| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

السبت 3/11/ 2007

 

على المكشوف

هجرة العقول .. عقول مهجورة !

د. سلام يوسف

عانى ويعاني العراق من المؤامرات وما حصل منها وما جرى منذ شباط 1963 ولغاية يومنا هذا ، والتي أدت الى نتائج سلبية قاسية شملت كل القطاعات والمجالات وتعدت بأخطارها حدود العراق فمسّت المنطقة بأسرها والعالم كله ،وكان من أسوأ تلك السلبيات، هجرة العقول العراقية ، فبدلاً من فسح المجال أمامهم لخدمة وطنهم وشعبهم نرى إن الإرهاب يجبرهم على الرحيل .فالمختصون بشتى العلوم تلقوا علومهم العالية في أرقى المراكز العلمية العالمية وأرصنها وعادوا الى البلد ليقدموا كل خبرتهم وكل ما نهلوا من العلم للوطن العزيز، ومنهم ، الأطباء الأختصاصيون الذين قدّموا الخدمات الجليلة ومن بينها سهرهم على تعليم بني جلدتهم ما تعلموه وما زاولوه من علم في الغرب ليبنوا كادراً طبياً عراقياً مقتدراً من أجل خدمة الشعب ، وبذلك تكونت وتتكون ثروة وطنية ثمينة ومهمة وهي شريحة متمكنة من العقول العلمية العراقية التي وضعت كل أمكاناتها تحت تصرف الخطط الوطنية للتطور .
ماذا حصل ؟ القوى المضادة والتي وجدت في تطور الشعب العراقي خطراً حقيقياًعلى مصالحها عملت على حياكة المؤمرات المتتالية وكان أخسها هي تلك التي أستهدفت العقول العراقية ، فشنت حملتها الخبيثة ووجهت مسبارها في هذه المرحلة تجاه إختطاف وإغتيال الأطباء ، فأصبح الوطن يعاني من شحّة الكادر الطبي المتمرس بل فقد خيرة اساتذة الطب الذين يُشاد لهم بالبَنان في الأوساط الطبية العالمية، وكنتيجة لذلك فقدنا ثروة وطنية كبيرة لايمكن تعويضها بسهولة . ولكن الأمر المؤلم حقاً إن هؤلاء العلماء والمختصون يُهددوا ويُغدر بهم من قبل أدوات وشخوص الإرهاب بخيسي الثمن ، إن المجرمين ما هم إلاً عقول مهجورة ، خاوية ، سكنتها شياطين الجريمة والدم والحقد على العراق والعراقيين . فالمجرم لايفرّق بين جهله وبين عِلم الطبيب ،لا يفرّق بين من يخدم الشعب ويبني الوطن وبين مَن يهدمه . فلو لم تكن تلك العقول مهجورة عن المبادئ وعن الأنسانية والضمير والأخلاق والمواطنة لفرّقت بين الصح والخطأ ، بين البناء والهدم ، بين الخير والشر ، بين الظلم والظلام بين السلم والحرب .
الطب والطبابة لا يُدرس ويُدّرس وفق الفروق الطائفية أو العرقية أو الأثنية ، لايوجد طب شيعي وأخر سني ، لاتوجد طبابة مسيحية وأخرى تركمانية لاتوجد عيادات طبية مندائية وأخرى كوردية لايوجد علاج شبكي واخر أيزدي ، فهذه المفاهيم لاينطق بها إلاّ ذوي العقول المهجورة المملوءة بشبكات العنكبوت الأسود وتراب الجاهلية ونفايات التعصب ، عقول لاتتعاطى بالحقائق ولا تتعامل مع النور،عقول لاتعرف غير الموت والدم .
إن العلم لاتجف منابعه وطالبي العلم يولدون في كل زمان وأوان وإن المجرمين وذوي العقول التي لاحياة فيها هم المنهزمون .


 

 

Counters