| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

الثلاثاء 25/12/ 2007

 

على المكشوف

ما ضاع حق ياوزارة الصحة... وراؤه أصحابه!!

د. سلام يوسف

أقرت وزارة الصحة وفي عهد وزيرها السابق/في العام الماضي إحتساب مبلغ مقداره(150ألف) دينار يُضاف الى رواتب الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة عن إستحقاق(رأته الوزارة) كبدل خطورة من الإصابة بالأمراض المعدية أو مخاطر المهنة المختلفة أو تحت أي مسمّى أخر، وحينها باركنا هذه الخطوة المبتورة، ووصفناها بـ (نصف خطوة)، وذلك لما حملته من إنصاف(مع إنه إنصاف متأخر أو لايرقى للواقع) لشريحة من العاملين في قطاع الصحة وهم الأطباء والصيادلة،ولكن بنفس الوقت حمل ذلك القرار بين جنباته غبناً غير مقصود(بإفتراض حسن النّية) وتغاضٍ وتغييباً لحقوق شريحة واسعة ومهمة جداً بل هي العمود الفقري للقطاع الصحي، تلك هي شريحة الكادر الصحي الساند والمساعد(أي كل من يعمل بالقطاع الصحي وليس بطبيب أو صيدلاني).وقبل الإسترسال بالقصة فإن ذلك القرار قد تم تطبيقه في أيلول الماضي وبأثر رجعي الى كانون ثاني 2006.
ولمّا كان نوع وشكل وشدّة الخطورة أو مخاطر المهنة لاتميز بين البشر على أساس الـ(شهادة)،وإنما نستطيع القول إنها تتفاوت بين هذه المهنة وتلك ولكن ليس بين العاملين في المهنة الواحدة، لذا فقد جاء هذا القرار كسيحاً، إذ كيف يُفسر من شرّع هذا القرار إستحقاق مخصصات الخطورة للطبيب الذي يعمل في أحد مكاتب وزارة الصحة بعيداً عن الأمراض وعن الإهانات(كما حصل لطبيب في الديوانية مثلاً) وحجبه لذلك الإستحقاق عن معاون طبيب في أحدى المستشفيات؟ وبهذا التمايز فقد حدثت إعتصامات ذوي المهن الصحية في شهري شباط وآذار 2006.وجراء هذه الإعتصامات أُجبر المسؤولين في الوزارة على عرض الأمر أمام اللجنة الإقتصادية في مجلس الوزراء والتي بدورها عرضته أمام وزارة المالية لغرض شمول ذوي المهن الصحية بالإستحقاق إسوة بالأطباء، ولكن الذي حصل هو.. لاجواب ! وبذلك فقد شعرت نقابات ذوي المهن الصحية إن الحكومة تماطلهم بإستخدام أسلوب التخدير لجعل قضيتهم تذوب. فدعوا الى تجديد الإضرابات مما شل مجمل العمل بالمستشفيات والعيادات الشعبية والمستوصفات والمراكز الصحية، فبدلاً من أن تتجاوب وزارة الصحة مع المطاليب المشروعة لهؤلاء المضربين، سارعت الى البحث بين أوراق منتسبيها(المنتفعين) القديمة لتجد حلاً(صدامياً) لمثل هذه المواقف التي تهز العروش والكراسي والمناصب وذلك بإعمامها ذي الرقم 20375المؤرخ في 10/5/2006 مؤكداً على المادة(364) من قانون العقوبات العراقي وهي مادة إستخدمها النظام المقبور كقرار تعسفي في الثمانينات من القرن الماضي، وجاء في فحوى القرار:[ يعاقب بالحبس لمدة سنتين كل من يقوم أو يحرّض على الإعتصام أو غرامة قدرها مائتي دينار أو بالغرامتين معاً في حالة التحريض والفعل ]، لاحظ إن الغرامة كبيرة قياساً لقوة الدينار العراقي في ذلك الوقت.
تعميم هكذا قرار وهو معادٍ لأبسط حقوق الإنسان وللديموقراطية نصاً وروحاً، يُعدّ خطوة الى الوراء وإجراء بيروقراطي يتقاطع تماماً مع الحقوق، بل يدل على الضعف والإهتزاز أمام مطاليب الناس العادلة، فقد أدى الى تراجع الإضرابات في بعض المحافظات ولكنها إستمرت في العديد من المحافظات الأخرى.
وعقد ذوي المهن الصحية مؤتمراً لهم في العمارة بتأريخ 14/7/2006،هنا وفي هذه الظروف تم إستبدال السيد الوزير! وفي مؤتمر الحلة لذوي المهن الصحية الذي عقد في آب 2006 تقرر الإستمرار بالإعتصامات، لذلك فالأزمة مستمرة وإستمر معها مطالبة ذوي المهن الصحية بحقوقهم،وجراء تردي الأوضاع في المؤسسات الصحية بسبب الإضراب وخصوصاً في محافظتي ميسان وكربلاء وبعد تدخل رجال الدين وأئمة المساجد ووجهاء المناطق ومناشدة الأحزاب والكتل السياسية تم عقد إجتماع بين الوزير وبين ممثلي هذه النقابات في بعض المحافظات،ويبدو إنهم(أي رؤوساء هذه النقابات)قد خرجوا بنتيجة!! هذه النتيجة مفادها إن السيد الوزير(وَعدَهم) بأن يتم تعديل سلّم الرواتب والدرجات والتوصيف الوظيفي وإكمال الدراسات الجامعية للكوادر الطبية الوسطية، ووافق أيضاً على إحتساب (40ألف دينار) كمخصصات خطورة مضاف إليها 50% من الراتب كزيادة فتكون الزيادة الكلية 150 ألف دينار.
بقيّ ذوي المهن الصحية بإنتظار تطبيق هذه القرارات، إلاّ إنهم تفاجأوا بكتاب وزارة الصحة المرقم 45828 والمؤرخ في 26/9/2006 والذي ينص على تعديل رواتب موظفيها ودرجاتهم الوظيفية على أن لايشمل الكوادر التمريضية أو ذوي المهن الصحية أو الطبية.
ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن لماذا جرت كل هذه الأحداث؟ ولماذا كل هذه الجهود والمراجعات والمطالبات والإعتصامات والإضرابات والقرارات والتهديد والوعيد؟ إن الجواب واضح وبسيط هو عدم دراسة تلك القرارات قبل صدورها بصورة منطقية ومنصفة إضافة الى إن مشرّعي تلك القرارات ما هم بالمدافعين الحقيقيين عن مصالح هذه الشريحة وهي الأوسع والأهم.
نعتقد إن هناك غبناً مقصوداً قد وقع ويقع على ذوي هذه المهن وعلى الكوادر التمريضية ولانرى أي مبرر لهذا التمييز بين الذين يعملون تحت ظروف عمل واحدة، وبالنتيجة فإن شعور الإنتقاص من هذه الكوادر سيزداد يوماً بعد يوم وفي نهاية المطاف فإن المتضرر النهائي لكل ما يجري هو المواطن المريض، إن منتسبي هذه الشريحة سيستمرون بإعتصاماتهم وإضراباتهم مهما أُشهرت بوجوههم البطاقات الحمراء،أو حتى محاولات تخديرهم ونقولها صراحةً ماضاع حق وراؤه أصحابه.




 

 

Counters