| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

 

الأثنين 30/7/ 2007

 

 

على المكشوف


حمّى ... تنتشر بين بعض الأطباء !


د . سلام يوسف

في خبرٍ عاجل ورد من بعض المحافظات مفاده إن بعض الأطباء قد أصيبوا بحمى غريبة على الوسط الطبي ، هذه الحمى لاتشبه أي نوع من أنواع الحميات المعروفة الناتجة عن الأمراض الإنتقالية أو غير الإنتقالية وبكافة صورها الوبائية أو العشوائية ، والغريب إن عدد المصابين بها يزداد يوماً بعد يوم ، وهي ليست من النوع الإلتهابي أو الجرثومي ، ولذلك لم ينصح مختصو السلامة الصحية العامة أو طب المجتمع بإستخدام المضادات الحياتية أو مخفضات الحرارة ولا حتى بإستخدام الكمادات !!
لقد إنتشر المرض بين بعض أطباء المحافظات بصورة مأساوية ومحزنة ومؤلمة ، لم نكن نتمنى مثل هذه الأصابات لهم .
والغريب بالأمر فلابيان صدر عن وزارة الصحة ولانقابة الأطباء حركت ساكن ، والأغرب من كل ذلك إن الحمّى فعلاً أصابت وتصيب بعض الزملاء ( للأسف الشديد ) إلاً إن المريض والمتضرر الحقيقي جرّاء هذه الحمّى هو المواطن البسيط ، الفقير ، المواطن الذي سحقت عظامه الديكتاتورية المتعفنة وهرست الطائفية المقيتة ما تبقى من أشلائه ، بل أعدمت أحلامه وذبحت أمنياته تلك الصورة البشعة من الجشع والإستغلال ، تلك الصورة المتمردة على الإنسانية .
أيها الأخوة إن حقيقة مرض هؤلاء البعض من الأطباء هو إصابتهم بحمى ( الدلالية ) ـ إن صح التعبيرـ فكل واحد منهم أجّر له دلالاً أو صَبياً أو متدرباً في مدارس المزادات العلنية أو الأسواق الشعبية التي تباع فيها المواد الغذائية بالجملة ليجلب له المرضى ، ليجذب له المرضى ، ليجّذب على المرضى !.
وقد إستخدم هؤلاء الأطباء وللأسف الشديد وجربوا كافة الوسائل والطرائق من أجل زيادة دخلهم اليومي بما فيها لوحات الأعلانات الضوئية وغير الضوئية والتي لم تعد الجدران والحيطان والسقوف الأولية والثانوية وأعمدة الكهرباء والتليفون وحتى أسلاك المولدات تكفيها وتكفي أعدادها ، فلكل طبيب ما لايقل عن خمسة قطع تعريفية ودلالة مرورية من مختلف الأحجام والمساحات ، أما إذا كانت عيادة هذا الطبيب أو تلك الزميلة في أحد الفروع أو الأزقة فأنك تحتاج الى خرائط وبوصلة وكذلك الى عدّاد لغرض عدّ القطع ، ثم أضيفت لوحات جديدة لم يتوصل جهابذة الطب في العالم الى إستخدامها ، ألاً وهي اللوحات الناطقة المتحركة ( وأقصد اللوحات البشرية ) فيبقى هذا الدلال يصيح ويدعوا الناس الى دخول عيادة هذا الطبيب فهو طبيب ألمعي ، طبيب نابغة ، طبيب عالج مئات الحالات المستعصية ، طبيب فريد من نوعه ، هو أعظم طبيب بالباطنية والصدرية والمفاصل والمسالك البولية والجلدية وتساقط الشعر ، وأمراض الأطفال والتناسلية والعقد النفسية ....الخ !!!!
ومجرد أن يسأل المريض المسكين هذا الدلال عن صيدلية قريبة فحالاً يدلّه على صيدلية على بعد مئات الأمتار ! كونها تجلب دواء أصلي ( ما مغشوش !!)
والله إنها حالة مخزية ، الدعاية مطلوبة ولكن بالصورة والحدود المعقولة ، الترويج مشروع ولكن بشرط احترام الذات ، النجاح ليس بالدعاية ولكنه بالمهارة والتمكن من المهنة ، لايمكن أن ننسى كون الطبيب عملة صعبة بالوقت الحاضر ولكن لاننسى بنفس الوقت إنه صاحب ضمير .
أيها الزميل العزيز إن دخلك الحقيقي ليس الدينار فقط وإنما دخلك هو كلّما أضفت اليه ثقة الناس بك ، كلّما عالجت المرضى الحقيقيين فعلاً ، كلّما تمكنت من توعية البسطاء توعية صحية تساعد في إنتشالهم من واقع صحي وبيئي مرير ، وأنت أدرى بكل التفاصيل والأمور ، بل أنت واثق ومتأكد إنك أقسمت يوماً بالله و بشرفك وضميرك ومعتقدك أن تكون أميناً على مرضاك وفياً لمهنتك صادقاً مع نفسك .