| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

الأحد 23/5/ 2010



على المكشوف

حمى السونار

د. سلام يوسف

من غرائب الأمور وعجائبها أن تُستثمر أنّات الناس وأوجاعهم ،آلامهم ودموعهم ،فطرتهم بالحياة وجهلهم بالعلم ،بساطتهم وفهمهم الأنساني المتواضع للعلاقات وتشابكاتها، لهفتهم وراء أمان الصحة والأستقرار العائلي، وتُحال بطريقة تكنولوجية الى دنانير بالجيوب!

فعن طريق جهاز أخترعه الأنسان من أجل خدمة الأنسان فُتحت باب نحو كسب مادي متسارع لمَن يمتلكون هذا الجهاز،و(بالعافية) للذي يستحق ذلك، أما أن يتحول مجرى (الأحداث) المَرَضية نحو هذا الجهاز وبلا ضرورة فهذا هو الفساد بعينه، بل هو الأستغلال البشع والكسب اللاشرعي.

ففي وطننا كما تحصل العجائب في السياسة وصورها فهناك عجائب التجارة والربح التي لايضبطها ضابط ،أذ يوجد عدد كبير من (عيادات) فحص السونار منتشرة في الشوارع الرئيسة في بلدات الوطن الجريح بل تعداه ذلك الى الأزقة (التعبانة) ليزيدوا على كاهل المواطنين من حمل المعيشة،فأعداد ليست قليلة من الطبيبات والأطباء (أشتروا) أجهزة السونار الذي اصبح متوفراً في مخازن القطاع الخاص (بعد أن كان جهازاً نادراً أيام زمان) ويستخدموه ـ في أغلب الحالات ـ كجزء من زيادة الدخل وليس لزيادة التدقيق بالحالة المَرَضية بغية تشخيصها، ومهما نتكاشف مع الزملاء حول ذلك فالغلبة لهم من باب لايمكن التدخل بعمل الطبيب، وكل ذلك عليك أن تتحمله شئت أم أبيت، والنتيجة أنهم مؤمنون بنظرية (كلشي طالع من جلد المريض).

ومن الغرائب أيضاً ووفق نفس المفهوم التجاري أن يفتح عيادات السونار عدد لابأس به ليسوا أطباء أصلاً ولا أختصاص، بل هم (خريجو كلية التقنيات الطبية، معاون طبي، معاون شعاعي، طبيب بيطري، وربما هناك قابلة مأذونة ـ والله أعلم ـ).

أنها حمى السونار،حمى الأعمال غير المنضبطة ونتيجة حتمية لكل مجريات السلوكيات غيرالمسؤولة في داخل البلد،وهؤلاء الذين يجرأون على فتح مثل هذه العيادات وما يترتب عليها من نتائج خطيرة على صحة المواطن (المواطنة ـ تحديداً ـ) بكل تأكيد هم مستفيدين من حالة الفوضى القانونية في الأجهزة التنفيذية.

أن مراقبة كل هذه الأنشطة المخلة بشرف المهنة والتي تفكك الهيكلية المحددة بتعليمات عالمية أنما هو عمل وطني يبتدأ من دائرة المفتش العام وبالتعاون مع توعية الناس لأمتلاك القدر المقبول من القناعة قبل الأقدام على دفع ما يبيعونه من بيوتهم المتواضعة ليضعونه في جيوب المصابين بحمى السونار.


 


 

free web counter