| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

 

الأحد 23/9/ 2007

 

 

على المكشوف

يا نقابة الأطباء

د. سلام يوسف

حسب المتوفر (( المتواضع )) في معلوماتنا ، فإن النقابات تهتم بجانبين أو مجالين أساسيين : الأول هو الدفاع عن مصالح الشريحة التي تمثلها هذه النقابة أو تلك ، أما الثاني فهو المساهمة في رسم سياسة الدولة في مجال إختصاص المهنة .وإن النقابة تعد إحدى تشكيلات المجتمع المدني ، أي ليس لها سلطة قانونية أو قضائية أو تشريعية ، بل لها الحق بالأقتراح أو التظاهر أمام المراجع ذات العلاقة لغرض التشريع فيما لو توفرت شروط التشريع إستناداً الى الدستور
ونأخذ مثالاً على ذلك ، نقابة الأطباء التي تأسست حينما وُجِدت الحاجة ـ ماسّة ـ لتأسيس كيان ( مدني ) لغرض الدفاع عن ( مصالح الأطباء ) في خضم قوانين الدولة العامة ، وكذلك للمساهمة في عملية بناء السياسة الصحية للبلد حينما تساهم مع الوزارات المعنية في رسم وتنفيذ تلك السياسة .ولكن ما جرى في العراق وجراء السياسة المخابراتية التي إنتهجها النظام المقبور في عمل النقابات وحرفه لكل البديهيات النقابية عن مسارها المعروف ، فقد أصبحت نقابة الأطباء العراقية جزء لايتجزأ من مقومات أنشطة الدولة التخريبية ضد كل مكونات الشعب الأساسية ، وتحولت النقابة وكل النقابات الأخرى الى أدات سياسية ( متقاطعةً مع ما مثبّت في إنظمة تلك النقابات الداخلية ) ، وبالتالي فقد أُفرغت النقابة من محتواها عملياً .
فكيف نفسّر شرط توزيع الأطباء حديثي التخرج بـ (( الأنتماء الى نقابة الدولة ؟ )) ، وكيف نفسّر شرط الأنتماء الى هذه النقابة حينما يهم الطبيب في مواصلة دراسته العليا ؟ ، متى كان الأنتماء الى هذه النقابة أو تلك شرط من شروط العمل المهني ، أو ممارسة المهنة ؟ ، ولماذا هذه النقابة بالذات ؟ فلربما الزميل الفلاني غير مقتنع بالنظام الداخلي وبرنامج هذه النقابة ! . إن التفسير الوحيد في ذلك هو الدكتاتورية والفردية والأستحواذ وسياسة الحزب الواحد والنظام الشمولي وكبت الأصوات الأخرى ونحر الرأي الأخر .
وليس هذا فحسب ، وإنما تدخلت النقابة ( نقابة الأطباء ) في شؤون المواطنين أيضاً ولازالت . وهذا شئ معيب حقاً فهو إستمرار للنهج التسلطي الفوقوي العُنفي الذي مارسته سلطة البعث طوال العقود الماضية والذي نخشى أن تستمر في إنتهاجه الجهات التي تخلف الأن ، والمقصود بشؤون المواطنين هو المصادقة على التقارير الطبية الصادرة عن الأطباء .
أسمحوا لي أن أتمعن بهذا الموضوع قليلاً : الكثير من المواطنين يحتاجون الى تقارير من أطبائهم المشرفين على أوضاعهم الصحية ولأي سبب كان ، كأن يرغب بإرساله الى أقربائه في الخارج ، أو يرغب بالإحتفاظ بالتقرير كتوثيق ، أو لغرض إطلاع طبيب أخر على حاله ، وفي جميع هذه الحالات وغيرها والتي أعتقد إنها من حق المواطن ولم يطلب المستحيل ، بل السؤال الذي يطرح نفسه : ( إذا لم يُزود المواطن بالتقرير الذي يرغب به فبأي حق نمنعه من ذلك ؟ ) ، المهم ، نفترض إن المواطن حصّل على التقرير(الخطير)، ولكن تبقى المشكلة في(مصادقة) النقابة على صحة ذلك التقرير !!
عجيب والله !! ما علاقة النقابة بالموضوع أساساً ؟ فالوقائع تقول إن المسؤولين عن النقابة شخصّوا أحد العاملين فيها ومنحوه ختم النقابة لغرض الـ (( تصديق )) ، تصديق على ماذا يانقابة الأطباء ؟ ، هل المقصود التصديق على ما ورد في التقرير ؟ بالتأكيد لا ، لأن الموضوع علمي طبي بحت يهم الحالة الصحية للمريض المعني ، هل المقصود إن الطبيب كاتب التقرير منتم الى النقابة ؟ فبالتأكيد إن الإنتماء الى النقابة منافي للأعراف المهنية . ولكن حينما نسأل النقابة فيأتيك الجواب: ـ للمصادقة على صحة توقيع الطبيب !! . يا أيها الناس إنه تبرير مضحك حقاً ! النقابة تصادق على صحة توقيع الطبيب الوارد في التقرير ؟! ولكن حقيقة الأمر فإن الشخص الذي يقوم بعملية التصديق ( أي الختم على ورقة التقرير ) لايرجع الى أي مرجع مُثبّت فيه تواقع كل الأطباء ، بحيث حتى لو كان الموقّع شخص آخر غير الطبيب لما غيّر من عملية الـ ((تصديق )) هذه شيئاً .
هذه الممارسات والسلوكيات التي تقوم بها نقابة كنقابة الأطباء أظن إنها منافية لأبسط حقوق الأنسان ، بل إعتداء سافر على المواطن نفسه بعد أعتدت قبل ذلك على حقوق الأطباء أنفسهم .
إن الغاية معروفة ، ألا وهي الأبتزاز وليس شئ آخر غير الأبتزاز ، فالتقرير إذا كان بالعربي تؤخذ عنه رسوم ، وإذا كان باللغة الأنكليزية فتأخذ عنه رسوم أعلى ! تصوروا إن مواطن إبتلاه الله بالمرض ويدفع المبالغ الى الأطباء والتحاليل والفحوصات والأدوية، ويذهب الى هذا الطبيب وذاك ، وحينما يطلب طلباً ( أراه شرعياً ) بتقرير يلخّص حالته فلا يحصل على هذا التقرير إلاّ إذا دفع فلوس ، فلوس إضافية .
أقول مرة أخرى كان اللـه في عونك ياأيها المريض العراقي المظلوم .
وعلى المكشوف نقولها للنقابة التي تمثل العاملين فيها ، إتقّوا الله في المواطنين ، غيّروا ليحس الطبيب والمواطن معاً إن النظام حقاً قد زال .