| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سميرة الوردي

 

 

 

الأحد 4/12/ 2011

 

قصائد لن تنتهي (4)
للشاعر علي جليل الوردي

سميرة الوردي

الرغبة للحرية والسلام والعدل لن تنتهي الا بانطفاء الحياة ، وبالرغم من عيشنا في منعطف تاريخي يرغى ويصطخب ـ ولكن هل هو حقا منعطف تاريخي سيتغير فيه وجه امتنا للأفضل والأحسن أم هي عملية استبدال طغاة بطغاة جدد ؟؟؟ !!! ـ
و لابد من مجيء حياةٍ مزدهرة هادئةٍ يعيشها الناس والمجتمع بعد انقشاع الزبد .
هذا ماحلم به شاعر الشباب ( كما كان يطلق عليه زملاء وأصدقاء ومرافقي دربه النضالي في تلك المرحلة من أربعينيات وخمسينيات القرن المنصرم )
لم ينطفيءْ توهجه وحماسته للحرية والشعر ولم يضعف بالرغم ما مر به من مرارة وألآم لم تنتهِ إلاّ بانطفاء حياته .

( هموم الأديب )

طرحَتُ ورائي همومَ الأديبِ
وقلت لنفسيَ : لا تكأَبي
ضعي القلمَ الحرَّ فوقَ الرُفوفِ
بلا أسفٍ ، وبلا مَعتَبِ
وعُودي لأَيامكِ السَالفاتِ
الى مسجدٍ ، أو الى ملعبِ
الى عملٍ يُتَلهّى به
بلا جهدِ فكرٍ ولا مَتعَبِ
وإنْ كنتِ قد ضِقتِ ذرعاً بها
فعوجي على الحانِ ، ثمَّ اشربي
فَفيمَ هَجرتِ كؤوس الطَّلا ؟
وتُبْتِ نَصُوحاً بلا موجبِ !
فجرسُ الكؤوس يزيل النُحوسَ
ويُحيي النفوس لدى المَشربِ
كشوق ( لبيد ) * نسيمَ الصَّبا
وما كان من أمره الأعجبِ
وكم كان ينحرُ إمّا تهَبُّ
ويُجزل للمُعدم المُتربِ !

فما كان أولاكِ أن تزهدي
وما كان أغناكِ أن ترقُبي !
وماذا يضيركِ أن تتركي..؟
وماذا يفيدك أن تدأبي ؟
مكافأة ؟؟ مثل جود البخيل
بيومٍ عسيرٍ لذي مَترَبِ !
وماذا على القلم العبقريّ
إذا غاب أو نام في غيهبِ ؟
سيأتي زَمانٌ به يعرفون
أخا الفن من مدَّعٍ أكذبِ

فيا نفسُ ، في غيرما حسرةٍ
نصيحةَ حرٍنصيحٍ أبي
أَلا فاحفظي الشعرَ من سقطةٍ
ومِن أن يُضَيَّعَ في سَيسَبِ
أحاشيكِ من منّةِ الناشرين
فكوني الأعزّ ولا تغضَبي

حنانيك لَمْ يبقَ مِن مِرَّةٍ
ولم يبق عندكِ من مأربِ
(........................ )
فربُّكِ أرحمُ بالمُذنبِ
وفيم احتَمْلْتِ هموم الأديب
وما أنت منها على مَطلَبِ؟!
وفيمَ هواك بروض البيان
وفيم غرامُكِ بالمكتبِ ؟
وفيم شقاؤكِ بالمفردات
متابعةً أيما مذهبِ ؟
وفيم اصطيادُك للشاردات
وعشقُكِ للكلِم الطيبِ
سمير المعاجم حتى الصباح
وتأتين بالمطرب المعجبِ
وتعطين من شعرك المستسا
غ ما هُوَ أجزى من المكسبِ
تُذيبين ذاتكِ ذوبَ الشُموع
لينجابَ جنحُ الدجى المُطنبِ
وفيمَ رضاؤك أن يقطعوا
مقاطعَ منه ، ولم تغضبي ؟
فكم شطبوا منه بيت القصيد
فكانَ الضحيّة للمِشطَبِ !
وكم سَخَّموا وجه بنت الخيال
بغير مِساغٍ ولم تذنبِ !
وكم حلقوا رأسَها عَنوةً
فعادت بمنظرها الأجرب !
ومَن خوَّل الناشرَ الألمعيّ
تصرُّفَ ذي سطوةٍ أغلب ِ !

حنانيكِ يانفس كفِّي يداً
وكفّي طلاباً ولا تتعبي
ففيم انتظارُكِ (شهراً) لكي
تَريْ نشرَ شعر الهوى المطربِ ؟
فقد فاض كأسكِ من حقبةٍ
بكل مريرٍ لدى المشربِ
وقد صرفتكِ صروفُ الزمان
عن النبع والموردِ الأعذبِ
تجاوزت ِسبعينها ، عالياً
إباؤكِ عند إباء الأبي
تجاوزتِ سبعينها ، مثقلاً
سنامُكِ بالمُجهِد المُتعبِ
فماذا ترومين مِن بعدها ؟
وما حاجةُ القانع الأشيبِ ؟

وياحرفُ عذراً ، فما لي يدٌ
ولا ذلةُ الحرف مِن مذهبي
قضيتُ الشّبابَ حريصاً عليكَ
أحاشيكَ مِن حَلَبةِ المكسبِ
وصُنتكَ مِن جالبات الهوان
فكنتَ عزيزاً كريمَ الأبِ

ويا شعرُ هل لو عزمتُ الوَداعَ
أكون صدوقاً ولم أكذبِ ؟
وقد كنتَ ياشعر بعضَ العزاء
لذي شَجَنٍ مُرْهَقٍ مُتعَبِ
وكنتَ له آسياً حانياً
تكفكفُ مِن دمعه الصَيِّبِ
وداعاً ،وداعاً ، يراع الأديب
بلا أسفٍ وبلا مَعتَبِ

 

* لبيد بن ربيعة العامري : أحد شعراء المعلقات السبع ، حلف الا تهب الصبا إلاّ نحر وأطعمَ ، وقد برَّ بوعده ، فلما أسلم كانت له جفنتان يملأهما كل يوم طعاما ويغدو بهما على مسجد قومه فيطعمهم .

 

 

 


 

free web counter