| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                  الأحد  31 / 8 / 2014



على المكشوف

المهجرون وصحتهم النفسية ..!

د. سلام يوسف

أية مأساة..؟!
لم يقص لي الناس قَصَص المهجرين، ولم تتلقفها أذناي عبر أوساط أخرى، ولم أقرأها عبر شبكة التواصل الأجتماعي ،فقد قمت بالفعل بزيارة المهجرين والنازحين جراء أعمال العنف الأعمى ،اللعين ،العار الذي ما بعده عار، ووقفت على قصص تهجيرهم القسري والذي يندى له جبين الإنسانية ،ولكوني طبيب ودرست علم النفس أستطيع أن أخمّن أو أقترب من حقيقة الآلام النفسية التي عانوا ويعانون منها.

وشعبنا كريم وكريم جداً ..
نعم فقد هب المواطنون لنجدة النازحين، ولكن وبالرغم من كل ما قدمه الغيارى ،ألاّ أن ذلك لا يعوض هؤلاء الضحايا عما نزفوه من آلام نفسية وعصبية، الطفل يبكي مفزوع فما بين ناظريه صور الموت والدم والدمار الشامل والتي ربما تراوده حتى في منامه، الحبلى أجهضت حينما اقتحم الأوباش عشها الهادئ ،شباب أصيبوا بداء السكري جراء الصدمة فتوقفت البنكرياس عن إفراز هورمون الأنسولين ،المصابون بارتفاع ضغط الدم ،تدهورت حالتهم الى الجلطة الدماغية أو الأزمة القلبية وتداعياتها المؤلمة، حالة بهاق (فقدان الصبغة الجلدية)، رأيتها لدى أحدى الشابات النازحة من تلعفر بعد تعرضها وعائلتها لهجمة الوحوش القادمين من وراء الزمان والمكان.

أهلنا الذين داهمهم تسونامي الشر، تناخى لنجدتهم الغيارى من كل العناوين ،وزارات، محافظات ،حكومات محلية ،أحزاب ،جمعيات ،منظمات ،اتحادات ،مبادرات شخصية ...ألخ، نعم تناخى العراقيون لأجل ترميم بعض ما لحق من ضرر ،ولكن هناك نوعان من الضرر،ضرر أكبر وأخر أصغر.

الضرر الأصغر بفقدان دار او أثاث أو أموال أو وثائق ،ولكن الضرر الأكبر تمثل بالدماء التي سُفكت ،والأرواح التي أزهقت وتداعيات كل هذه الأعمال السوداء من تأثيرات نفسية وعصبية على الأحياء الذين فروا بجلدهم من هولاكو القرن الواحد والعشرين، وهذا أصعب الضررين ،وللأسف الشديد فمراجعنا الطبية تدرج العشرات من هذه الأمراض والتي يكون علاجها في بعض الأحيان صعب وطويل وباهض الثمن.

النازحون يعانون الأن من شتى أعراض الحالات النفسية والتي لم يعهدوها قبل الأحداث، وقد شملت هذه الأعراض كلا الجنسين ومختلف الأعمار تمثلت بتساقط الشعر ،سلس البول ،الخوف والترقب والقلق ،الصداع المستمر، الإسهال اللا جرثومي، فقدان الشهية وغيرها وغيرها.

أذاً سنواجه ظاهرة الأمراض العصابية والنفسية، ضحاياها أعداد ليست قليلة من الأطفال والمراهقين والكبار ،وهذا يعني أن هناك حاجة ملحة جداً في تأسيس مراكز للعلاج النفسي ، وأقترح ،إعلان العراق دولة منكوبة نفسياً!!

ومما يؤسف له أيضاً أن الشفاء من هذه الحالات والأمراض مرتبط بالعوامل الموضوعية من الاستقرار والعودة الى الديار لما للأنشداد المترابط عضوياً بين الإنسان وأرضه ومكانه الذي أعتاد عليه وتأقلم معه، بين الأنسان وأصدقائه ومعارف، من أصرة لا يمكن أن تتفكك مهما بلغ جور الزمان.







 

free web counter