|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 السبت 24/9/ 2011                                                           صالح البدري                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

منْ همُ أعداءُ ربيع ِ الثوراتِ العربية ؟؟

صالح البدري

يبقى المتأسلمين (عرباً وأجانبَ) من الدعاة أو الحاكمين ( لا المسلمين المتنورين من الذين دافعوا عن الحق والعدل والقيم الأنسانية وناضلوا من أجلها بدمائهم وهم معروفون ولا زالوا ) ، يبقون بأصواتهم المبحوحة وضيق أفقهم وجمودهم الفكري ، أعداءً للحرية والديمقراطية والتغيير ، وأعداءً للأنسان والأنسانية وحق تقرير المصير ، ولا يفهمون شيئاً من مفردات الحضارة والسياسة والتقدم بصنمية غريبة وتعلق بالماضي والألتصاق به حد السذاجة ! ويبقون أيضاً طعماً سهلاً لمؤامرات الرأسمال العالمي وحلف ( الناتو) العسكري والأمبريالي والعدواني الصهيو - أميريكي ، ومن خلال مايقدم لهم من رشاوى ومنح ومكافآت ودعم للتخريب والهدم وتكريس التخلف والأنقسام وتلقي أوامره التعسفية لتطبيق أجندتهم الدموية واللاإنسانية و بدعم لوجستيّ ومالي ومعنوي ، لتمرير مخططاتهم حين تتشابك المصالح على حساب التقدم والكرامة ( وبأسم الأسلام المنشق أصلاً مابين طائفتين ومنذ مئات السنين ) وعلى حساب الفرص الأنسانية الطيبة المتمثلة بالعيش الكريم والكفاءة والرغبة في التواصل الحضاري . لأنهم لايفهمون غير السكونية والأستعباد في الحياة وجمع ونهب المال فيها ( وهذه هي حريتهم الحقيقية ) ، وهذا ( من فضل ربي ) كما يدعون كذبا! ولأنعاش الماضي المقبور بتقاليده الجبرية والسلفية والأكراهية والعنفية ؛ والتي لاتفهم لغة الحاضر ومتطلبات العصر السياسية والثقافية ولا تتماشى ورغبة الأنسان في التحرر والأنعتاق ! وقد قال الخليفة الثالث ( عمر بن الخطاب ) : ( متى إستعبدتمُ الناسَ وقد ولدتهُم أمهاتهُم أحرارأً ) . ولأنها لا تفهم المتغيرات الروحية والحضارية ، لذا يجب إبعاد ( المتأسلمين والمتطرفين والسلفيين والتكفيريين ، عن قضايا الشعب المصيرية وعن مسارات الثورات العربية ومستقبلها ، إذا أرادت النجاح وتحقيق الأهداف الكبيرة لجماهير الشعب كل الشعب ! وعدم إعطاء الفرصة لهم لتحقيق مخططاتهم التصفوية للثورة لتحقيق الأصلاحات

الثورية بعيداً عن تخرصاتهم وتجاوزاتهم المعادية للمجتمع ! إنهم يشكلون (تابو) ضد التطور والتقدم الحضاري ويؤمنون أن (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) لذا هم معادون للأبداع والفن والثقافة الواقعية والبحث العلمي للأسف ، وينشرون الخرافة والكتب الصفراء التي تبعث على الخوف واليأس والعذاب . وهم يُحرِّمون الملذات الشرعية للأنسان ، لكنهم يحللون ويتمتعون بأعظم منها كاللواط والفساد وسرقة المال العام والثراء الفاحش والكسب غير المشروع ، وإضرار المجتمعات التي يقولون عنها ( إسلامية ) جزافاً ، مثلاً !

إنَّ وسم ربيع الثورات العربية اليوم بأنها ثورات تنتمي للأسلام أو توجه للأسلام أو يجب أن تكون بالجوهر( إسلامية ) وشطب كلمات وتعابير من قاموس (الأسلام ) مثل (الحرية والديمقراطية ) ، هو جناية كبيرة وتعدي على دماء من أستشهدوا من ثوارنا العرب من تونسيين ومصريين وليبيين ويمنيين وسوريين وبحرينيين وعراقيين وغيرهم من أجل مقارعة الظلم والدكتاتورية !! لأن الفعل المحرك للثورة - والكل يعلم - هو الجوع والفقر وغياب الحريات وغياب الديمقراطية السياسية وغياب العدالة الأجتماعية نتيجة التفاوت الطبقي الحاد ، وكذلك

البطالة ، وكثرة من المشاكل الداخلية سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً ، لا غياب الفكر الديني الأسلامي أو تطبيق عدالته ! .

ولقد فشل الأسلام وطوال 1000و400 سنة وأكثر كنظام إجتماعي وسياسي في تحقيق العدالة الأجتماعية وحل مشكلة الفقر والعوز والبطالة والمساواة والرقي بالمجتمعات التي سادها التخلف . أو مشاكل المرأة والطفولة . وظل مجرد طقوساً لامنهجاً وتمنيات لاواقعاً ! وإنه على المعممين اليوم أن يقدموا إستقالاتهم لأنهم فشلوا في تأدية حتى دور الناصحين أو المبشرين أو العادلين ويجب محاكمة المتواطئين منهم ، لأنهم نكثوا عهد نبيهم الثائر !! إن محمداً بن عبدالله ( والصحابة والعلماء المسلمين الأجلاء والثوار والمصلحين المتنورين منهم ، لا الأنتهازيين والمنتفعين ) ، قد حقق الثورة ضد المجتمع القبلي الجاهلي وأنقذ المرأة من الوأد مثلا وجاء بالقيم الأنسانية الجديدة على المجتمع القرشي وشرع المواثيق التقدمية في عصره ، لكن هؤلاء المتأسلمين لم يأتوا إلا بما يسيء للثورة (المحمديّة) ، وكرسوا التخلف ومارسوا السرقة وتواطئوا مع أعداء الأسلام ضد المسلمين والأوطان كالمتواطئين اليوم في العراق من الأحزاب الدينية ( الشيعية والسينية ) وغيرهم من الأدعياء ورفاقهم في المؤامرة على العراق الحبيب ! إنه لمن الخطأ الفادح أن تتحول الأديان الى إحزاب سياسية ، لها طبيعة طبقية برجوازية ميكيافيلية للأسف ، همها المتاجرة في العقارات والسلطة وجمع المال والأرصدة وإقتناء آخر مبتكرات الأجهزة الآلية والكهربائية لتنسى دورها في الدفاع عن فقراء الأمة ومعذبيها وتحقيق العدالة الألهية ! إضافة الى دورها الكبير في القتل والغدر ونصب المفخخات وكواتم الصوت ( العراق وباكستان على سبيل المثال ) وغيرهما . وتنسى ثورة الحسين بن علي ضد الظلم والفساد مثلاً !

إنه لا يمكن أن تصادر دماء الشهداء للأسلام الأميريكي أو الناتوي ! ولايمكن الألتفاف أو إحتواء هذه الثورات وتجييرها للمتأسلمين ! وعلى قادة هذه الثورات أن ينتبهوا لذلك ، لكي لا تضيع دماء الشهداء العرب . أو تضيع جهود الثوار الأبطال الذين كابدوا وواجهوا وقاوموا وثاروا ، ويبعدوا كل ما هو ( متأسلم ) كذاب ومنافق ! !

لقد حدث ذلك أيام المقاومة الوطنية الباسلة في الجزائر ضد المحتل الفرنسي في الخمسينات من القرن الماضي . حيث إلتفت العناصر والكتل الرجعية ( المتأسلمة ) حول رفاقها في النضال وقامت بأغتيال القيادات الوطنية اليسارية مثلاً ، لكي تدنس الثورة بفكرها وتتواصل مع المحتل بعد التحرير المزعوم ، وتفرغها من محتواها الثوري التقدمي ، لكي تبقي أحلام المستعمر قيد التنفيذ حتى بعد تنفيذ التحريرالمزعوم وبعد خروجه من البلاد لتبق هيمنته موجودة حتى بعد خروجه ، لأنه لا يريد خسارة مواقعه إقتصادياً وجيو- سياسياً !! وهذا مايتكرر اليوم في تونس ومصر أو الهيمنة الدينية المتطرفة في إيران والعراق وسوريا لتنفيذ أجندات الخارج لا مصلحة الداخل ومشاكله المعقدة !!

في مؤلفه الموسوم ( ضد التعصب ) - ص72 - المركز الثقافي العربي - كتب المفكر والباحث الأستاذ ( جابر عصفور ) قائلاً : ( ممثلوا الفريق المسلم ، أقرب في تفكيرهم الى المنحى العقلي للأمام محمد عبده الذي أكدّ أنه لاسلطة دينية في الأسلام ، وإن الأسلام هدم هذه السلطة ومحا أثرها . حتى لم يبق لها عند الجمهور من أهله إسم ولارسم . فالأسلام - فيما يقول الأمام - لم يدعُ لأحد بعد الله ورسوله سلطاناً على عقيدة أحد ولا سيطرة على إيمانه . وأن الرسول كان مُبَلغاً ومذكراً ، لامهيمناً ولا مسيطراً ، ولم يجعل لأحد من أهله سلطة أن يحل ولا يربط ، لا في الأرض ولا في السماء . وكانت هذه الأقوال ، ولا تزال ، تعني أن لا سلطة دينية لحكام أو علماء . وأنه ليس لمسلم - مهما علا كعبُه في الأسلام - على مسلم آخر ، مهما إنحطت منزلته فيه - إلا حق النصح والأرشاد . ولكل مسلم أن يفهم عن الله من كتاب الله وعن رسوله من كلام رسوله ، دون توسيط أحد من سلف أو خلف ، أو حتى دون إتباع أحد بالضرورة ، ماظل كل ما ينتهي إليه في دائرة ألأجتهاد الذي يحمل الخطأ أو الصواب) فهل نحن مقبلين على ( محاكم تفتيش إسلامية ) كبديل مشوه لما تريد تحقيقة الثورات العربية الحمراء في ربيعها الأخضر؟ وتشبه محاكم التفتيش الأوربية البشعة بحق الأنسان الأوروبي وحريته ؟ هذا النظام الديني الفاشي الذي قام ببتر الرؤوس والعقول معاً . وفرض سلطته على ملايين الأوربيين . وصادر مساحات الحريات الشخصية وشطب على كل منجزات الحضارة القديمة والمعاصرة وبأسم ( الدين الكاذب ) وسلطته الغاشمة وحيث أقامت أوروبا نظامها العلماني ، وفي بعضها إشتراكي ديمقراطي بالتالي للخلاص من ربقة الكنيسة وسلطتها الأرهابية ؟!e

إنه على رجال الدين العرب والعراقيين ، الوقوف الى جانب الثورة والثوار ، لا الى جانب أعدائهم ، لتحقيق الأزدهار الحقيقي ولتقديس ربيع الدم العربي الذي أريق وبغزارة ، ولازال ، في ساحات التحرير العربية !

 

أيلول/ سبتمبر 2011
النرويج
 


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter