|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 28/4/ 2011                                                           صالح البدري                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

سُطوعُ الغضَب !؟

صالح البدري

لم يكن الحكام ( العرب !! ) يوماً أوفياءَ أو مخلصين لشعوبنا العربية ، سواء أكانوا ملوكاً أو أمراء أو رؤساء جمهوريات ( وراثية وغير وراثية ) أو إنقلابية أو عميلة جاءت على ظهور دبابات الأحتلال العسكري الأستعماري ( بريطانية فرنسية إيطالية أميريكية وإسرائيلية وغيرها ) .

ولا يملكون ذرة إحترام وتقدير لمشاعر وحقوق هذه الشعوب ، وخاصة الطبقة الكادحة والفقيرة ومثقفيها .

فمنذ 16 أيار/ مايو 1916 ، عام الأتفاقية البغيضة والسيئة الصيت التي أقرت وتقاسمت كعكة الوطن العربي الى دويلات ليسهل إستغلالها والسيطرة عليها ، وتحت مسمى إتفاقية ( سايكس - بيكو ) الأجرامية العدوانية واللاإنسانية - نتيجة لمحادثات بين ممثل بريطانيا السير مارك سايكس وممثل فرنسا مسيو جورج بيكو - وبمشاركة روسيا القيصرية ، والتي يجب أن يلتفت بحلول تأريخها كل عام ، كلُ العرب الشرفاء ويستهجنوا ذكراها ويوم إقرارها ! لأن هذه الأتفاقية المشؤومة ، كرست الذلَّ والأستعباد والمهانة لكل العرب ولازالت ! ولقد كُشف عن هذه الأتفاقية التي كانت سرية طبعاً ، في عهد ثورة إكتوبر السوفياتية عام 1917 لأن روسيا القيصرية كانت طرفاً فيها !

ولم تكتفِ هذه الدول الأستعمارية بتقسيم وتقاسم هذا الوطن العربي الممتد من الخليج الى المحيط ، بل شنت ضدَّ هذه الشعوب حربَها الأستعمارية ، وإنتدبت لها - ومازالت - ( الملوك والأمراء والرؤساء المدعومين عسكرياً وسياسياً ومالياً وإعلامياً عن طريق الأنتدابات والأنقلابات والمؤامرات والأنتخابات المزيفة والكاذبة ..الخ ) ، كحرس ( بودي كارد ) * أو ك (وكلاء ) لحماية مصالحها ونهب ثرواتها طيلة أكثر من خمسة عقود !

وكان من مهام هذا التقسيم هو تكريس الفقر والتخلف والجهل والبطالة والتوريث والأستخفاف بالعقل العربي والشخصية العربية والتقليل من شأنها في أوساط المجتمعات الأميريكية والأوروبية وإستخدام العنف والقمع والسجون السرية والعلنية والرشوة لتزييف الأنتخابات وتأهيل العملاء وإغتيال الكفاءات والعلماء ومحاولات الطمس الثقافي والأتهامات ( المكارثية العربية ) ومحاربة حركة التحررالوطني العربية ، ومصادرة الرأي والحريات والتدخل العسكري المسلح ، كي تسير الأمور كما تحب وتشتهي هي ، وتترك هذه الشعوب مشغولة بلقمة العيش والبحث عن الأمان المفقود والديمقراطية السياسية المغيَّبة وعن الحياة الحرة الكريمة المصادرة والأصلاح الحقيقي والتغير المنشود ! .

إنَّ التعاون الوثيق والمبني على المصالح والمنافع المشتركة والنهب المشترك لثروات هذا الوطن بشكل خاص (ودول ماسمي بالعالم الثالث بشكل عام) مابين الحكام ( المُستوردين خصِّيصاً لتحقيق هذه المهام كأنظمة (كومبرادورية) وسيطة مابين السوق المحلية العربية والأنظمة الأمبريالية الرأسمالية (الكولنيالزم ) الأستعمارية المصدرة للبضائع المدنية والعسكرية ، وشركاتها المتعددة الجنسية ؛ يلخص (فلسفة ) هذا التعاون المبني على حرمان شعوبنا من أبسط حقوقها ، كحق الأنتخاب الحر المباشر والتقاسم السلمي للسلطة والتعددية الحزبية مع إشاعة النعرات الطائفية والعشائرية والأثنية وتحطيم البنى الفوقية والتحتية وتحويلها الى مجتمعات إستهلاكية لا منتجه بالرغم مما تملكه من ثروات أهمها البترول والزراعة والمعادن ..و.. !! وعن سؤال لرئيس وزراء بريطانيا آنذاك ( ونستون تشرشل ) عام 1945 وفي مؤتمر (يالطا ) ؛ حيث وقَّعَت بريطانيا إتفاقية دفاع مشترك مع قائد قوات الحلفاء الرئيس الأميريكي الشمالي فرانكلين روزفلت وجوزيف ستالين ، رئيس إتحاد الجمهوريات السوفياتية السابقة ؛

وكان السؤال : هل لكم أصدقاء دائمون أم أعداء دائماً سيادة الرئيس؟؟ فأجاب ليس هناك أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون . هناك مصالح دائمة !!

إنَّ عزيمة وإرادة وتضحية هذه الشعوب ( في عراقنا الجريح وفي مصر وتونس والأردن واليمن وسوريا والمغرب والجزائر ..و .. ) وإحتجاجاتها وثورتها ضد مايحدث في الواقع العربي المشوه ، وعلى مختلف الأصعدة ومطالبتها بأسقاط هذه الأنظمة الفاسدة المجرمة والعميلة ، وعلى الرغم من فداحة الثمن والتضحيات الكبيرة بالمال والأرواح ؛ كفيل بتغيير الأوضاع السياسية وكشف الفساد وفك الأرتباط بالدوائر الأستعمارية والصهيونية وتحقيق الحرية والديمقراطية وتحقيق المصير المشرق من خلال بناء المؤسسات المدنية كالجمعيات والنقابات والمنظمات وغيرها . وإشاعة الثقافة الثورية ومحاربة الجهل والفساد والقضاء على البطالة والفقر ومشكلة السكن .. وتشريع دساتير وطنية وقوانين منصفة وتحقيق الحلم الأكبر في تحقيق دولة الولايات العربية المتحدة .. وإسترداد الحقوق العربية المُضاعة ... الخ . كل ذلك كفيلٌ بأحباط كل مخططات الدول الغربية والأدارة الأميريكية الشمالية وإتفاقية سايكس - بيكو وإبعادها وإبعاد أهدافها الأستغلالية ( الميكيافيلية ) عن السيطرة على مقدرات شعوبنا المضطهدة والمظلومة والصابرة ؛ و رسم سياساتها في القيادة والتخطيط ورسم المستقبل المشوه ؛ وذلك من خلال قيادات وطنية مخلصة وتعددية تزخر بها أمتنا العربية ، لتدافع عن هذه الشعوب البائسة ، وتحترم خياراتها وطموحاتها نحو الحرية والأمان والتقدم والأزدهار والبناء !!

إن ما يبرر مباركة هذا الغضب العربي المتنامي ، والثورات الشعبية المتصاعدة ضد أعوان وأحفاد ( سايكس - بيكو ) من ( الحكام الحاليين ومن لفَّ لفهم !! ) وضد الصهيونية العالمية وربيبتها ( إسرائيل ) العدوانية التي هي جزء من تآمر ( سايكس - بيكو ) أيضاً يوم إتفقوا على تقسيم فلسطين المحتلة الى مشروع تقسيمهم البغيض ومحاولاتهم لتقسيم العراق بعد إحتلاله وحرمانه من سيادته !

طوبى لشهدائنا الأبرار ، الذين سقطوا في ساحات النبل والشرف والأستقلال ، وقدموا أرواحهم ودماءهم بسخاء من أجل حرية وكرامة هذا الوطن العربي الجميل وكرامة الأنسان العربي المستلب والمكبَّل بقيود الأستعباد والحرمان والعادات القبيحة والضارة فطوبى للأجيال القادمة التي ستبني هذا الوطن العربي الكبير والحبيب ؛ لكي يقف في مصاف دول العالم المتقدمة ، شامخاً مفتخراً برجاله ونسائه و شاباته وشبابه وطاقاته وثرواته التي لا تعد ولا تحصى .

إنَّ ( الحرية َ شجرة ٌ غذاؤُها الدماء ) وكما قالها الفيلسوف والشاعر الألماني (كارل ماركس) .

و ( الغضبُ الساطعُ آتْ ) كما شدت ( فيروز ) !

فهنيئاً لأمة العرب غضبهم .. !!؟؟

وقد قال شاعر الشعب ( مظفر النواب ) في ( وتريات ليلية ) :

" سيكونُ خراباً

هذي الأمة ُ

لابدَّ لها أنْ تأخذ درساً

في التخريب
"

وعسى ( أن يكون هذا الخرابُ جميلا )

كما علق الشاعر الكبير سعدي يوسف على ما أظن !!



* Body Guards
 


النرويج
نيسان / أبريل 2011



 


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter