| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                                     الأحد 4/11/ 2012



على المكشوف

حديث الى الابوين
براءة الاطفال ..مهددة !

د. سلام يوسف

كلنا أو اغلبنا يتذكر طفولته، ويتذكر الالعاب التي كنا نلهو بها فاغلبها يتسم بالبراءة والبساطة وتعكس مدى صفاء سريرتنا ونقاء تفكيرنا قبل ان تتزاحم فيه مشاريع ومشاكل واسرار الدنيا ، نغفو على قصة جميلة تقصها لنا الوالدة ونصحو مع زقزقة العصافير، نوم هادئ وعميق بدون أحلام مزعجة او فزع المناظر والاصوات المرعبة التي تنعكس بالعقل الباطن.

وتذكر الدراسات التي اجريت على الطفل العراقي انه عانى ومنذ 1980 ولحد اليوم من ضغط غير مسبوق على براءته وسلاسة تفكيره من جراء الحروب والاقتتال مما ادى الى ارتفاع نسبة العوارض النفسية لديه الى نسب مثيرة متمثلة بالتلكؤ الدراسي والمعرفي ،مشاكل بالنطق والادراك والاستيعاب ،ناهيك عن السلس البولي ومص الاصابع و قضم الاظافر واحياناً الانعزال والاختباء وراء الذات..الخ، الى حد دعى احد المختصين اطلاق صفة "الطفل المعنّف" كمثال على الطفل العراقي.

ويبدو ان أباء وامهات اليوم لم يكتفو بما جرى للعراق والعراقيين من احداث مؤسفة لا انسانية من حروب وتهجير وقتل ودماء وصراخ وعويل وتهديم وخراب وتخلف وتاثير كل ذلك على نفسية اطفالهم وانما اضافوا الى هذه القائمة العاب تصنعها مصانع الاجرام ،مصانع تديرها ماكنة تشويه انسانية الانسان وهذا هو جوهر الفكر الراسمالي.

تصنيع العاب الاسلحة،انتاج الافلام الحربية وافلام الرعب ،بث مهازل حلبات المصارعة ..الخ كلها عنف في عنف، دماء، تهديم، خراب، ويأتي الابوان العرقيان ليزيدا من الثقافة المشوهة التي تدخل في البناء النفسي لاطفالهم باقتناء هذه الالعاب ومشاهدة هذه الافلام وغيرها، وماذا ستكون النتيجة؟ اطفال ينشأون على صور الاحتراب والعنف وكأن الحياة لاوجود فيها للسلام والمحبة والتآلف والتسامح والتي تاتي من خلال عكس صور الحياة الجميلة واشغال الاطفال بلعب تنمّي قابلياتهم الذهنية وتعزز صفو برائتهم وعكس معاني تعزز من الصفات الانسانية للأنسان قبل ان تشوهها العلاقات الاستغلالية البشعة وما نتج عنها من حروب وتهدم وخراب.

الا توجد العاب الميكانو والشطرنج والمكعبات والرسومات والالوان ليلهو بها اطفالكم؟ الا توجد افلام كارتون الجميلة ليشاهدها اطفالكم غير حلبات المصارعة التجارية؟ الا توجد في الحياة قصص عن الحيوانات والاشجار والزهور؟الا توجد قصص تنمّي عند اطفالنا روح التعاون وحب الغير؟

طفل يحمل مسدس او بندقية، ليتدرب على قتل مَن؟ طفل يقلد حركات(تمثيل) المصارعة ومن ثم يتعرض الى الاذى، من هو الخاسر ولماذا؟ طفل لاتنمو قابليته الذهنية ولاتستغل خامات عقله الواسعة في التعلم والمعرفة، كيف ستكون حدود تفكيره؟ طفل يشاهد افلام الحروب والرعب ، بماذا تغنيه؟ كثير من الحوادث المؤسفة المؤلمة تعرّض لها الكثير من هؤلاء الضحايا سُجلت خلال أيام العيد، لماذا؟انها جريمة تُرتكب بحق هذا الطفل أو ذاك ولكن السؤال، ضد مَن تسجل هذه الجرائم؟

ان البلدان المتقدمة اصبحت متقدمة بفضل التوجيه الصحيح والسليم لاطفالهم وبفضل الاساليب والطرائق التي اكتشفوا من خلالها المكنون الهائل في ادمغة الاطفال، فالعلماء والاكادميون لم يألأتوا من كوكبٍ اخر ،انهم من المجتمع نفسه.

انتبهوا ايها الاباء!

انتبهن أيتها الامهات !

ان براءة اطفالكم مهددة بالخراب والتخريب ،فسينشأون كمشاريع مستقبلية للانحراف النفسي والاجتماعي أذا لم توجهونهم توجهاً صحيحاً يخدم الأنسانية.

 

 
 
 

free web counter