| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

الخميس 3/1/ 2008

 

على المكشوف

هل يتوفر الحد الأدنى من الظروف الصحية لشغيلة الورش ؟

د. سلام يوسف

تنتشر بطول البلاد وعرضها آلاف الورش الصناعية ، الحكومية منها والأهلية ، وكل هذه الورش بلا أستثناء تتعامل مع الجهد العضلي الذي يبدله العاملون فيها حيث يبيع هؤلاء العمال جهدهم من أجل المعيشة والأستمرار وفق ما تقتضيه سُنّة الحياة القاسية عليهم . وفي العراق تتنوع الورش بين صغيرة وكبيرة ، بين أنتاجية وأستهلاكية ، بين خفيفة العمل و ثقيلة ، بين صناعية وكمالية ، بين حديثة وقديمة ، بين التي تعمل تحت ظروف سهلة وظروف صعبة ، بين التي تتعامل مع الحديد والنار وبين تلك التي تتعامل مع الخشب والماء .
ولكن ما يهمنا هل يعمل هؤلاء الشغيلة تحت ظروف صحية مناسبة للعمل ولهم ؟
أن هذه الورش والمعامل الصغيرة لم تنشأ جميعاً في فترة زمنية معينة أو حقبة محددة بل تفاوتت فترات أنشائها وبالتالي تفاوتت أوضاعها العمرانية والصحية والبيئية ولكنها جميعاً تشترك بمميزات مشتركة حيث يبدو من أهم هذه المميزات هو الظرف الصحي الذي يسود ويحكم ويتحكم بهذه الورش وأشباهها من المعامل ، وبدأت تتراكم السلبيات الى أن وصلت في بعض المواقع الى وضع ينذر بالخطر الحقيقي على صحة المجتمع ككل .
لقد اكدنا في اكثر من موقع خارج حدود الصحافة على الأهمية الكبيرة التي يجب أن تتمتع بها ظروف العمل المكانية والزمانية وتناولنا الحقوق التي يجب أن تتوفر في العمل ومنها الحقوق الصحية ، إذ نؤمن أن الحقوق الصحية هي الحقوق التي يجب أن تأتي بالأولوية من بين تلك الحقوق .
أن أجراء مسح ميداني لهذه الورش سيبيّن الوضع المأساوي الذي يكتنف الواقع الذي تعيشه هذه الورش ، سواء من الناحية البيئية أو الصحية ، أنها لاتمتلك أبسط مقومات السلامة المهنية ، أن ( عِلم ) السلامة المهنية أصبح من أحدث العلوم التكنوـ طبية المنتشرة في العالم .
أن السلامة المهنية تعني حماية الشغيل في موقع العمل من أي أضرار محتملة ، وعلى التساوي سواء من جرّاء العمل أو ليس من جراؤه لأن العامل هو عنصر منتم الى الهيكلية العامة للورشة أو المعمل الذي يعمل به ، وبالتالي فأن الضمان المهني ـ وهذا ما نطالب به ـ أمر في غاية الأهمية لتحقيق أهم ما يضمن ديمومة عطاء العامل حينما يتأكد ويتوثق من السند القوي الذي يسند حياته وحياة عائلته .
وبمجرد القيام بالزيارات لهذه الورش سيطّلع المهتم بهذا الموضوع على المدى السلبي البعيد الذي وصل أليه واقع هذه الورش ، ومنها ورش بيتية ، ورش وراء الكواليس ، ورش غير مرخصة ، ورش تتعامل بالغش الصناعي ، ورش تتعامل مع المواد السامة ، ورش وقتية ....الخ ، وجميع ( أو أغلب ) هذه المواقع تشترك بالصفات التالية :ـ
1. أغلبها غير مرخصة لاصناعياً ولا تجارياً .
2. وغير مرخصة صحياً .
3. البنايات غير صالحة للعمل .
4. تراكم النفايات والأوساخ .
5. عدم وجود صرف صحي لبقايا أو لفضلات الأنتاج .
6. خلوّها من أدوات أو مواد الأسعافات الأولية .
7. عدم توفير الوسائل التي تمنع تأثير المواد السامة على العاملين حين أستعمالها .
8. عدم أخضاع العاملين الى الفحص الصحي الدوري .
9. تشغيل الأحداث ، وهو ما يعارض الأعلان العالمي لحقوق الأنسان ، وكذلك القوانين والأعراف الدولية والمحلية .
10. أوقات العمل مفتوحة بلا تحديد لساعات العمل .
11. أن ظروف العمل في غالبية هذه الورش تتقاطع مع أبسط الشروط الصحية والمهنية للعمل بمثل هذه الأعمال .
وخلاصة القول أن الغالبية العظمى من هذه الورش والمعامل الصغيرة لاتتوفر فيها الحدود الدنيا من شروط العمل ولا شروط السلامة المهنية ولا الحد الأدنى من الظروف الصحية .
ولهذا فنقترح ما يلي من أجل النهوض بالواقع المر الذي تعيش فيه هذه الورش :ـ

أولاً ـ تشكيل هيئة عليا ( مؤلّفة من قبل المسؤولين الرسميين ومن أصحاب الورش ومن نقاباتهم ) لأجل مناقشة وضع وواقع هذه الورش من خلال تسليط الأضواء عليها من الزوايا التالية :ـ
1. جرد الورش ونوعية العمل فيها .
2. جرد العاملين وخصوصاً أهليتهم للعمل .
3. بيان مدى صلاحية بنايات تلك الورش للعمل .
4. بيان موقع هذه الورش مع التأكيد على عدم تقاطعه مع المحلات السكنية وتأثيرها على صحة المجتمع .
5. بيان شروط السلامة المهنية .
6. التأكيد على ما تصدره هذه الورش من تلوث للبيئة ، علماً أن الضوضاء تعد من ملوثات البيئة .

ثانياً ـ أعادة العمل بشكل جاد بالشروط الصحية التي من الواجب توفرها في هذه الورش ووفق قوانين وزارة الصحة .

ثالثاً ـ القيام بزيارات دورية لهذه الورش من قبل لجان غير ثابتة العناصر مشتركة تؤلف من وزارة الصناعة ، وزارة الصحة ، وزارة البيئة ، ومن نقابات العمال .

رابعاً ـ تقوم وزارة الصحة بندوات ودورات صحية واسعة ومتكررة للعاملين في تلك الورش ، مع مراعاة أستخدام كل الوسائل التوضيحية والتعليمية .

خامساً ـ أستصدار القوانين الصارمة لمحاسبة الورش التي يتعارض واقعها مع الشروط العامة كالسلامة المهنية والبيئية والصحية وغيرها .

سادساً ـ أستخدام أسلوب الحوافز والثواب والتشجيع وبأي طريقة كانت مع الورش التي تؤدي الشروط المطلوبة بطريقة سليمة .



 

 

Counters