موقع الناس     http://al-nnas.com/

ميسـان دولـة غـابت عـنها الشـمس ( 5 )


صـباح سـعيد الزبـيدي

الأثنين 15/ 5 / 2006

بعد ثلاث سنوات من الاحتلال وفشل القوى الغازية والمحتلة في اعادة الحياة الحرة الكريمة والامن والاستقرار وزرع الامل والثقة في نفوس العراقيين ..
وفي ظل التخلف الاقتصادي والاجتماعي والعلمي والسياسي الذي جلبته امريكا وبريطانيا للعراق منذ آذار 2003 بعدما جارت عليه سنين الحروب والحصار والكبت والحرمان..
اصبح المواطن العماري اليوم ضائعا ً وغريبا ً في مدينته واصبح على الهامش ولم تعد له تلك الهيبه او المكانه حيث طغت على الساحة فرق الموت والدمار وحفنه من الحرامية والقتله يتنافسون على قتل وسلب ونهب المواطن الميساني البرئ الذي كان ضحية طاغية واصبح اليوم ضحية طغاة لايرحمون .
وبسبب هذه الاحداث المدمرة والوضع المؤلم والقاسي اصبح المواطن العماري غارق في بحر المأساة والضياع .. مما ادى الى تدهور وضعه الاجتماعي والاقتصادي ..
ونتيجة لانخفاض مستوى دخل الاسرة العمارية وشدة الفقر واتساع جيش العاطلين ووفاة الوالد العائل او زيادة عدد افراد العائلة والتعرض الدائم للعنف داخل الاسرة والتفكك الاسري وغياب الدور الاشرافي للأب وعدم أهمية التعليم لدى الاسرة والتسرب من التعليم وسوء معاملة المعلمين والمدرسين وعدم القدرة على مواصلة الدراسة والتأخر الدراسي والرغبة في مساعدة الاسرة والبحث عن الحرية .. ادت هذه الاسباب الى اضطرار اعداد كبيرة من الاطفال الى التسرب من الدراسة والعمل بأعمال لاتتناسب مع قدراتهم البدنيه والنفسيه.
وهكذا نرى اليوم اطفال العمارة يتسكعون في الشوارع بحثا عن فرص عمل لاغاثة عوائلهم ويعملون في ظروف قاسية ويتعرضون الى اقسى انواع العذاب والاضطهاد والحرمان .
ان هذه الظاهرة تعكس معاناة الطفل العماري ووضعا يائسا يعيشه الاطفال وظاهرة غير حضارية وخطيرة لها انعكاسات خطيرة على المجتمع العماري لان اطفال الشوارع من المتسولين والمتشردين والباعة المتجولين وباعة الارصفة وماسحي الاحذية ومنظفي السيارات وجامعي القاذورات ( القمامه ) اكثرهم يحمل الاضطرابات النفسية والسلوك العدواني والتشتت العاطفي والتمرد الدائم واستخدام الحيلة الدفاعية للحصول على مايريدون والاضرار بالاطفال الاخرين والكذب والتخلي عن القيم والميل الى الاعمال الاجرامية وعدم الشعور بالضبط الذاتي.
ولكون الاطفال بهجة الدنيا وزينتها وان اطفال اليوم هم رجال الغد.. نجد اليوم بلدية العمارة (بلدية غوانتناموا) استغلت هذه القلوب الصغيرة الطاهرة ابشع استغلال حيث تم تشغيلهم من قبل البلدية في اعمال قاسية وشاقة ومنها جمع النفايات ولكن مايثير الاستغراب والاستياء حقا هو ارتدائهم بدلات سجناء شبيهة بالبدلات التي يرتدوها سجناء غوانتنامو وان هذه الصورة لاتسر ناظرها وان ثقافة القطعان والبهائم والتهميش التي تستخدمها بلدية العمارة ثقافة تجعل من هؤلاء الاطفال اصحاب القلوب الناشئه والارواح الطاهرة والاجسام الفتية يائسين من المستقبل كارهين له رافضين .
ان ظاهرة عمل الاطفال وكما قال البرت توماس اول مدير عام لمنظمة العمل الدولية عام 1919 ، هو " الظاهرة الاكثر استفزازا للانسانية والتي لايجوز ان يتحملها قلب الانسان ".
كذلك اكد السيد كوفي عنان الامين العام للأمم المتحدة في افتتاحه الجلسة الخاصة بالاطفال في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك والتي عقدت مؤخرا : " لقد فشلنا بشكل بائس في حماية الحقوق الاساسية للأطفال " ، واضاف قائلا : " أقول للبالغين في هذه القاعة : دعونا لانجعل الاطفال يدفعون ثمن فشلنا في المستقبل " ، واتهم البالغين في جميع انحاء العالم بأنهم خيبوا آمال الأطفال مضطرين الكثير منهم إلى العيش في فقر وتحت تهديد الحرب.
من خلال ذلك نرى بوضوح الاهتمام الدولي بعمل الاطفال وحماية الاطفال من المخاطر التي تنجم عن اساليب ووسائل العمل.
لذلك يجب الحد من ظاهرة استغلال الاطفال وحماية الاطفال من مخاطر العمل وتأثيره على نموهم البدني والذهني والنفسي وحمايتهم من اي استغلال اقتصادي واجتماعي وتشديد العقوبات الجزائية وبث الوعي الثقافي والجماهيري عن طريق المؤسسات والمنظمات التربوية والاجتماعية والمهنية والادارية بما فيها ادارات المدارس للحد من ظاهرة تسرب الاطفال من المدارس وضرورة توفير التعليم المناسب وتوفير المدارس ورياض الاطفال وخلق نظرة متفائلة للحياة بعد كل ماشاهده الاطفال من مشاهد دموية من القتل والاختطاف والاعتداء والحروب والفتن الطائفية وتعليم الاطفال الحب والتسامح ليصبحوا قادرين على الانسجام مع البيئة .. واعطاء الطفل الوقت الكافي ليعبر عن ذاته من خلال ممارسة الرياضة والرسم واستخدام الحاسوب واكتشاف ابداعات الطفل وتنمية شخصيتة ومواهبة وقدراته العقلية والبدنية وضرورة العمل على ابراز الطاقات الكامنة داخل الطفل واثارة قدراته التعبيريه وتعليم الاطفال متعة الاندماج في الحياة الاجتماعية.
و يجب على بلدية العمارة والدوائر المختصة تطبيق المعايير الدولية التي ترعى عمل الاطفال واتخاذ العقوبات الرادعة بحق كل من يخالف او يقصر ويظلم الاطفال .
واخيرا يجب ان لاننسى هناك اسر محتاجة وفقيرة تنتظر دور الدوائر ذات العلاقة والجمعيات الخيرية والانسانية وغيرها للقيام بدراسة هذه الظاهره وتقديم المساعدات للحد من الفقر في مجتمع من التراحم والتكاتف والاهتمام بالتنمية الاجتماعية ودعم البرامج التي تستهدف استئصال عمل الاطفال ودرء الاخطار التي ئؤدي الى الاضرار بصحة الاطفال او سلوكهم الاخلاقي او نموهم البدني او العقلي او الروحي او المعنوي او الاجتماعي وحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي .. ليصبح الطفل العماري متجدد ومنفتح على العالم.

بلغراد – صربيا والجبل الاسود

¤ الحلقة الرابعة

¤ الحلقة الثالثة

¤ الحلقة الثانية

¤ الحلقة الأولى