| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                                     الأحد 2/12/ 2012



على المكشوف

بؤر الأمراض

د. سلام يوسف

مصطلح متعارف عليه وهو الامراض الانتقالية والامراض المشتركة، الانتقالية وهي التي تنتقل من شخص الى اخر ومن الحيوان الى الانسان ،اما المشتركة فهي الامراض التي تكتمل دورة حياتها بين الانسان والحيوان،علماً ان مسببات تلك الامراض هي الفايروسات ،البكتريا ،الطفيليات ...الخ

والمعلوم ان تلك الأمراض الأنتقالية والمشتركة تمتاز بتوطنها في المجتمعات ذات الأوضاع البيئية المتردية والوعي الصحي المتخلف والخدمات الصحية المنقوصة ،فحينما تتوطن هذه الأمراض فأن ذلك يعني بمفهوم علم طب المجتمع أن تلك الأمراض وجدت لها موطن قدم (أي أنها تمكنت من ذلك المجتمع بسبب العوامل التي أشرنا أليها)وعليه فليس من السهل أجتثاث تلك الأمراض بل تحتاج الى فترات زمنية طويلة ووفق متطلبات بمجموعها ترتبط بطبيعة النظام الأقتصادي ـ الأجتماعي الذي يسود هذه الدولة أو تلك ,وليس هذا فقط وأنما تبقى تلك البؤر محطات خطر على باقي المجتمعات على الأقل المجاورة منها.

وفيما يخص المجتمع العراقي فالعديد من الأمراض الأنتقالية والمشتركة متوطنة فيه ,بل أمتازت العقود الآربع الأخيرة بميزيتين ،الأولى ظهور أمراض جديدة والثانية عودة النشاط لبعض الأمراض التي تمت السيطرة عليها سابقاً، وهذا مؤشر قوي جداً على تردي الأوضاع البيئية والصحية في البلد والمرتبط بتراجع كل القيم التي تمتاز بها المجتمعات البشرية.

ورغم الجهود العلمية المبذولة من أجل كسر سلاسل الترابط في هذه الامراض، الاّ ان وجود الثغرات التي تنفذ منها تلك الامراض انما تعتمد على عوامل اشرنا اليها في بداية الحديث.

وهذه الجهود تمثلت بأستنباط اللقاحات، دراسة دورة حياة الجراثيم التي تسبب هذه الامراض، مكافحة النواقل(القوارض والحشرات وغيرها)، أضافة الى حملات التثقيف والتوعية الصحية.

الاّ ان كل هذه الجهود تكون عاجزة ازاء السلوكيات الاجتماعية والتي تعزز من استمراء وبقاء بؤر تلك الامراض فعالة ونشطة وأهم شئ في ذلك النظافة والنظافة الشخصية والعادات غير المستحبة اضافة الى الرقابة الصحية والتي من واجباتها فرض القيود الصحية السليمة على الطعام والشراب وخصوصاً في بلدنا حيث هناك اهمال واضح ازاء الأهتمام بصحة ونظافة المواد الغذائية.

ولابد هنا من تركيز الضوء على اكداس النفايات والمتناثرة في طول البلاد وعرضها سواء في الازقة او الشوارع العامة او الساحات والجزرات الوسطية ،قطع اراضي متروكة او غير مشيّدة او هياكل بنايات ... الخ ، ناهيك عن ما تطلق عليه امانة بغداد والبلديات بشكل عام ووزارة البيئة بالطمر الصحي للنفايات(وهو ليست كذلك مطلقاً).

أن هذه النفايات وانتشارها بهذا الشكل المؤذي للفرد والمجتمع والبيئة والبلد تعد بؤراً للأمراض الأنتقالية والمشتركة ، بل وراح شريحة واسعة من الذين تم أحتسابهم ضمن 23% من فقراء العراق يقضون اوقات طويلة في هذه الأكداس الممتلئة بمصادر الأمراض ، يعملون على نقل الأمراض الى أهاليهم والى جيرانهم والى كل الملامسين لهم.

أن وزارة الصحة والبيئة وأمانة بغداد وكل البلديات ومعها الجهات الساندة مطالبة أكثر من أي وقت أخر القيام بحملة متكاملة للقضاء على هذه البؤر حفاظاً على ما تبقى للعراق والعراقيين من صحة.

free web counter