمايتِهِ مِنْ العُنْفِ والأَذَى ، ومُتَابعةِ كُلَّ مايَجِبُ الانْتِباه إِلَيْهِ إِلى حِيْنِ انْتِهاءِ أَطْوارِ التَجْرُبةِ ، بَعْدَها يَكونُ لِزاماً على الطَرَفِ المُسْتَفِيدِ إِطْلاقِ سَراحِ الحَيَوانِ وتَسْلِيمهِ إِلى جِهةٍ مُتَخصِّصةٍ لِتَأْهيلِ الحَيَوانِ ورِعايتِهِ بِما يَحْتَاج ، ثُمَّ إِيجاد عائلَةٍ تَأْويهِ أَوْ جِهةٍ تَتَكفَّلُ بِهِ ، ويَكونُ الطَرَفُ المُسْتَفِيد صاحِب التَجْرُبةِ مَسْؤولاً عَنْ مُعالَجةِ الحَيَوانِ والتَكفُّلِ بِمَصاريفِ عِلاجِهِ في مَأْواهُ الجدِيد وبِمُتَابعةِ جِهةٍ صِحيَّة بَيْطرِيَّة حَتَّى يَنال الحَيَوان كافَةَ الرِعايَة الَّتي يَحْتاجها .
رَغْم مُعارَضتي التَامَّة لِفِكْرتي الأَخِيرَة لأَنَّني أُؤْمنُ بِأَنَّ الحَيَوانات غَيْر مُلْزَمة على الإِطْلاقِ بِالتَضْحيةِ لأَجْلِ البَشَر ولكِنْ ؛ قَدْ تَكونُ كخُطْوَةٍ أُولَى نَحْوَ الحَظْرِ التَامِّ لاسْتِخْدامِ الحَيَوانات في التَجارُبِ وتَحْمي الحَيَوان الواحِد مِنْ تَعَرُّضِهِ بِتَواصُلٍ لِتجارُب مُتَعَدِّدَة مُتَتالِية .
لكِنَّ البَديل الخَامِس لَنْ يُنْقِذَ الكثِيرَ مِنْ الحَيَوانات الَّتِي تَموتُ أَثْناءَ الاخْتِبار لِشِدَّةِ الأَلَمِ والعذَابِ والإِصابات ، وأَيْضاً هُناكَ تَجارُب تَسْتَمِّرُ لِسنوات ، أَيْ إِنَّ الحَيَوان يُعاني لِعَشْرِ سنواتٍ ورُبَّما أَكْثَر ، فَفُرصُ النَجاةِ مَعْدومة وغَيْرُ وارِدة في أَحْوالٍ كهذِهِ تَماماً ، إِذْ كُلَّما طالَت المُدَّة قَلَّتْ فُرصُ النَجاةِ وانْعدَمَتْ .
كأَفْرادٍ ما الَّذِي يُمْكِنُ عَمَلَهُ لِتَجْنيبِ الحَيَواناتِ هذه المُعاناة :
كأَفْرادٍ يُمْكِنُ المُسَاهمة في هذا الاتجاهِ بِوَسائلِ بَسِيطةٍ وفاعِلَةٍ مِنْها :
- عَدَمِ شِراءِ مَنْتوجاتِ الجِهاتِ الَّتِي تَعْتَمِدُ حَيَوانات التَجارُب في تَأْكيدِ سلامَةِ مُنْتجاتِها ، وهُناك قَوائم مُعْلنَة بِماركاتِ هذهِ الجِهاتِ الَّتِي تَقُومُ بِذلِك .
- مُسانَدَة عَمَلِ المُنظَّماتِ الَّتِي تَقُومُ بِالدِفاعِ عَنْ حُقُوقِ الحَيَوانِ مَعْنوِيَّاً أَوْ مادِيَّاً .
- المُسَاهمة في تَرْويجِ الوَعْي بِهذهِ المَسْأَلَة والطُرُق كثِيرَة : تَقاسُمِ الأَفْكارِ مَعَ الآخَرين عَنْها ، تَبنِّي قَناعة حِمايَةِ الحَيَوانِ واحْتِرامِ حيَاتِهِ ككائنٍ مُخْتَلِف لَهُ نَفْس حَقِّ البَشَرِ في الحيَاةِ .............. إلخ .
- المُسَاهمة في إِنْضاجِ الوَعْي لَدَى العامَّة في هذا المَنْحى بِالاسْتِفادَةِ مِنْ : فَنّ الرَسْمِ ، فَنّ التَصْوِيرِ بِأَنْواعِهِ ، فَنّ الكِتابةِ ، فَنّ التَمْثِيلِ ، فَنّ صِناعةِ الفَخَّار ........... إلخ .
- وإِنْ كانَ كُلُّ ذلِك كثِيرٌ وغَيْرُ مُسْتَطاع وخارِجِ الإِمْكانِيَّاتِ فالمُمْكِن التَعاطُف وهو غَيْر مُكلِّف ، بِالإِضَافةِ إِلى إِنَّ لَهُ فَوائدِ على الإِنْسَانِ كتَدَرُّبِ الإِنْسَانِ على قُبُولِ الآخَرِ المُخْتَلِف واحْتِرامِ حقِّهِ في الحيَاةِ ، والنَظَرِ إِلى الأُمُورِ بِأُفْقٍ أَوْسَعْ بِلا نَظْرَةٍ ضَيقَةٍ أُحادِيَّة الجانِب مُعْتِمة ، كما لَهُ فائدَة تَهْذِيبِ الشُعُورِ الإِنْسَانيِّ نَحْوَ البِيئَةِ والكَوْكبِ والحَيَواناتِ وهذا يَصْقُلُ النَفْسَ البَشَرِيَّة ويُدرِّبها على السَلامِ مَعَ البَشَرِ ومَعَ الحَيَواناتِ والبِيئَةِ والطَبِيعةِ والكائناتِ الأُخْرَى .
- وبِالتَأْكيدِ هُناكَ بَدائل أُخْرَى كثِيرَة غَيْرها لَمْ تَطالها مَعارِفي ، أَتْرُكُ لِلقُرَّاءِ والقَارِئات إِغْنَاءالصَفْحةِ بِها ولِلجَمِيع الشُكْر والتَقْدِير .
ويُمْكِنُ المُساهمة بِواحِدَةٍ مِنْ هذهِ الوسائلِ أَوْ بِبَعْضِها أَوْ بِجَمِيعِها ، كُلٌّ بِما يُلائمهُ .
أَخِيراً أُكرِّرُ وأَقُولها كما قُلْتُ بِدايةً :
إِنْ كانَ الإِنْسَان يَبْغي تَطْوير مُنْتَجاتِهِ بِاخْتِلافِها وفَحْصِ مَدَى أَمانتِها وسَلامتِها فليُجرِّبها على نَفْسِهِ ولايَجُرُّ الحيَوان البَرِيء إِلى عالَمِ أَنانيَّتِهِ وغلاظتِهِ فلا ذَنْبَ لِلحَيَوانِ في مَنْفَعةٍ خَالِصةٍ خاصَّةٍ بِالإِنْسَانِ .
فمَتَى يَسْتَحي الإِنْسَان ؟
أَمْ إِنَّهُ لا يَسْتَحي ، ولَنْ يَسْتَحي ؟
لإِخْوتي وأَخَواتي الَّذِين يُعدُّون الخَوْض َفي هذا النَمَطِ مِنْ الكِتاباتِ بَطَراً وتَرَفاً ورَفاهيَّة لأَنَّها تَتَحدَّثُ عَن الحَيَوان والأَجْدر بِرأْيهم الكِتابَة عَن الإِنْسَانِ وحُقُوقِهِ ومُعاناتِهِ ، أُجدِّدُ القَوْل لِلأَعِزَّاءِ والعزِيزات :
إِنْ صاحَ الإِنْسَانُ أَلَماً مِنْ أَمْرٍ ما فهُنَاكَ الآلاف مِمَّنْ يَهبُّونَ لِنَجْدتِهِ ، ( مثْلي مِثْلكُم أَسْتَجِيبُ لِهذا النِداء بِالدَعْمِ المادِيّ أَوْ المَعْنوِيّ أَوْ بأَيِّ دَعْمٍ مُمْكنٍ آخَر ) ، أَمَّا الحَيَوانات فالإِنْسَان لايَفْهمُ لُغتَها ولا يُحاوِلُ ذلِك ، ولايُدْرِكُ مُعاناتَها وهو يَسْتَغِلها بِبَشَاعةٍ لِمَصْلحتِهِ ، وهي غَيْر قادِرَةٍ على إِيصالِ رِسالتِها واسْتِغاثاتِها لِلإِنْسَانِ لأَنَّهُ يَتَغاضَى عَنْها ولايُحاوِلُ فِهْم ما فيها ، لِذَا تَكونُ الكِتابَة في حُقُوقِ الحَيَوانِ وعَنْها أَمْراً جادَاً وضَرُورَة مَطْلوبَة إِنْ أَرادَ الإِنْسان أَنْ يُحقِّقَ ولَوْ بَعْضاً مِنْ إِنْسَانِيَّتِهِ الَّتِي يُزمِّرُ بِها وعَنْها تَباهِياً في كُلِّ طارِئةٍ وقَارَّة ..........
نَاهيكَ عَنْ إِنَّ الأَرْضَ لَيْسَت لِلإِنْسَانِ فَقَطْ فالكائنات الأُخْرَى لَها فيها ما لَهُ .
هامش :
القَارِئات الكرِيمات / القُرَّاء الكِرام
هذا المَقال لَمْ يَعْتمِدْ على أَيَّةِ مصادِر ، إِنَّما هو مَزِيجٌ مِمَّا اخْتُزِنَ في دَواخلي مِنْ صُورٍ نِتاجَ مُلاحظاتٍ ومُتَابعاتٍ وأَفْكارٍ وخِبْرات شَخْصيَّة وقِراءاتٍ ومُشَاهداتٍ تِلفزيونيَّة أَو فِيديو لِدَهرٍ ، مَدِينةٌ أَنا بِبَعْضِ هذا الخَزَين إِلى كُلِّ الَّذِين عَمِلوا في جَمِيعِ أَنْحاءِ العالَمِ على كشْفِ هذا الجانِب ( الظِلُّ القاتِم لاسْتِخدامِ الحَيَواناتِ في التَجارُبِ ) ونَقْدِهِ وفَضْحِهِ لِيَتِمّ تَدارُكهُ رَغْم اسْتِفحالِهِ أَمداً طَويلاً ، إِضافَةً إِلى كُلِّ ذلِك الحَظُّ الوفِير الَّذِي رافَقَني فأَهَّلَ ّالنَفْس مُنْذُ الصِغَر لِلتَفَكُّرِ والتَأمُّل والمَشَاعِر والأَحاسِيس لِلتَعامُلِ مَعَ ما يَتَعلَّقُ بِالحَيَواناتِ بِإِدْراكٍ اسْتَوى على مَرَاحِل وإِنْ مُتَباطِئة سُلحُفِيَّة بِفِعْلِ عوامِل عدِيدَة في ظُرُوفِ الحيَاة المُتَقلِبَّة .
حَيَوانات التَجارُبِ هو مَوْضوعٌ شَغلَني وبِصَمْتٍ لِسِنينٍ طَويلَة ، إِنَّها رُؤْية عامَّة وبَسِيطَة أَرَدْتُ التَعْرِيفَ بِها علَّها تَعْصِفُ وإِنْ بِجُزَيئَةٍ مِنْ اللااهْتِمام والسُكون لَدَى الكثِيرين فتَنْقُضُ سِلْكاً في قَيْدٍ مُسْتَعْصٍ ، ولايُمْكِن اعْتِبارَها دِراسة أَوْ تَقْريراً عِلْميَّاً ، إِنَّما فَقَطْ مادَة تَعْرِيفيَّة بِمُشْكلَةٍ قَائمةٍ يُرادُ مِنْها لَفْتَ الانْتِباهِ إِلَيْها .
أَمَّا عَنْ مَوْضُوع الأَدْويةِ المُشارِ إِلَيْها في المَقالَةِ فلَقَدْ ذَكرْتُ مَصْدَرَها إِذْ أَضَفْتُها مُؤْخراً إِلى المَقالةِ .
أَسْرابُ حمامٍ مِنْ سلامٍ ومَحبَّة لِلمُتَابِعاتِ والمُتابعين مِنْ القَارِئاتِ والقُرَّاء .
مُلْحق :
مِنْ الأَدْويةِ الَّتِي نَزَلَتْ إِلى الأَسْواق ثُمَّ تَمَّ سَحْبَها مِنْها بِوضُوحِ تَأْثِيراتِها الجانِبيَّة السَلْبيَّة على الإِنْسَان : ـ
Contergan
Lipobay
Vioxx
الأَوَّل سُوِّقَ في المانيا لحِيْنِ نوفمبر 1961 ، المادَة الفاعِلَة فيه هي : ـ
Thalidomid
قُدِّمَ كمُهدِّئ وأَيْضَاً مادَة مُسَاعدَة على النَوْمِ ، كانَ الحُصُول عَلَيْه دُوْنَ وَصْفَةٍ طُبيَّة إِلى سنَةِ 1957 وارِداً ، ثُمُّ وبَعْد ذلِك قُيِّدَ بِوَصْفَةٍ طُبيَّة مِنْ أكتوبر 1957 إلى نوفمبر 1961 نَتِيجة لأَعْراضِهِ الجانِبيَّة على الجِهازِ العصبِيِّ .
اسْتِعْمالَهُ أَدَّى إِلى ولادَةِ أَطْفالٍ مُشَوَّهين ومُعاقين ( فُقْدان الأَطْراف كُلِيَّاً أَوْ جُزْئيَّاً ، فُقْدان الأَصابِع أَوْ انْدِماجِها مَعاً في كُتلةٍ واحِدَةٍ ، قِصَر القَامة ....... ومُخْتَلف التَشَوُّهاتِ الأُخْرَى )
لِلمَزيدِ مِنْ المَعْرِفَة عَنْ التَشَوُّهاتِ والإِعاقاتِ الَّتِي سبَّبَها هذا الدواء يُسَجَّل في غوغل :
صُوَر عَنْ فَضَيحة دواء كونترغان .
أَوْ يَكْفي كِتابَة اسْم الدَواء كما هو وارِد في هذهِ الورَقَة .
بِسَببِ هذا الدَواء ولِدَ لِلعالمِ حوالي 5.000 ــ 10.000 طِفلٌ مُعاقٌ ومُشَوَّه بِالإِضَافةِ إِلى ولادَةِ أَجِنَّة ميتَة ، ولازالَ نِسْبَة مِنْ هؤلاءِ المَوْلودين المُعوَّقين يَعيشونَ لِحدِّ الآنِ .
بِنِهاية عام 1961 سُحِبَ مِنْ الساحَة العِلاجِيَّة بَعْدَ أَنْ ثَبُتَ كوْنَهُ السَبَب في هذهِ الوِلاداتٍ .
قَبْل السَماحِ بِنُزولِ هذا الدَواءِ إِلى الساحَة العِلاجِيَّة وكالعادَة كانَ قَدْ تَمَّ اخْتِبارَهُ على الفِئْرانِ والجِرْذان ، وأُعْطِيَتْ جُرْعَة إِضافِيَّة عالِيَة مِنْهُ ولَمْ تُظْهِرْ مِنْ الأَعْراضِ الَّتِي ظَهَرَتْ على الإِنْسَانِ مثِيلاً ، وبِهَدَفِ المزِيدِ مِنْ تَأْكيداتِ جانِبِ السلامةِ لِلدَواءِ أُجْرِي الاخْتِبار على الأَرانِبِ ونَوْعٍ مُعيَّنٍ مِنْ القِردَة وهذهِ أَعْطَتْ مَوالِيد مُشَوَّهة بِنِسْبَةٍ ما كما في الإِنْسَان .
بَعْدَ هذهِ التَجارُب سُمِحَ لِلدَواءِ بالدُخولِ إِلى المَجالِ الطُبيِّ العِلاجيّ .
الدَواء الثَاني اسْتُعْمِل لِتَخْفيضِ نِسْبَةِ الكوليسترول ، المادَة الفاعِلَة فيهِ هي :
Cerivastatin
وكانَ مِنْ بَيْنِ أَعْراضِهِ الجانِبيَّة السَلْبِيَّة تَعْطيل عَمَلِ الكليتين ، وتَسَبُّبِ هذا الدَواءِ في وفاةِ حوالي 52 شَخْص بِالعالم بَعْدَ أَنْ أَدى تَعاطيهِ إِلى أَضْرارٍ بالِغةٍ بِالعضلاتِ كعارِضٍ جانِبيّ سَلْبيّ ، هذا العارِض الجانِبيّ السَلْبيّ كلَّفَ 52 شَخْصاً حيَاتَهم .
في عام 2001 تَمَّ سَحْبِهِ عَن التَداوُلِ العِلاجيّ نِهائيَّاً .
هذا الدَواء أَيْضاً جُرِّبَ على الحَيَواناتِ قَبْل السَماحِ بِنُزولِهِ إِلى الساحةِ الطُبيَّة .
أَمَّا الأَخِير فلَقَدْ بَيَّنَتْ إِحْدَى الدِراسات إِنَّ هذا الدَواء يُزِيدُ مِنْ احْتمالِيَّات حُدُوثِ النَوْباتِ القَلْبيَّة ويُزِيد مِنْ مَخاطِرِ تَعرُّضِ المَرْضَى إِلى جَلْطاتٍ دماغِيَّة ولَقَدْ أَوْدى بِحيَاةِ الكثِيرِين في نَوْباتٍ قَلْبيَّة .
المادَة الفاعِلَة فيه هي :
Rofecoxib
سُحِبَ مِنْ الساحةِ العِلاجيَّة بَعْدَ ثبُوتِ مَخاطِرِهِ .
الأَدْوية الثَلاثة المَذْكورَة اخْتُبِرَتْ على الحَيَوانات قَبْلَ إِقْرارِها لِصالحِ العِلاجِ البَشَرِيِّ .
( المَعْلومات عَن الأَدْويةِ الثَلاثةِ المَذْكورَة مُسْتَقاة مِنْ :
ــ بَعْضُ التَقارِير والدِراساتِ العِلْمِيَّة المَنْشُورَة في الشَبَكة بِخُصُوصِها .
ــ تَقْرِير في إِحْدَى القَنَواتِ التِلْفازِيَّة عَنْها . )
إِلى أَنْظارِ مَنْ يَعْتَبِرونَ الكِتَابة في هذا المَجالِ نَوْعاً مِنْ التَرَفِ والبَطَر أَسُوق هذهِ الصُور ، وأَيْضاً إِلى الَّذِين لَيْس لَهُم بَذْرَة اهْتِمامٍ بِهذا المَجال ، علَّ هذهِ الصُوَر تُلوِّحُ إِلَيْهم بِلَمْحَة .
هي عَنْ حيَواناتِ التَجارُبِ ، لِمَنْ يُرِيدُ المزِيد مِنْ الصُورِ أَنْ يَكْتُبَ في نافِذَةِ البَحْثِ في غوغل بِاللُغةِ الَّتِي يَخْتَارها ــ صُور لِحيَواناتِ التَجارُبِ ــ وسيكونُ هناكَ العدِيدُ مِنْها .
الصُورُ تَحْكي ، إِلَيْكُم بَعْضَها :