| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

السبت 25/7/ 2009

 

مُنْحَنِية

شذى توما مرقوس

لماذَا أَنْتِ مُنْحَنِية يانَفْسِي
ولماذَا تَئِنِّين فيّ ؟
ارْتَجِي الله لأنّي بَعْد أَحْمدهُ
لأَجْلِ خلاصِ وَجْهه
                                 مزمور 42 : 5


وانْحَنيتِ كَثِيراً
حَتَّى الوَجَعِ
فيّ
تَئِنِّين ...... تَصْرُخِين
فلماذَا أَنْتِ مُنْحَنِية ؟
فاتَكِ إِلَه أَيُّوب  (4)
" يَداكَ جَبَلَتاني وصَوَّرَتاني ..... آوَ الآن تَمْحَقُني "
واحْتَذَاكِ إِلَه ايليا (2)
" يَكْفِي هذا يارَبّ ..... خُذْ نَفْسِي "
واقْتَنَى الصَّمْت إِلَه أَرْميَا  (3)
" لَقَدْ خَدَعْتَني أَيُّها الرَّبُّ ...... فانْخَدَعْت "
وها أَنْتِ من بَدْءِ تَكوِيني في المَجَرَّة
مُذْ ولَدني الكَوْنُ كَوْكَباً
مُذْ سُمِّيتُ " الأَرْض "
خَيْبَاتي تَتَوَالَى
ومع كُلِّ خَيْبَة
وفي كُلِّ عَصْرٍ ..... وكُلِّ زَمان
وككُلِّ مَرَّة
تَئِنِّين ...... تَنْحَنِين
فيّ
ماعادَ جَوْفِي يَتَّسِعُ لنَزِيْفكِ
وفي رَحِمي
أَوْطانٌ لا تَلْبَثُ أن تُجْهَضَ أو تَضِيع
وكأنَّ الجِراح لأَجْلِكِ
خَطَّتْ فَوْقي خارِطتها
وأَجازَتْ البُكاءَ على أَبْوابِ المَدَى
كُلُّ تضاريسي مُؤْلِمة ..... حَدَّ الفَجِيعة
قَتْلٌ وحُرُوبٌ ودَمار
ظُلْمٌ وجُوعٌ وقَهْرٌ
أَمْراضٌ وانْحِلال
قَنَت (1) أَرْصِفتي وسَاحاتي
في أَحْضانِي يُذْبَحُ الأَبْرِياء
ويُمْنَعُ عن المَعْلُولِ قُرْصَ الشِّفَاء
كَمْ تَمَنَّى الشِّفَاء !!!
ولُقْمةُ الجائِعِين مُصادرةٌ ومَسْرُوقة
ما ذَنْبُ الرَّاعِي ..... ما ذَنْبُ الشَّاة !
والأَمَانِيّ بَسِيطة
أَمانٌ ولُقْمةُ عَيْشٍ وسَلام
ومَوْتٌ عَزِيزٌ بلا ذُلٍّ .... بلا انْكِسار
فلماذَا لاتُطال ؟ !!
" إِن شِئْتَ يارَبُّ ....... تَقْدِر "
أَلا تَشَاء ؟!
عَتَبَتُكَ بِرَجَاءِ المُعَذَّبِين فيك مَفْرُوشة
ومن الصِّرَاعِ مع المَوْتِ
اسْتُنْبِطَت الآمال بالخُلودِ والبَقاء
وفَوْقَ رَصِيفِ الانْتِظار
بَذَرَ البُسطاءُ آمالَهم
أ لّلاجَدْوَى كُلّ هذا ؟!!!
من هَضْمِ الظُّلْمِ تَقَرَّحَت مَعِدَتي
وعَواصِفُ الدَّمارِ والخَرابِ
أَتْلَفَتْ رِئَتيّ وخَنَقَتْ قَصَبتي
والحُرُوبُ كَوَتْ جَوْفي
وشَلَّتْ كَتِفي
فإلى فَناءٍ ابْعَثْ بي
" يَكْفِي هذا يارَبّ .... خُذْ نَفْسِي "
آهٍ يا ..... نَفْسِي
انْحَنيتِ كَثِيراً فيّ
فلماذَا أَنتِ مُنْحَنِية ؟
طَرَدَكِ إِلَه أَيُّوب
وخَذَلَكِ إِلَه ايليا
ما أَنْصَفَكِ إِلَه أَرْميَا ....... ؟ !
حَتَّى انْحَنيتِ كَثِيراً فيّ
كوَجَعِ الفُقَرَاء
وآلامِ المَرْضى
وأُمْنِيَّاتِ المَحْرُومين
وشَوْقِ الضَائِعين للِقاء
انْحَنيتِ كَثِيراً فيّ
كشَقاءِ الإِنْسَان
واحْتِجاجِ الطَّبِيعَة
والتَّجَنِّي على الحَيَوان
انْحَنيتِ كَثِيراً فيّ
كــ ..... عراق
كــ ..... لُبنان
ونَعِيقُ المآسي في شَتَّى البُلْدان
شوَّهَت الحُرُوب مَلامِحي وكِياني
وأَحْرَقَتْ جَوْفي بأَتُونِ النَّار
" يا نَفْسِي ارْتَجِي الله لأَنّي بَعْد أَحْمدهُ "
قَدْ يَنْظُرني ...... سيَنْظُرني
أُمّاً .... وأَباً ..... وأَبْناء
شَيْخاً ..... وطِفْلاً ..... ونِساء
رَجُلاً ..... وعَجُوزاً ..... وأَبْرِياء
طَبِيعَةً ..... وحَيَواناً ...... وكائِنات
مُمَزَّقةٌ أَنا
مَطْعُونةٌ أَنا
مُثْخَنةٌ بالجِراح
فيا إِلَه أَيُّوب ..... انهضْ
ففَوْقَ تُرَابي
دَمٌ غَزِيرٌ باسْمِك يُسال
وباسْمِك يُظْلمُ ويُذْبَحُ الأَبْرِياء
يا إِلَه ايليا ..... انهضْ
المَرْضى يَمُوتُون برُعْبِ الانْتِظار
يا إِلَه أَرْميَا ..... تَبيَّن
إِنّك مَجانِيناً خَلَقْتَ
بجُبَّتك اعْتَمروا
وسَفَكُوا الدِّماءَ والدِّيَارَ خَرَّبُوا
ثُمّ بإِرادَتِك حَلَفُوا
لا تَصْمُتْ وأَجِرْني
أَنْهَكني جَوْرُهم وجُنُونهم
صارَ السَّلامُ مُحالاً
وكُلُّ شَيْءٍ غُلِفَ باسْمِ الله
وخُتِمَ باسْمِ الله
ومُبَاحٌ باسْمِ الله
حَوَّلُوا اسْمَك ماركةً تِجَارِيَّة
لتَسوِيقِ الظُّلْمِ والعُنْفِ والقَتْلِ والحُرُوب
وكُل البَشَاعَات
مَجْنُونٌ هو الإِنْسَان
مَجْنُونٌ هو هذا الَّذِي خَلَقْت
من بَيْنِ الكائِنات
مَجْنُونٌ هذا الإِنْسَان
أَلا من نَجاة
وبك الرَّجَاء

2000ــ 2008

المُتَعَلِّقات : ــ
(1)
قَنَت : احْمَرَّتْ ــ اصْطَبَغَتْ باللَّوْنِ الأَحْمَر القانِي { هُنا في هذا النَّص دَلالة على أن السَاحات والأَرْصِفة تَلَوَّنَتْ بالدِّماءِ في إِشارَةٍ إِلى القَتْلِ والحَرْبِ والظُّلْمِ . }
(2) اخْتَبَرَ النَّبِيُّ ايليا الأَلَم في نَحْو سَنَة 850 وذلك في أَصْقاعِ شبه جَزِيرَة سيناء بَيْنَما كان هارِباً من غَضَبِ ايزابيل " والْتَمَسَ لِنَفْسِهِ المَوْت وقالَ : حَسْبِي الآن يارَبّ فخُذْ نَفْسِي فأنِّي لَسْتُ خَيْراً من آبائي. "
                                                                                              3 ملوك : 19 / 4
(3) دَعا الرَّبُّ النَّبِيّ أَرْميَا فقَبِلَ دَعْوَته ولكِنّ النَّبِيّ بَعْدَ حِيْنٍ يُمْعِنُّ الفِكْر فيما حَدَثَ لهُ فيَظْهَر وكأنَّ الله قَدْ " خَدَعَهُ " وقادَهُ قَسْراً :
" قَدْ خَدَعْتَني أَيُّها الرَّبُّ فانْخَدَعْت
أَلححْتَ عليّ فغَلَبْتَ
فقُلْتُ لا أَذْكُرْهُ ولا أَتكلَّمُ باسْمهِ من بَعْد ،
ولكِنَّهُ كانَ في قَلْبِي كنَارٍ مُحْرِقَة قَدْ حبسَتْ في عِظامِي
فجَهَدَني إِمْساكه ولم أقوَ على ذلك
"
                                           ارميا 20 / 7 ــ 9
(4) ناجَى أَيُّوب البارّ رَبَّهُ : ــ
" يَداكَ جَبَلَتاني وصَوَّرَتاني بِجُمْلَتي أَجْمَع ، آوَ الآن تَمْحَقُني !
اذْكُرْ إِنّك قَدْ صَوَّرْتَني مثلَ الطِّين ، أفتُعِيدني إِلى التُّرَابِ
"
                                                                    ايوب 10 / 8 ــ 9

المُلاحَظَات (2) (3) (4) مُسْتَقَاة عن كِتاب ( في يَد الله ) تأْلِيف الأَب شاليكس وتَرْجَمة الأَب البير أبونا .



 

 

free web counter