| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                                     الأربعاء 3/8/ 2011



على المكشوف

ماذا يجري على الساحة المَرَضية ؟!

د. سلام يوسف

الساحة (أعلامياً) تعبير مجازي يُراد به الدلالة على شمولية الرؤية لموضوعٍ ما، فهناك الساحة الرياضية وأخرى الفنية وثالثة سياسية ، وهكذا.

ولكثرة الأمراض ومفارقاتها، وبسبب كثافة معاناة المرضى ، ولتعدد أوجه المعطيات في الواقع الصحي وبسبب الغرائب والعجائب التي نلمسها في الواقع العملي ، فقد آثرنا أن نطلق وصف "الساحة المَرَضية"على موضوعة أمراض الناس ومعاناتهم المضافة ، وهذه المعطيات تجد لها التفاسير المنطقية حينما نركن الى النظرية العلمية في تفسير الظواهر.

فما متوفر من معلومات تشير الى أن الصفة الغالبة بالوقت الحاضر هي الصفة التجارية في التعامل مع الأمراض، بحيث أضحت ظاهرة في حين كانت سابقاً تتمثلها تصرفات فردية، وهذا دليل على أن الأوضاع السائدة في البلاد، وأقصد (ما يعانيه المستهلك) أنما هي انعكاس للظروف غير الطبيعية التي يمر بها العراقيون.

فلكون المؤسسات الصحية الحكومية لاترتقي بأدائها الى مستوى مما تجعل المواطن مكتفياً بأجرائتها(طبعاً وهذا الموضوع له أسبابه)، تراه يهرب أو يلجأ الى القطاع الخاص ،أي العيادات الخاصة والمستشفيات الأهلية ، بل في أحيان كثيرة يختزل هذه الحلقات ويذهب الى الصيدليات مباشرة،علماً أن كل هذه المسميات بعيدة كلياً عن الرقابة الشعبية!

وهل مراجعة الأطباء في عياداتهم الخاصة سهلة ، سلسلة؟   فلنتتبع سلسلة المراجعة:ـ

المرحلة الأولى ـ يتم سحب المراجع (بالترغيب أو بالترهيب) من قبل السماسرة المتواجدين في أبواب العيادات الى الطبيب الفلاني،ولكل سمسار عمولته على عدد المرضى، يدفعها الطبيب شاء أم أبى، فيدفع المريض الكشفية، الكشفيات أصبحت حرة بدون حسيب أو رقيب.

المرحلة الثانية ـ الغالبية العظمى من المرضى يُحالون من قبل هذا الطبيب أو ذاك الى واحد أو أثنين من أنواع التحاليل، وسواء كان المريض يمتلك التحاليل أو لا، فالأتفاقات مع تلك المختبرات تتم على حساب مصلحة المريض مقابل نسبة يستلمها الطبيب في نهاية كل شهر، وتكون النسبة أعلى بطبيعة الحال في الأحالات الى المفراز أو الرنين.

المرحلة الثالثة ـ هي الأيحاء للمريض أو توجيهه الى شراء العلاج من الصيدلية الفلانية(أما أسعار الأدوية فحقاً تستحق ما يجب أن نطلق عليه "عالم الأسعار"، ومن المفارقات أن عدد من الأطباء هم شركاء مع بعض الصيادلة في فتح الصيدلية وبعضهم هي ملكه الخاص.

المرحلة الرابعة ـ المريض لم يتحسن فيرجع الى طبيبه بعد ثلاثة أو أربعة أيام ليجد نفسه مجبراً على دفع الكشفية مرة أخرى.

أما المستشفيات الأهلية وروفدها التي لاتنضب من قبل سماسرة متخصصون في داخل المؤسسات الحكومية أو عن طريق الطبيب المعالج نفسه (للأسف)، فأن القصص الأبتزازية هناك لها صور بعيدة كل البعد عن أنسانية المهنة.

هذا بعض من فيض،فما يعانية المريض العراقي فعلاً بحاجة الى لجان نزاهة وبحاجة الى فريق برلماني محايد ليتقصى الحقائق، والحل الأمثل يكمن بسن قانون أو بتشكيل جمعيات مجتمع مدني هدفها حماية المستهلك وغايتها الأرتقاء بالأداء الأنساني مع المريض.

ولذلك فيجب على الحكومة أن تطرح نفسها وبقوة كمنافس (منافسة شريفة) مع القطاع الصحي الخاص والمتمثل بزيادة عدد المؤسسات الصحية الحكومية ، والتعاقد مع المختصين من داخل أو خارج البلاد ،وبأسعار مدعومة والتي هي من حق المواطنين في ثروات بلدهم ، حينها نستطيع أن نقول أن "الساحة المّرّضية" أصبحت نظيفة!

 

 

free web counter