| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

الأحد 2/12/ 2007

 

على المكشوف

النهوض بواقع المدارس البيئي والصحي يساهم بالحد من أنتشار الأمراض

د. سلام يوسف

فتحت المدارس أبوابها بعد أنهيار النظام الصدامي الفاسد على تركة ثقيلة من السلبيات والتراكمات شملت كل العناوين والمجالات ، بما فيها التعليمية والتربوية والتدريسة والثقافية أضافة الى ما لحقها من واقع صحي وبيئي متردٍ ومأساوي ، وفي حقيقة الأمر فأن كل هذه الصورة السوداوية هي أنعكاس لواقع أكثر سوداً وعتمةً شمل كل البلاد وهو نتيجة حتمية لسلسلة من الأسباب التي لم تعد خافية على أحد .
فخلال عقود أستيلاء النظام البائد على مقاليد الحكم في العراق مـرَّ العمل التعليمي والتربوي بنفق مظلم آل الى نتائج في غاية الخطورة أنتجت ولازالت وستبقى ( لفترة نرجو أن تكون قصيرة ) تنتج وتفرز معالم واقع سلبي لايتناسب مع المعطيات الحقيقية للمواطن العراقي سواء كان تلميذاً أم معلماً أم تدريسياً أم تربوياً وحتى على مستوى العائلة ، ومنذ زوال النظام الفاسد ولحّد الأن ( أي بعد مرور ما يقارب ثلاث سنوات ) لم يُطرح البديل الذي نأمله من القائمين على السلطة الأن رغم ما نعرفه مسبّقاً من ظروف غاية في الصعوبة والتي يمر بها البلد وما يهمنا في هذا المقال هو أن نسلّط الضوء على هذا الواقع وآفاقه المستقبلية من ناحيتنا نحن ، أي من الناحية الصحية والبيئية ، أما ما يخص المفردات الأخرى فهي متروكة لأساتذتنا من ذوي الأختصاص التعليمي والتربوي والأجتماعي .
وكما هو معلوم فأن أي نشاط وأي عمل يجب أن تتوفر له الشروط البيئية والصحية الملائمة لأنشائه وديمومة عمله وأستمرارية بقائه وبالتالي سيكون متمماً لباقي الحلقات الحياتية بمختلف ألوانها وتشكيلاتها مؤلّفة كينونة كل مجتمع من مجتمعات وشعوب العالم ، ومن هذا المنطلق فأن الواقع الصحي والبيئي لأي منشأة أو مؤسسة أو مرفق أو تشكيل أنما هو أنعكاس عملي حقيقي للواقع ذاته في عموم البلد ، فما تعانيه المؤسسات التعليمية في العراق والمدارس بالذات من صور صحية وبيئية تُثير الألم حقّاً فأن مرّد ذلك هو الواقع الصحي والبيئي في البلد بصورة أجمالية والذي لايبعث على السرور أو التفاؤل على الأقل ضمن المنظور العام مما هو في القريب أو الملموس على أقل تقدير .
ولأجل أن ندرك حجم المشكلة القائمة فيتوجب علينا كشف الحقائق كما هي :ـ
1. بنايات مئات المدارس على إمتداد الوطن غير صالحة أنشائياً فمنها عبارة عن بيوت أساساً ، ومنها أصبحت بالية تماماً لقدمها ، بل بعض تلك المدارس هي هياكل طينية وخصوصاً في المناطق الريفية والنائية .
2. غرف الدرس ( الصفوف ) بشكل عام لاتتوفر فيها وسائل التدفئة والتبريد .
3. عدد المدارس رغم واقعها السلبي وطاقاتها الأستيعابية فهي لاتتناسب مع أعداد الطلبة مما أدي الى أرتفاع كثافتهم في الصف الواحد ، وهذا الوضع يتسبب سواء شأنا أم أبينا بحصول أجواء غير صحية في داخل الصف الواحد ، ويساعد بشكل مباشر على سرعة وزيادة أنتشار الأمراض وخصوصاً الأنتقالية منها والتي تُصيب طلبة المراحل الأولى على وجه التحديد .
4. عدم توفر المياه الصالحة للشرب في الغالب من تلك المدارس ، وحتى إن توفرت فالأستعمال وطرائق الأستعمال تكون بشكل جماعي مفتقرة الى أبسط القواعد الحضارية مما تساعد على أنتقال عدوى الكثير من الأمراض .
5. عدم توفر المرافق الصحية بشكل يتناسب مع التسمية التي تُطلق عليها .
6. وجود وتواجد أساليب غير صحية وغير لائقة في بيع ما يُثير فضول الطلاب ( وخصوصاً الصغار منهم ) وأهمها الحلويات و العصاير ، وغالبية هذه المواد مصنّعة تحت ظروف غير صحية .
7. الغالبية العظمى من هذه البنايات ( المدارس ) لم تتوفر لها الطرق المؤدية منها وأليها ، فنرى مناظر مهولة خصوصاً في أوقات هطول الأمطار .
8. غالبية هذه المدارس تفتقر الى أماكن ممارسة الرياضة ، وحتى إن توفرت مثل هذه الأماكن فللأسف لاتمارس الرياضة كدرس أساسي ومهم لصحة هؤلاء الطلبة .
إن معالم الخارطة البيئة ـ الصحية الحالية والتي تأن مدارس البلاد من وطأة واقعها المؤلم يجب العمل على تغييرها وعكسها بأتجاه الصورة الحضارية والأيجابية ، ورغم ما تقوم به بعض الجهات ذات العلاقة المباشرة فهذا لايكفي لأن الواقع المتخلف ثقيل بل وثقيل جداً وأكبر من أن تتحمله جهة واحدة أو جهتين محدودتي الصلاحيات لذا وجب تدخل مراكز القرار في البلد وأن تساهم مباشرة باتخاذ قرارات تساهم في تسهيل الخطوات الرامية الى تحقيق هذا الهدف، ولأجل النهوض المنشود من الواقع السلبي أعلاه نقترح ما يلي :ـ

أولاً ـ تشكيل لجنة مشتركة من وزارات الصحة والبيئة والأسكان والتعمير والتخطيط والتربية والتعليم وعلى مستوى السادة الوزراء من أجل وضع خطط عملية قابلة للتطبيق العاجل ومحددة بسقف زمني لغرض :ـ
1) ترميم مايمكن ترميمه من بنايات المدارس وأعادة بناء بعضها ، هذا أضافة تأسيس مدارس جديدة تتناسب مع الرقعة الجغرافية والكثافة السكانية .
2) القيام بالمسح البيئي للمدارس كافة بلا أستثناء وكذلك لمناطق تلك المدارس ، وخصوصاً القائمة في مناطق تكثر فيها المعامل والمصانع والورش ، وأجراء تقييم بيئي على ضوء القياسات العالمية النافذة .
3) القيام بالمسح الصحي لكافة الطلبة وبشكل جماعي تقوم به فرق صحية متخصصة وعدم الأعتماد على مراكز الرعاية الصحية المحلية فقط وما تقوم به وحدات الصحة المدرسية في تلك المراكز، وأجراء العلاجات اللازمة للحالات المكتشفة .
4) تفعيل عمل وحدات الصحة المدرسية وأسنادها ودعمها بشكل أستثنائي ، والعمل على أتباع أسلوب الفحص الدوري لكافة الطلبة وأساتذتهم وأدارييهم والتعامل مع الطلبة وكادرهم التعليمي والأداري بطريقة خاصة تميزهم وتسّهل عملهم ونشاطاتهم وذلك من خلال أبتكار صيغ جديدة من أجل تحقيق هذه الأهداف .
5) أنشاء مراكز رعاية صحية أولية جديدة ضمن الرقع الجغرافية التي تحتاجها .
6) القيام بحملات أعلامية تثقيفية في المدارس وفي المناطق السكنية وحتى على مستوى أبناء الشعب وبكافة الطرائق .
7) أتباع أسلوب الحوافز الأستثنائية لكافة العاملين في المجال الصحي والبيئي والذين يعملون في خدمة صحة المدارس ومنتسبيها من الطلبة والكادر .

ثانياً ـ متابعة ما يتم أنجازه بأستمرار وتقييم المستويات التي تصل أليها حملة أعادة النهوض هذه وبشكل دوري لغرض تلافي النواقص وأستحداث الجديد الذي يستوجب الأستحداث .

ثالثاً ـ الأستفادة من الخبرة العالمية بهذا المجال مع ترجيح أستقدام الخبراء والمختصين .
هذه من وجهة نظرنا أهم الأقتراحات التي تساهم في مهمة تغيير الوضع الصحي والبيئي لمدارس العراق .
لقد أثبتت الأحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة أن العديد من الأمراض وأهمها الأمراض الأنتقالية والأمراض التي تنتقل بالعدوى عن طريق المسالك التنفسية أضافة الى العديد من الأمراض الجلدية كانت المدارس السبب في أنتشارها وذلك للأسباب التي ذكرناها في متن هذا المقال . أن موجات واسعة من الأمراض بين طلاب المدارس تحصل بالعدوى ومنها : النكاف ، الحصبة ، الجدري المائي ، ألتهاب الكبد الفيروسي ، حمى التيفوئيد ، الألتهابات الرئوية الحادة ، الجرب ، القمل ...الخ من الأمراض التي تم تسجيل أعلى الأحصائيات فيها ضمن الرقعة الجغرافية بسبب أنتشارها بين طلبة مدارس تلك الرقعة .
وبدلاً من أن تكون المدارس مراكزاً للتحصيل العلمي والثقافي والتربوي فقد أحيلت وبسبب الوضع الصحي والبيئي المتردي الى بؤر لأنتقال عدوى الأمراض بين الطلبة ومنهم الى ذويهم .


 

 

Counters