| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                                     الأحد 25/12/ 2011



على المكشوف

أمراض عصية .. أم أستعصى علاجها ؟

د. سلام يوسف

لا توجد في العراق أمراض تميزه عن باقي شعوب الأرض ألاّ تلك التي حددها العلم منذ عشرات بل مئات السنين والتي لها علاقة بالطبيعية والبيئة وكذلك بالوعي الصحي والعادات الأجتماعية السلوكية والتغذوية المنوعة.

وأن الأمراض المزمنة والمستعصية تنتظر جهود العلماء ويبدو للمراقب أن المختصين يطرقون كل الأبواب من أجل أيجاد الحلول الناجعة لها، وضحايا تلك الأمراض يستحقون العناية والأهتمام والرعاية الأنسانية البالغة ،أما الأمراض الطارئة والحادة فهي التي تحتاج الى الخبرة مع توفير كافة المستلزمات التي تسهّل التشخيص والعلاج.
والمريض هو نفسه سواء في العراق أو في أي بلد في العالم (مع فارق الوعي الصحي طبعاً) هو الحلقة الأضعف في سلسلة الطب والصحة ويحتاج لمن يأخذ بيده ويساعده ،ولكن الأشكال الحقيقي هو في النظام الصحي المعمول به في بلدنا والذي توارثناه منذ أيام الأحتلال العثماني وحتى يومنا هذا (عدا مرحلة محددة من عمر ثورة 14 تموز 1958) حيث كان المريض العراقي ولازال هو البضاعة التي تروّج في سوق الأطباء والمختبرات والتحاليل والأشعة والصيدليات، عكس ما يُنظر أليه في بلدانٍ أخرى كونه الغاية التي يخضع لها الطب والأنسانية.

وفي بلدان كثيرة دخولها السنوية أقل بكثير من ميزانية العراق تجد التطبيب فيها شئ سامي، أنساني مع توفير كافة التسهيلات والأمكانيات، بينما الألم يعتصرك على أبناء شعبك وأنت تسمع عن الترليونات التي تتلاطم في ميزانية الدولة وبالمقابل فالخدمات الصحية بائسة، وطوابير مرضى السرطان ينتظرون مواعيدهم على جهاز العلاج الأشعاعي وأخرون يلجأون الى المستشفيات الخاصة لأجراء عمليةٍ ما لأن المستشفى في هذا التخصص أو ذاك لايستوعب أعداد المرضى! بل أصبح المريض وسيلة لجمع الأموال وصار في خدمة الطب والتطبيب عكس ما مطلوب من أن يكون الطب والطبابة في خدمة المريض.

وعبر رحلة مضنية بين الأطباء والمختبرات، بين أجور الكشف والتحاليل وأجور العلاجات، بين الأمل في الشفاء من المرض وبين تسكين آلامه مروراً بحلقات السمسرة ناهيك عن التقاعس في الأداء وبطئ التنفيذ ، يعود المريض الى بيته منهكاً في قوّته وجيبه!

وعلى سبيل المثال فأن ترويج العلاجات وفق ماركاتها ومصادر تصنيعها (الأصلي والتقليد) (الغربي والأسيوي)(أبو الفسفورة أو بدون فسفورة) عن طريق المندوبين وغيرهم...الخ كلها أساليب ربحية تزيد من السعر الفعلي للمنتج بحكم تعدد حلقات التداول فتجعل من العلاج عصي على الناس البسطاء وهم أغلبية مرضانا، فأما يتركون الحالة لتتفاقم حيث ليس لديهم الأموال الطائلة لعلاجها ولا الحكومة ترعاهم أو أنهم يختصرون بعض العلاجات وبعضها يشترك فيها أكثر من مريض،وهناك أعداد غير قليلة من المرضى يطلبون من الطبيب أن يوصف لهم العلاج دون الأحالة الى التحاليل والأشعات.

فهل أمراض العراقيين أهل النفط والغاز،عصية أم أن العلاجات هي العصية عليهم؟

 

 

 

free web counter