| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

 

الأربعاء 3/10/ 2007

 

 

على المكشوف

أنجاز فحوصات المرضى
حق يجب أن تكفله الدولـــة

د. سلام يوسف

من المؤسف حقاً والبشرية تعيش القرن الواحد والعشرين أن يعاني المريض العراقي من معوقات وعراقيل إجرائية بل ويصطدم بجدران من الرتابة والبطئ في أنجاز وأتمام مراحل علاجه والتي تبتدأ بأول خطوة وهي معاينة الطبيب المتواجد في العيادة الخارجية للمستشفى ومن ثم فنحن لانعرف ولانعلم ولاندري متى وكيف ستنتهي هذه المراحل ، مروراً بالعقدة الأهم بكل الرحلة المضنية ألا وهي عقدة أو مرحلة الفحوصات المختبرية والشعاعية والتشخيصية .
إن الزيادة السكانية والظروف الأمنية المنفلتة التي يعاني منها البلد حيث أضيف همٌ أخر لهموم ومهام المستشفيات وكوادرها ( وعلى الأخص مستشفيات بغداد ) ألا وهي مهمة أنقاذ المصابين والجرحى من ضحايا العمليات الأرهابية ، أضف الى ذلك بقاء واقع عموم المستشفيات والمؤسسات الصحية الأخرى على حالها دون تطور أو تطوير ، كل هذه العوامل أدت الى تراجع واضح جداً وبيّن في مستوى ونوعية الخدمات التي تقدمها تلك المستشفيات والمؤسسات الى مرضانا .
إن المريض العراقي وأهله يعانون معاناة مضاعفة ، معاناة المرض نفسه ومعاناة رحلة الفحوصات والتشخيص والعلاج .
وحين الولوج بهذا الموضوع نجد أنفسنا أننا لازلنا ندور في فلك نفس الحلقة القديمة المتجددة حينما نسأل ونستفهم : لماذا أجهزة المفراز قليلة وعاطلة ؟ لماذا أجهزة الرنين المغناطيسي قليلة وعاطلة ؟ لماذا أجهزة تفتيت الحصى قليلة وعاطلة ؟ لماذا أجهزة غسل الدم الخاص بمرضى عجز الكليتين قليلة وعاطلة ؟ لماذا لايتيسّر سفر المرضى الذين يحتاجون الى العلاج خارج الوطن والذين أقرّ سفرهم علماء الطب العراقيين ؟
ويأتيك الجواب الدبلوماسي الوظيفي ، وبكل بساطة وخالي من أبسط مشاعر المشاركة الوجدانية لألام المرضى ، فالجواب يقول : ـ لاتوجد تخصيصات مالية ـ !!
هكذا بكل بساطة يرمون الجملة على المستفهِم وكأن التخصيصات المزعومة هذه تحتاج الى قرار إلهي لأطلاقها ! يقولون هذا الكلام في بلدٍ لازال يُعد من أغنى بلدان العالم ، بلد تحدث فيه السرقات العلنية والسرية ، بلد تناقش الجمعية الوطنية فيه قانون الرواتب التقاعدية لأعضائها ، بلد تحصل فيه صفقات تجارية وهمية ، بلد تُوجّه فيه تهم الأختلاس الى وزراء في الحكومة التي تقوده ، بلد تجري فيه عمليات غسيل الأموال ، بلد نفطى مفتوحة فيه صنابير أنابيب النفط الخام والصافي عن أخرها لتملأ جيوب الأخرين بالـ (( تخصيصات المالية )) !! .
أن الواقع المأساوي الذي يعيشه المواطن العراقي المريض يعكس صورة من البشاعة لاترقى الى أنه يعيش في هذا القرن من الزمان ، وهو محتار ومتسائل ، ماذا أفعل ؟ أين أذهب ؟ كيف أجري فحص الرنين ؟ وأين أجري غسل دمي من اليوريا المرتفعة جداً ؟والألم يعتصر النفس وهو يرى أموال بلده المبددة ليس له فيها نصيب ليشفى بها .
أن الواقع الحالي يعكس حالة مزرية حيث أن المرضى يتنقلون بين المستشفيات بحثاً عن جهاز رنين أو مفراز ، وإن وجد فهل يعمل أم عاطل ، وإن يعمل فمتى يأتي الموعد !، والواقع يعكس مرة أخرى وضع مؤلم حقاً حينما تتأخر التحاليل المهمة في الدم الى حدود عشرة أيام والمريض يعاني من اللوكيميا الحادة (مثلاً) والسبب ليس لأن التحاليل تأخذ هكذا وقت ولكن السبب هو أن الكادر العامل في المختبرات هو الأخر يعاني من الضغط الشديد بسبب كثرة التحاليل نتيجةً لكثرة المرضى ولكثرة الحالات المرضية، والواقع يعكس حالة أمّر منها ، حينما يُطلب من المريض أجراء الفحوصات المختبرية خارج المستشفى لأنها غير متوفرة فيها !
أن العلم وتكنولوجيا العلوم الطبية التشخيصية والعلاجية تطورت الى حدود ربما أصبحنا بعيدين عنها تماماً ولكن هذا لايعني أننا لانستطيع اللحاق بالركب العالمي المتقدم ، فالعراق يمتلك العقول التي تتعامل مع التكنولوجيا المتقدمة ويمتلك الأموال التي تجلب هذه التكنولوجيا ، بقى أننا بحاجة حقيقية وماسة الى المسؤولين الحريصين على صحة المواطن وصحة الوطن بالدرجة الأساس ، وليس الى مسؤولين تم أختيارهم وفق الميول والتيارات السياسية المعينة .
نحن نعتقد بأن السياسة الصحية للبلد يجب أن لاتخضع الى المقاييس الروتينية في سياسة الدولة المالية ، يجب أن نضع خصوصية خاصة ومستثناة في بعض الأحوال ، دون أهمال الضوابط العامة طبعاً .
أن الواقع بحاجة ماسة الأن أكثر من أي وقت أخر الى :ـ
1. تخصيصات مالية للقطاع الصحي عاجلة غير أعتيادية وخارج السياقات الروتينية.
2. تشكيل لجنة تكنوقراطية وبمشاركة ممثلي الجهات الحكومية الرسمية وعلى أعلى المستويات ، لأقرار الأحتياجات والتي بيّناها في هذا المقال ، ومنحها الصلاحيات الكاملة ، وتُفضل أن تكون لجنة مشتركة من كافة ألأحزاب الوطنية .
3. التعاقد مع الشركات العالمية والدول المتقدمة لغرض تأمين تدريب الكوادر العراقية على التكنولوجيا المستوردة وتأمين الضمان الكامل لأدامة هذه الأجهزة .
4. فتح الدورات المركّزة الدراسية والتطويرية لضخ الأحتياج الكامل للكوادر الأختصاصية في هذه المجالات مع وضع برنامج تحفيزي لهم سواء مادي أو علمي أو معنوي .
5. تشكيل لجان ( تسمى لجان المتابعة والتطوير الوطنية ) لغرض متابعة سير أعمال الخدمات الصحية المقدمة للمرضى ، على أن تكون لجان مشتركة أيضاً .
6. اجراء حملة أعلامية واسعة وشاملة في كافة أنحاء الوطن من أجل أشراك أبناء الشعب بالمهمة الصحية التي نأملها أنّياً .
7. أستقدام الشركات العامة والخاصة،الأقليمية والعالمية والمتخصصة بالتكنولوجيا الطبية ، من أجل عرض منتجاتها وأحدث أبتكاراتها أمام الرأسمال العراقي الحكومي والخاص .
8. دعم القطاع الخاص والخاضع لرقابة الدولة وقوانين القطاع العام وأفساح المجال أمامه من أجل المساهمة الفعالة في هذه المرحلة الأنتقالية الحرجة التي يمر بها العراق .
وأخيراً نقول :ـ
لقد ذكرنا سابقاً ونكررها الأن أن من حق المواطن العراقي أن يستفيد من ثروات بلاده وينعم بالحد الأدنى من حقه الصحي الذي يجب أن تكفله الحكومة متمثل بالفحوصات والتحاليل .
أن مسوّدة مشروع الدستور الدائم قد تطرق الى أن تأمين صحة المواطن بمجموعة من الأجراءات الأيجابية مما يفسح المجال أمام الخيرين العاملين بالمجال الصحي أن يعملوا من أجل تشريع القوانين التي تكفل حقوق المواطن الصحية .