نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

شيرزاد شير

 

 

 

 

الأثنين 6/3/ 2006

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 


إلى أمّي، في الثامن من آذار!

 

شيرزاد شير
betrme@yahoo.com

في مطلع الربيع من كل عام يحتفل العالم المتمدن والحر ومعه كل القوى المؤمنة بالمساواة والعدالة الاجتماعية بعيد المرأة العالمي، تعبيرا عن المكانة الرفيعة والسامية للمرأة في المجتمع ودورها الأساسي في حياة البشرية جمعاء...
وفي مثل هذا اليوم يسترجع المرء ذكريات الطفولة ودفء الأم الحنون وعناقها الحار وشوقها وحبها العميقين وسعة صدرها وعطفها الخارق لكل الحواجز والحدود...ويستعيد المرء أيضا العمر كله، منذ مشقة الحمل وألام الولادة والرعاية والعناية بالوليد وعذابات الحياة اللاحقة في تحمل كل الصعاب في التنشئة والتربية وتكوين شخصية الفرد، ليشق طريقه في الحياة ويجد مكانه الطبيعي في المجتمع كعنصر نافع ومفيد لذاته ومحيطه، وليصبح خير خلف لخير سلف !
وعلى المرأة في مجتمعات الشرق عموما وفي العراق على وجه الخصوص، إضافة إلى كل ذلك أن تتحمل عبئا أخر أكثر ثقلا، يزيدها معانات ويجعل حياتها أكثر قسوة وضراوة وألما وشدة... فمصائب العقود الأخيرة والحروب المأساوية والنزيف المتواصل لدماء أبناء هذا الوطن الذي اكتوى بنيران عصابة كانت تستلذ في القتل والتعذيب والإرهاب والقمع وسفك الماء خير شاهد على ذلك...
فكم من الأمهات فقدن فلذات كبدهن ووحيدهن، وكم من حبيبة غرامها، وكم من عروس فارسها، والعائلة الكبيرة أعزائها، والقائمة تطول لتشمل كل الشرائح الاجتماعية، نتيجة السياسة الإجرامية والشريرة للسلطات المستبدة وعصاباتها الدموية، أو امتدادا ونتاجا لبذور الحقد والكراهية التي زرعت في تربة الوطن...
أجل، لقد تحملت المرأة العراقية ولا زالت ما لم تشهده أية امرأة أخرى في حياتها وفي كل أرجاء عالمنا المضطرب ... لقد كتب عليها ولكي تكتمل اللوحة جيدا، ويا للأسف الشديد أن تمر بجميع تلك المراحل... !؟
واليوم وأنا أقف على عتبة هذه الذكرى العظيمة، أضع أولا باقة من النرجس على قبر أمي، التي اخترقت جسدها البريء قبل ثلاثين عاما ونيف 16 رصاصة حاقدة وفي وضح النهار من بنادق نظام الجريمة وأوقفت سير حياتها وهي لم تعش نصف عمرها الطبيعي، وثانيا باقتين من أجمل أزهار بلدتي على قبري شقيقتي وجدتي اللواتي اختلطت دماؤهن معا وقبل عشرين عاما، في ليلة الغدر بأيادي جبانة لعناصر السلطة العاهرة، وأنثر في الوقت نفسه حضنا من الأزهار على صدور الآلاف من الأمهات والبنات ممن حُرِمن من العيش بسلام وأمان وقُطعت أحلامهِنّ واغتصبت كرامتهِنّ ...
في هذه اللحظات بالذات أنحني إكراما وإجلالا أمام قاماتهِنّ... فهنّ بكل حق أقدس المقدسات في الوجود ولا وجود لما هو أقدس منهنّ...

طوبى لكِ يا أمي وطوبى لكنّ جميعا في هذا اليوم الخالد ومجدا وفخرا لمآثركنّ وتضحياتكنّ...
والمجد للثامن من آذار يوم المرأة العالمي وكل عيد وكل عام والجميع بخير، والثقة والآمل بغد أكثر إشراقا..

وهنيئا لكِ بعيدكِ أيتها المرأة العراقية الشامخة والرفعة لكِ أينما كنتِ...