| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

شوقي العيسى

Shoki_113@hotmail.com

 

 

 

 

الأربعاء 18 / 7/ 2007

 

 


علاقة القانون بفنجان القهوة!
 

شوقي العيسى

من خلال نظرة ممحصة لأفق الحياة نجد أن كثير من أبجدياتها تحتاج الى قانون تسير معه وتلتزم بمكنوناته والقانون الأعم هو القانون السماوي الذي وضعه الخالق للبشرية عن طريق الأنبياء والأوصياء ، وبما أن القانون هو الركن الأساسي الذي يحمي جميع الكائنات الحية بل وحتى الطبيعة.

وعندما نتحدث عن القانون تختلج الى الأذهان صورة من صور الإذعان والأحترام والتقيّد ،ذلك هو المعنى الذي يتداركه البعض وهو بحد ذاته نقطة ايجابية في مجال برمجة الحياة واعدادها للخوض في ضمار كافة المجالات ، ولو تمعنّا بعنوان المقال فنرى أن هناك علاقة بين القانون وفنجان القهوة.

دأبت العرب بشكل عام ومنذ القدم على حياة البادية التي كانت أصل العرب ،وكانوا آنذاك يجتمعون قبائل ليتعايشوا في الصحاري والوديان بحثاً عن العشب والمياة لمعيشتهم ومعيشة حيواناتهم التي يقتاتون عليها، وبطبيعة الحال كان لزاماً على القبيلة أن يكون لهم رئيس يتولى شؤونهم فأخذت القبائل تختار ما يسمى بشيخ القبيلة أو العشيرة لكي يكون القاضي والحاكم والفيصل بينهم ويعود اليه الجميع لحل مشاكلهم ، وهنا كانت ثوابت وأسس تم وضعها كقانون يحتذى به الجميع ويعمل من أجله وما شيخ القبيلة إلا كالقاضي أو المحرّك لذلك القانون.

ولكي نكوّن فكرة أكثر كانت أغلب القوانين في القبيلة أو العشيرة مرهونة التطبيق حسب رؤىً وقناعات شيخها فهي مبنية على مجموعة من الاحتمالات والتقدير يخضع لرغبات واهواء صاحب القبيلة أو العشيرة ومن هنا برز دور فنجان القهوة وعلاقته الوثيقة بالقانون ، حيث كانت الطلبات التي تقدّم الى صاحب القبيلة يتقدمها فنجان القهوة ورؤية ذلك الفنجان هل تم تقبُله وهو حال الموافقة والرضا وإذا تم رفضه فصار لزاماً على رئيس القبيلة أو شيخها أن يعمل جاهداً في سبيل إرضاء المقابل القادم بقضيته ، وكما هو معروف يوضع فنجان القهوة على الأرض ويترك بدون شرب له وهنا يسأل صاحب الدار أو العشيرة عن سبب رفض شرب فنجان القهوة فيشرع القادم بعدم شرب فنجان القهوة إلا بقضاء حاجته التي جاء من أجلها فيستجيب له صاحب القبيلة بشراب فنجان القهوة والذي جاء به منتهي بدون أن يعرف القضية ومهما كانت القضية ومدلولاتها فيجب أن ينهيها صاحب القبيلة لصالح القادم اليه ، وهنا لابد من الإشارة الى أن فنجان القهوة تقدّم على القانون وحتى وان كان القادم قاتلاً أو سارقاً أو.... فإنه ينجي من العقوبة.

فكانت العلاقة وطيدة بين فنجان القهوة والقانون بحيث ساد عند العرب أن فنجان القهوة له كيفيات وأشكال في طريقة التقديم وله معاني تختلف بحسب الطريقة التي يقدّم بها ، ولذلك فقد تلاشت بل واقتصرت تلك الظواهر على حياة البادية أو الحياة البسيطة التي تخلو بمجملها من عمليات الاجرام ، أما القانون فقد أخذ منحى آخر لتطبيقه فكان له رجال يعملون على تطبيقه في كل ارجاء المعمورة ولايمكن أن يتأثروا بفنجان قهوة بكسر جماح القانون ، إلا أن الوضع في العراق يكاد يعود الى مربع فنجان القهوة في تطبيق القانون ، فبالرغم من سن الدستور وتشريع القوانين من ذلك الدستور إلا أن الوضع عاد الى فنجان القهوة فنرى العديد من المسؤولين والمتصدين متهمين بالإرهاب ويعملون مع الإرهاب ويشجعون عليه إلا أن القانون لايمسهم وذلك بفنجان القهوة وعادت تلك المضايف لتحل بدل القانون وعاد قانون الغاب.

فنرى جميعاً والعالم أجمع أن جبهة بأكملها يتورّط أعضائها بقضايا الإرهاب ولكن فنجان القهوة له مدلولاته في مرحلة تطبيق قانون الإرهاب وشيخ القبيلة عاد حسب رغباته وشهواته في مرحلة تطبيق القانون ، وكسر جماح القانون عاد من جديد بحلة جديدة وبأجندة سياسية هذه المرة وبتكنولوجيا الحروب الاعلامية ، فمتى تنتهي اسطورة فنجان القهوة "والفريضة" والذباح يجلس ليشرب فنجان القهوة مع القاضي والضحية بلا رأس ، والضحية مقطّع الأشلاء ، فهكذا أصبح العراق ليتقدّم فنجان القهوة على القانون.