| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                                     الأحد 3/3/ 2013



على المكشوف

في شارع الاطباء

د. سلام يوسف

للشوارع مسميات ،منها الشارع التجاري أو الشارع العام ..الخ ولدينا الان تسمية جديدة وهي "شارع الأطباء" ومن وجهة نظري فلنطلق عليه "شارع الاطباء التجاري".وما سأتحدث عنه ليس بالمطلق وأنما هو الغالب.

في شارع الأطباء توجد عيادات الاطباء ،صيدليات ،مختبرات ،وعيادات الأشعة والسونار والمفراز والرنين ،مضمدين ،وسيارات الاجرة والخصوصي إضافة الى الأكشاك التي فُتحت خصيصاً بسبب ازدياد حركة الناس، وكذلك تجد في هذا الشارع الدلالين، وهم ليسوا للعقارات وأنما دلالين للأطباء أو بالأصح سماسرة، وبين كل هذه العناوين يتنقل سائلوا المعونة يمدون أيديهم متضرعين الى الله أن يشفى المرضى.

صور متعددة يمكن للمرء أن يجسدها وهو ينظر في وجوه المرضى ،وهو يسمع أنّاتهم ،ترى ملامح الازدراء على وجوه مرافقيهم وهم يسيرون عبر المخطط الاجباري المكوّن من (الطبيب ـ التحاليل ـ الطبيب ثانيتاً ـ الصيدلية)، هذه المحطات الاربع تأخذ نهاراً كاملاً وفي بعض الاحيان أكثر ،وإذا كانت التحاليل التي يطلبها الطبيب في أماكن متعددة ،فهذا يعني قضاء أكثر من يوم في هدر الوقت الذي يأخذ أكتظاظ الشوارع نصفه.

نعم أنه مسار إجباري مُكلْف جداً لذوي الدخول الجيدة ،وهو مكلف وثقيل على ذوي الدخول المتوسطة ،أما فقراء العراق الـ 23% من السكان قهم أصلاً لايحلمون بالوصول الى هذا الشارع الملتهب.

وللأسف فأن الخدمات التي تقدمها الدولة لاترقى لمعانات المرضى وكذلك لا تغطي الخدمات الصحية لربع السكان وهم دون مستوى خط الفقر.

هناك صور مؤلمة ،مؤلمة حقاً ،نتألم حسرةً على مهنة الطب الإنسانية وقَسَم (أبو قراط) لما ترتفع كشفيات الأطباء طردياً من ارتفاع عدد مرضاهم ،وعندما يحتسب المختبر نسبة للطبيب المرسِل وكذا الحال بالنسبة للأشعة والسونار وغيرها، بل وصلت الحال الى أن بعض الأطباء يأخذ نسبة من الجراح الذي تمت أحالة المريض له.

والسؤال المنطقي، من أين تؤخذ هذه النسب ؟ومن أين يدفع الأطباء (فمصيون) الدلالين؟ أعتقد أن الجواب لا يحتاج الى فطنة كبيرة!

والأدهى من ذلك أن نقابة الأطباء حددت الكشفيات بأرقام عالية ،بل أن بعض الأطباء لم يكتفِ بذلك فتجاوز تلك الأرقام على حساب جيوب الناس ،ويا ليت ينتهي الأمر الى هذا الحد فأن فسح المجال أمام ما يُعرف بالدواء التجاري أو الأصلي أو غير ذلك ما هو إلا صورة من صور الانفتاح على السوق ومضارباته ،فشئ معروف أن تتضارب الأسعار وتتضخم في أسواق البترول والمكائن وشركات أنتاج السيارات والطائرات مثلاً ،ولكن المضاربات والمزيادات تصبح على حساب صحة المواطن فهذا هو الأمر المستهجن.

في العالم الغربي الرأسمالي المرضى يُعالجون وفق مبدأ الضمان الصحي دون أجبارة على يبيع أغراض بيته أو يستدين من الآخرين ،فأين ضمان المواطن العراقي الصحي الذي نص عليه الدستور؟

أطالب بتطبيق ما أقره الدستور في ضمان صحة أبناء الشعب والتكفل بها فالعراق غني وبإمكانه تحقيق ذلك ،كما أتمنى ان نتمكن شعباً وحكومةً وكل الجهات ذات العلاقة من أعادة تسمية شارع الأطباء التجاري الى شارع الأطباء الإنساني!

 

 

free web counter