| الناس | الثقافية |  وثائق | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

سميرة الوردي

 

كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 

الأحد 12/9/ 2010

 

بقية الملف تالف
لماذا الديمقراطية والعلمانية !!!!!!!!

سميرة الوردي

لم يتبق من بين دوي الإنفجارات والدخان ومسيل دماء الأبرياء سوى ومضات أيام بل الأصح والأصدق سويعات ودقائق من أيام مضت ، عشناها في لحظة من لحظات سنينا المريرة.
ثقافة أي مجتمع ماهي إلا دليل حي على تطوره ورقيه .وهذا ما نفتقده منذ سنوات طوال منذ انفراط عقد السبعينيات وانشغال الناس بأتون الحروب التي دمرت البلاد والعباد ولم ينته أوارها لحد اللحظة ، عدا بعض الومضات الثقافية والفنية هنا وهناك تحاول فرض وجودها رغم اسوداد الأفق .

فمازال لأمسيات اتحاد الأدباء ولياليه المقمرة برموزه الكبيرة الدافئة المفعمة بالصدق والعلم والأدب آثارها التي لم تستطع أعتى الحكومات وأشرسها من طمسها، ومازال لذكرى مكتب أنصار السلام ذلك المكتب البسيط ببنائه وأثاثه والذي لم يعد يتذكره الناس ، يقع في الطرف المقابل للإتحاد أصبح في زمن الحكومات غير المعمرة والبانيه لأي قيم أو حضارة ساحة لسيارات الأجرة ، ولرمي النفايات .

ذلك المقرين اللذين كانا امتدادا وشاهدا لتاريخ العراق ، منذ انبعاث أول حضارة فيه إلى اختفاء آخر شاعر ومناضل وداع للسلام هربا من تعسف الدكتاتورية حين غزت العراق في العصر الحديث .
لمعت في سماء تلك الأماسي أسماء كثر الجواهري ، عزيز شريف ، علي جواد الطاهر ، توفيق منير ، علي جليل الوردي ، بلند الحيدري يوسف الصائغ ،الفريد سمعان أسماء كثر نستهم الذاكرة وظلمتهم الحكومات .

الملف لم يتلف وحده بل أتلف ذكرياتنا بتلف تلك الروح البغدادية الهادئة التي رشفت من دجلة خيره ووداعته ، تلك الأرض الثرية ما أن تتلقف البذور حتى تصبح شجرة وارفة الضلال لذيذة الثمار ولكن مازال أبنائها جياع .

سنوات مريرة مرت ولم تتخللها سوى ومضات من الحياة الحقيقية المملوءة بأمل الحرية ، لكنها سرعان ما تُطفأ لتُخلف ندوبا لا تُمحى في روح العراقيين الذين جاهدوا وصبروا .
ولو عدنا للأسباب الحقيقية لهذه الدورة من الفوضى التي لم تستقر لكل قارئ لتاريخ العراق لوجد أسبابها واضحة وضوح الشمس وأولها  :
• غياب دولة المؤسسات في كل ميادين الحياة .
• غياب القوانين التي لاتفرق بين الناس ،وتجعلهم سواسية.
• عدم الاتعاظ والأخذ بتجارب ما مضى
• سياسة تهميش الناس وتجهيلهم وابعادهم عن أداء دورهم الفعلي في بناء المجتمع
• حصر الحكومة بيد فئات سياسية هيمنت بقوة المحتل والمال والسلاح وإبعاد ذوي الكفاءات عنها .
• عدم الاهتمام ببناء المجتمع علميا وصحيا وعدم توفير فرص عمل .
• عدم الاهتمام بالمناهج المدرسية التي تواكب التطورات العلمية و تشيع روح الديمقراطية والتسامح مما يؤدي إلى تغيير في أنماط السلوك التي اعتاد عليه الفرد العراقي.

إننا بحاجة إلى بناء حضاري في كل الميادين ابتداء من الساسة الذين لم يستطيعوا وبعد مضي سبعة أشهر على تشكيل الحكومة ولآخر طفل ينجب على هذه الأرض .

أين الديمقراطية التي لم ترفع إلى الواجهة إلا نفس الفئات والأحزاب التي أثبتت فشلها بعد مرور سبع سنوات.
ما هو دور المجتمع الذي ما زال يركض وراء لقمة العيش ليل نهار ، وهو مغيب الفكر .

نحن بحاجة إلى ديمقراطية حقيقيقة والى قوانين لا تُخرق أو يُتلاعب بها حسب الأهواء والأمزجة . بنيت الشرطة وبني الجيش وحول بعض المقاتلين إلى صحوات واختفى آخرون في دهاليز المساكن والمقابر ، ولكن لم تبنَ الروح العراقية، الآمنة المستقرة بفيء القوانين الواثقة المطمئنة في رواحها وإيابها من أن يد الجريمة والتسلط لا تنالها.

حلمنا بالديمقراطية وبأنها الحل الوحيد لتغيير الحياة وإنهاء الكوابيس عن هذا البلد الذي ابتلي منذ الأزل بالطاعون والموت الزؤام على أيدي الطغاة المتعطشين للمال والسلطة ، وحلت حرية موهومة جاءت بها مجنزرات المحتل وبدلا من اعمار البلاد أصبح مسرحا لانتهاك حقوق الإنسان وبأبشع صوره ألا وهو حقه في الحياة.

فمازالت الأحزمة والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة وكواتم الصوت تلغُ بدم الأبرياء من العراقيين الذين يُغتصب حقهم في كل لحظة وبكل مكان.

إذاً ما فائدة طوابير الشرطة والجيش والصحوات والاستخبارات!؟

إن بناء المجتمع وتلبية احتياجاته وتحقيق رخائه هو الكفيل بحمايته وحماية سياسييه الذين يضعون نصب أعينهم خدمة المجتمع وليس سلبه حقوقه.

اختار العراقيون الديمقراطية وأعلى تجليات الديمقراطية هي الانتخابات الحرة النزيهة التي تُفرد الغث من السمين ولكنها ويا للأسف ، لم ينل الشعب منها سوى الصراع والتسويف والمماطلة.

أما العلمانية فهي الباب المغلق والذي يتمترس ضده الكثير من السياسيين وأبناء المجتمع تحت ذرائع شتى ، متناسين أنه الحل الأوفق لمجتمع عامر بأشكال الطيوف الدينية والعرقية . لا شئ يوحدهم غير انتمائهم لدولة محايدة تجمعهم تحت عباءتها وتقويهم تحت رايتها ، وهذا أمر لا يمكن تحقيقه إلا بدولة علمانية تحتكم لدستور وقانون مصادق عليه من الجميع ولا يمكن تعطيله أو خرقه.

إن العلمانية جاءت بعد مرور أمم وشعوب بمراحل ومشكلات سببت لهم الكثير من المعاناة فلم يجد سياسييهم سوى الإيمان بالعلمانية كطريق لحل الكثير من المعضلات والإشكالات السياسية والاجتماعية.

نحن نحيا في عالم واحد عالم قريب بعضه من بعض ، لم تعد الكرة الأرضية مترامية الأطراف وكل يحيا في برجه العاجي أو الذهبي أو البرونزي . بل نحن نحيا مع العالم حتى ونحن داخل بيوتنا وما يحدث في أبعد نقطة في القطب الشمالي أو الجنوبي قد نعلم به قبل غيرنا .

إن شعوبنا تحيا في واد وسياسيينا في واد آخر متجاهلين أبسط احتياجات هذا الشعب الذي أتعبته الحروب ومسايل الدماء والتنافرات الدينية والطائفية والعرقية والحزبية ولا حل لنا إلا بعلمانية الدولة وبديمقراطية حقيقية لا تتلاعب بها برمجيات دول كبرى ، وأناس لا يميزون بين المصلحة العامة وعواطفهم.

نحتاج إلى حكومة يسوسها أناس ذو كفاءات علمية ينقذون البلد من براثن الطائفية والجهل والخوف والحاجة .


 

free web counter