| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                  الأثنين  2 / 6 / 2014



على المكشوف

يغلق عيادته إحتجاجاً...!

د. سلام يوسف

كثرت أساليب وأشكال وأنواع الاحتجاج ضد أمورٍ، يراها البعض جائرة ،أو منافية وتحت أي مسمى أو عنوان، فمنهم من يحتج بالإضراب عن الطعام ،ومنهم يحتج بالوقوف في أحد الأماكن المهمة بالمدينة حاملاً بيده لافتة ،ومنهـ (ن) من يعريّن صدورهن ، و..و..الخ وكلها واردة وشاهدناها أو سمعنا عنها ،أما أن طبيباً يغلق عيادته احتجاجا على الإساءة الى المهنة ، فهذا ما لم نسمع به سابقاً !

نعم هذا ما أقدم عليه أحد الأطباء بعد أن ضاقت به الحيّل ،فهو منحاز الى الناس بالكامل ، منحاز الى المهنة تماماً ،منحاز الى حد النخاع ومؤمن أن ما يمتلكه من علم يجب أن يسخره للمرضى ،فهذه هي رسالته ،وهذا ما تتلمذ من أجله وسهر الليالي ،وليس من أجل جمع المال والإثراء على حساب بضاعة لم يدفع فيها ديناراً واحداً ،الاّ وهي بضاعة .."المرض".

كتب قطعة كبيرة في باب عيادته ،أجور الكشف (الرمزية) .. كذا دينار! ، فبعث له (زملائه) من يخبره ،أن هذا غير لائق ،"ولا تهين المهنة بأجورك الزهيدة "، فلم يستجب ..!

ثم رفع لافتة أخرى على باب عيادته ليخصص يوماً فيه الكشف مجاناً للمتعففين ،فأرسلوا له من يخبره بضرورة أن يمتنع عن هكذا تصرفات ، "لأنك وللمرة الثانية تجعل الناس يستهزؤن بنا نحن معشر الأطباء".
ولم يستجب..!

بدأت الشائعات تظهر هنا وهناك ،أن هذا الطبيب لا يكلفكم مبالغاً وإنما يكلفكم حياتكم، فأحذروه !

أما هو فليس له صيدلية محددة ولا مختبر محدد ،لا يتعامل بالنسبة ولا بالحصة ولا يعترف بالسمسرة ،وبقى صامداً صابراً ،الى أن بعثوا له من يهدد حياته ،فأما حياتك وأما أن تكف عن توعية الناس بأسلوبك غير المباشر ،ولكنه نافذ !

لم يرقْ له أن يُحسب على سماسرة المهنة والمبتذلين وتجار الأمراض ،فمبادئه أرقى من أن تتلوث بالأموال التي لا يعلم بها الاّ الله من أين يوفرها سيؤ الحظ والمبتلون بآلامهم ،وبناءً على كل ذلك قرر أن يحتج بطريقته الخاصة ويغلق عيادته التي لم تعد توفر له حتى بدل أجارها ،وأن يتجول بين الناس في بيوتهم وأزقتهم ،ليطبق ما كان يردده حينما كان طالباً ،" أؤمن بشعبية الطب وليس بالطب الشعبي".

من حق صاحب المهنة أن يتكسب ،ولكن لكل مهنة خصوصايتها ، لها معطياتها ، لها معالمها ولها علاقاتها مع ذاتها ومع المجتمع ،وعلى هذا الأساس فأن مهنة الطب تختلف قطعياً عن مهنة النجارة أو الديكور أو الحلاقة ..الخ، مهنة الطب هي المهنة الوحيدة التي يُطلب من الذي يزاولها أن يراعي النواحي الإنسانية (وهي الأهم) أزاء زبائنها ، أما أن يتحكم مشروع الإثراء على حساب هؤلاء الزبائن فهذا هو الذي يفقدها خصوصيتها الإنسانية ومعالمها الرحومة.
والسؤال المطروح أمام الذين يهدفون الى الإثراء على حساب آلام مرضاهم، ما معنى (النفخ) في قيمة الكشفية من 20 ألف الى 40 ألف الى 75 ألف دينار ؟! وسينفخون !

والبوصلة تشير الى أن الذين (يتسلقون) سلّم الإثراء الفاحش ،يعملون على استلام (الجباية) من المختبرات والصيدليات التي يتعاملون معها !!

أضم صوتي الى زميلنا الذي اقفل عيادته من أجل أعادة أخلاق المهنة الى مبادئها بعيداً عن "أطباء بلا .. رحمة".


 

 

free web counter