| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

شاكر النداف

 

 

 

الأربعاء 25/3/ 2009



75 عاماٌ على ميلاده ، ماذا حصد منها الشعب العراقي؟

شاكر النداف

تحت ظروف التطور المتلاحق للمجتمع العراقي ، ونمو فئات اجتماعية جديدة في المدن والاطراف ، حيث تنامي ووضوح الانقسامات الاجتماعية بداية القرن الماضي ، وتنامي الوعي الاجتماعي ، و تأئير النفوذ الاجنبي ، والافلاس العقائدي والاخلاقي للنظام السياسي انذاك ، و نتيجة لذلك اصبحت الضرورة محتمة لظهور تنظيم يلبي الحاجة الاّنية ويرسم الطريق لمستقبل زاهر.
فلقد اتحدت الجهود الواعدة من قبل مجموعة من المثقفين الماركسيين الذين اسسوا اللبنات الاولى ، اتحدت في مؤتمر تأسيسي انبثق عنه الحزب الشيوعي العراقي عام 1934 ، حزب من طراز جديد بقيادة المناضل السياسي في حركة التحرر الوطني يوسف سلمان يوسف (فهد) ، حيث كان في وقت واحد على تماس بالزعماء الوطنيين من امثال جعفر ابو التمن وفهمي المدرس وغيرهما من ممثلي الطبقة الوسطى الوطنية المناوئة للاستعمار انذاك ، ويناضل كذلك مع الكادحين وكان في طليعتهم ، حيث كان الحزب يجمع بين النضال الوطني التحرري والنضال الجماهيري المستقبلي ، مما جعله حزب يمتلك قوة دينامكية مستمرة لها جذور وطنية وتأثير جماهيري مشهود ، حزب يندمج بالحركة ويتصدر نضالاتها ولا ينعزل عنها في ظروفها المختلفة فلا يكون ذنبا في مؤخرتها ولا يوغل في الاندفاع بعيدا عنها ويتركها فينقطع هو بدوره عن مصدر قوته وحيويته.

لقد خاض الحزب الشيوعي العراقي ومنذ انطلاقته الاولى نضالا وطنيا ، جماهيريا على كافة الاصعدة من اجل حقوق العراقيين ، فقاد التظاهرات والاضرابات وكافة اشكال العمل النضالي المفعم بالبطولة ، حيث كان يقود الانتفاضات الجماهيرية ضد المعاهدات الاستعمارية الجائرة ومن اجل الخبز وضمان معيشة الناس. ومن هذا المنطلق تعززت الروح الوطنية ولحمة الجماهير واستمراريتها في الدفاع عن وطنها وتعزيز مصالحها المطلبية.
يضم الحزب في صفوفه اعضاء من مختلف الوان الطيف العراقي الزاهية مما حصنت من رصيده الجماهيري ، فهو حزب جماهير الشعب العراقي ، يستمد العزم منها. وهو حريص على وحدة العراق ومدافعا امينا عن حقوق القوميات والفئات العراقية الاخرى ، و قدم برامج ذات تصورات وحلول جادة من اجل حقوق القوميات حيث شكلت القضية الكردية اهم هذه القضايا ، و اثبتت الحياة صحة معالجاته وارائه.

لقد ساهم الحزب بقوته الجماهيرية بأسناد وحماية ثورة 14 تموز 1958 ، حيث لعب دورا مرموقا في عملية المساهمة لسن قوانين بالغة الاهمية في تطور العراق الاقتصادي والاجتماعي وعلى رأسها قوانين الاصلاح الزراعي وقانون النفط والاحوال المدنية وذلك بفعل المد الجماهيري ومنظماته ، حيث اكتسبت قوة وشعبية ، تقدم الشيوعيين الصفوف دفاعا عن مصالح الجمهرة الواسعة لفئات الشعب المختلفة حيث نظمت الجمعيات والاتحادات والنقابات ومن اهمها الطلبة والشبيبة ورابطة المرأة ونقابات المحامين والمهندسين والمعلمين وغيرها. ان اهمية النظام الديمقراطي المؤسساتي في فكر الحزب جعله يطالب انذاك بأنتخابات حرة و حكومة ديمقراطية دستورية ، مما يجعله احد روافد قوى الديمقراطية في العراق. ولم يغب عن بال الحزب النضال من اجل اشاعة ثقافة السلم والتعايش الاهلي رغم كثرة العوائق والصعوبات.
يعتبر الحزب وبحق مدرسة للجماهير ، حيث تخرج من هذه المدرسة الكثير من المثقفين والادباء والشعراء والفنانين المعروفين والذين يفتخر الشعب العراقي بعطاءاتهم الفكرية والادبية حيث يشكلون جسرا للتواصل مع الاجيال القادمة.

وعلى مذبح الحرية والدفاع عن الوطن ومن اجل عراق حر ومستقبل زاهر ، قدم الحزب الشيوعي العراقي مئات من الشهداء. أن مسيرة 75 عاما هي جزء حيوي من مسيرة الشعب العراقي وتأريخه المعاصر ، فهي كأي مسيرة اخرى ومثل أي كائن حي تخضع لمتغيرات محيطها ، تتراجع وتخطأ في تقديراتها احيانا, لكن قلبها يبقى واعدا نابضا بنسغ الحياة ، تجدد شرايينها وتشد العزم في المضي الى عمل اكثر نجاحا. أن مسيرة 75 عاما اعطت اعلى الخبرات نضجا لدى حزب المستقبل ، لقد حصد الشعب العراقي منها ، قوة مدافعة و داعمة لمصالحه الحيوية و مؤثرة في اي عملية تغيير سياسي واجتماعي يهم حاضر ومستقبل البلاد والتي لا يمكن الاستغناء عنها او تجاوزها رغم بعض الاخفاقات المؤقتة ، وعلى الجميع الاستفادة من الخبرات المتراكمة واغناء عمل الحزب. فلنوقد الشمعة الخامسة والسبعين ونحن على امل بمستقبل مشرق.


2009 اذار

 

free web counter