| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                                     الأحد 30/12/ 2012



على المكشوف

أمطار وأمراض

د. سلام يوسف

المطر خير.. هذا ما نقوله وسنبقى نقوله حينما تهطل الامطار وهو فعلاً كذلك لأن أراضٍ شاسعة واسعة يتم زراعتها بواسطة نثر بذور الغلّة والتي لايمكن لها أن تنبت وتنمو الاّ بماء الديم ، خصوصاً وأن أغلب أراض العراق تتعرض الى التصحر جراء التخريب الذي ألحقة النظام البائد بالخارطة البيئية من تجفيف الاهوار وتغيير مجرى الآنهر وأقتلاع ملايين الاشجار ،وبكل تأكيد ستكون الحالة متفاقمة ونحن نشهد تغير مناخي في عموم طبقات الجو،  والامطار مفيدة لتنقية أجوائنا وتديم الخضرة والتي ستنعكس على انتاجية الثروة الحيوانية كماً ونوعاً،  والامطار عموماً وبالمحصلة النهائية  ستقلل عدد مرات حصول العواصف الترابية وكذلك من شدّتها.

وكل شعوب العالم تتفائل بمياه الامطار ومنهم الشعب العراقي، ألاّ أن العراقيين باتوا اليوم لايتمنون هطول الامطار لما تتركه من مآسي كأنهيارات بيوت ومدارس الطين(ويامكثرها) ،حوادث الصعق الكهربائي، تقطّع السبل في الشوارع وكذلك طفح المجاري والتي من المفترض أن تكون على نوعين ،شبكة مجاري الصرف الصحي وشبكة مجاري مياه الامطار وكلاهما في العراق عاطلتان عن الخدمة!

فحينما يتعرقل صرف المياه بسبب أعطاب وتلف شبكات الصرف ،سيحصل ما نراه بعد كل أبسط زخة مطر، ولما كانت كل شوارعنا بلا أستثناء تفتقر الى شبكة صرف مياه شغّالة وكذلك تمتاز  بتراكم النفايات والاتربة فيها لذلك فهي  وبسرعة تتحول الى أوحال ومناطق أسنة تكون وسطاً نموذجياً لأنتشار الحشرات الضارة ولتكاثر الجراثيم وأنتقال الامراض ،لذا فشتائنا ثقيل وأمطارنا مزعجة تتسبب بأختلاط مياه الصرف الصحي مع مياه الامطار وفي مواضع كثيرة تختلط حتى بشبكة مياه الأسالة.

هذه الصورة المعتمة واضحة المعالم في بغداد العاصمة ،فما هي الصور في المحافظات؟

 وقد أدت موجة الامطار الاخيرة ،ليس فقط الى كشف الفساد الضارب في عمق المؤسسات ذات المسؤولية والصلة، وأنما الى زيادة الاصابات بألتهاب الكبد الفايروسي والامراض التنفسية والمعوية والجلدية المختلفة أيضاً، وهذا سببه ما آلت أليه الاوضاع البيئية المتردية الناتجة عن تراكم المياه، ناهيك عن الاثار النفسية المترتبة على ضياع الوقت والجهد ومردود الحوادث المؤسفة.

أن الحديث يجري عن عزل مناطق شاسعة في العاصمة تماماً عن بعضها بسبب كميات المياه التي تجمعت ولامنفذ لتصريفها واليكم ان تتخيلوا فكيف سيتم أنقاذ مرضى الحالات الطارئة مثلاً؟ بل والادهى من ذلك فأن أحدى مستشفيات بغداد التخصصية قد دخلت المياه القذرة الى داخل ردهات المرضى مما حدى بالادارة ان تُخرج المرضى وتغلق أبوابها في سابقة فريدة من نوعها!!

أن تلافي هذه الاوضاع السيئة والمتخلفة لايأتي عبر الأمنيات أو رمي الكرة مرة في هذا الملعب ومرة في الملعب الاخر! وأنما بوقفة جادة حقيقية على أس المشكلة مهما تعددت مسمياته والعمل بروح الحرص الوطني النزيه في معالجة هذه الظاهرة التي تقع ضمن نطاق أمكانيات الانسان الخلاقة وليس الطبيعة.

 

 

free web counter