| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

شاكر الناصري

 

 

 

الثلاثاء 6/4/ 2010

 

لمصلحةِ مَن يجرى هذا الأستفتاء ؟

شاكر الناصري

على الرغم من عدم شرعية ودستورية وقانونية الأستفتاء الذي يجريه التيار الصدري لأختيار مرشح لرئاسة الوزراء في العراق ، الا إن ما يحدث يحظى بإهتمام أعلامي كبير داخل العراق من قبل الأعلام الحكومي الرسمي أو شبه الرسمي وكأنه لابد وأن يتمخض عن تحول كبير في العراق ووضع نهاية لما يحدث من صراعات ومساومات مقلقة وحل للأزمة السياسية التي تزايدة بعد أعلان نتائج الأنتخابات البرلمانية الأخيرة والتي تتوجت بفوز القائمة العراقية .

وعلى الرغم أيضا من كل ما يصرح به قادة التيار الصدري بان الأستفتاء يخص أتباع التيار وحدهم وهو محاولة لأخلاء مسؤوليتها ، أي قيادة التيار، وأن تبتعد عن الضغوط التي تمارس عليها من قبل القوائم الفائزة في الأنتخابات الأخيرة من أجل أشراكها في الحكومة المقبلة أو لتحقيق أغلبية برلمانية وإن هذا المسعى هو لحلحلة أزمة أختيار رئيس الوزراء رغم ان نتائج الأنتخابات واضحة ولاتحتاج الى تعقيد دستوري أو قانوني أو حكم قضائي ،الا ان ثمة أشارات تصدر من هذا التيار بان من سيفوز في هذا الأستفتاء سوف يحظى بدعم الأئتلاف الوطني العراقي الذي يشكل التيار الصدري جزءا منه وبالتالي أخراج الأستفتاء من أطاره الداخلي المحصور في التيار الصدري الى منطقة أوسع مما يعني فرض أمر واقع آخر غير ما أفرزته الأنتخابات الأخيرة وتجاوزا لها.

حين نشاهد ما تنقله وكالات الأنباء والمحطات الفضائية من صور حية عن مجريات الأستفتاء فإننا نجد أن ثمة أمر ملفت يدار بحرفية ومخطط له بشكل جيد ولا يمكن أن يتم دون أتفاقات مسبقة وفي نفس الوقت فإن ما يقوم به التيار الصدري هو محاولة لأعادة توجيه أختيارات الناخب العراقي الذي أدلى بصوته من خلال تركيزه على خمسة مرشحين لمنصب رئيس الوزراء اربعة منهم ينتمون الى ذات التوجهات الفكرية والعقائدية والمذهبية التي ينحدر منها التيار الصدري .

لانريد أن نبالغ فيه قراءة أستفتاء التيار الصدري ولكن أبسط ما يقال عنه إنه أستفتاء شعبي يتم وفقا لمنطق التحشيد وأثارت الهمم وأبعد ما يكون عن قيم الأنتخابات أو الأستفتاءات التي يفترض إنها متوافرة في اية عملية أستفتاء . أستفتاء كهذا يعلق الكثير من الساسة الذين يتنافسون فيما بينهم ويحتاجون الى دعم حتى لو كان خارج الأطر الشرعية ،آمالهم عليه فلعله يكون جواز مرورهم نحو كرسي السلطة .

حين تقول أستفتاء فلابد من مراعاة الكثير من الضوابط ولعل أبرزها ،أن يتم الأستفتاء بسرية ودون تأثيرات جانبية وأن يشارك فيه من بلغوا السن القانونية حتى لو كان من أجل أبسط الأشياء فما بالك بأختيار رئيس للوزراء ..!! أطفال وشباب لم يبلغوا السن القانونية تبرزهم الكامرات وهم يملئون القسائم الانتخابية الخضراء بشكل جماعي ، لماذا قسائم الأستفتاء بلون أخضر ، من الذي أختار هذا اللون أو طبيعة ونوعية المعلومات التي تحتويها ..؟؟؟

من دون شك فإن النتائج التي أفرزتها الأنتخابات البرلمانية الأخيرة تعد صفعة قوية لبعض قوى الأسلام السياسي في العراق وخصوصا المجلس الاسلامي الأعلى الذي فقد الكثير من مقاعده البرلمانية وحصل الكثير من رموزه القيادية ، الذين كانوا وما زالوا رموزا للتصعيد والأنقسام الطائفي ويتهم الكثير منهم بارتكاب جرائم التطهير والتهجير الطائفي ،على أصوات تعد على أصابع اليدين ، فيما تمكنت قوى أخرى من أزاحته وأحتلال مكانته في قيادة توجهات سياسية داخل العراق ولعل خسارته لقيادة الأئتلاف الوطني وتحولها الى التيار الصدري واحدة من أشد وأقسى هذه الصفعات وإن ما يقوم به التيار الصدري حاليا ونقصد الاستفتاء الذي يجريه في العراق يعد أعلان أولي على نزع قيادة الأئتلاف الوطني من المجلس الاسلامي الأعلى .

ما يسعى اليه التيار الصدري في العراق هو أن يتحول الى قطب أساسي في صناعة التوجهات والمعادلات السياسية في العراق ويبدو أن قيادات هذا التيار باتت مقتنعة بأنها تجيد القيام بدور صانع الملوك وفقا لما يردده الكثير من المحللين والمعلقين السياسيين . غير أن هذا الدور يجب أن يكون وفقا لما تحقق بفعل الأستحقاق الأنتخابي وأن يعي الجميع أن ما يقومون به من مساومات من أجل تشكيل الحكومة المقبلة في العراق ما هو الا تلاعب بنتائج الأنتخابات التي أقسم الجميع على نزاهتها ودقتها وأستغفال للعراقيين الذين منحوا أصواتهم لمن يجدون أنهم يمثلونهم . وإن اية محاولة تهدف الى الالتفاف على نتائج الأنتخابات ، إن كانت تحت ذريعة التوافقات السياسية أو المحصصات الطائفية والقومية أو بذريعة الكتلة البرلمانية الأكبر ، تعد نسفا سافرا وصريحا لكل الأدعاءات التي طالما أتحفتنا بها القوى المتصارعة الان ، أدعاءات الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة وأحترام توجهات وأختيارات الناخب العراقي.
 

 

free web counter