| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

الأحد 21/10/ 2007

 

على المكشوف

المستشفيات وضحايا الأعمال الأرهابية

د. سلام يوسف

من بديهيات علوم التخطيط والتنفيذ والتطبيق في كل مرفق من مرافق الحياة هي سياسة الديمومة الحياتية الأعتيادية اليومية المدعومة أساساً من قبل سياسة الأستراتيج التعبوي، هذه السياسة ينتهجها أي بلد من بلدان العالم تحسباً للطوارئ والكوارث ، بل تطورت هذه العلوم في غالبية الدول الصناعية المتقدمة وغير المتقدمة وفي الدول شبه الصناعية الى ما يشبه بالثورة العلمية ـ التكنولوجية في مختلف المجالات ، ولكن ما يجري في العراق ليس وفق المنطق أو وفق العرف ، ففي مجاَلي الصحة والبيئة نرى إضافة الى تركة الواقع الصحي والبيئي الثقيلة التي خلفها النظام السابق فأن مراكز القرارات في وزارة الصحة تواجه مشاكل أضافية وتحديات كبيرة ليس من جانب الخطط العملية فحسب وانما من جانب الأستراتيجية التعبوية ، حيث إن بلداً مثل وطننا العراق وسكانه يعيشون حرب من نوع أخر ، حرب الأرهاب المستورد والمحلي ، والتي تضاف الى المهام الأساسية التي أنشأت من أجلها وزارات الصحة قي العالم . والسؤال الذي يطرح نفسه هل أن واقع الأمكانات الأعتيادية المتعارف عليها والأمكانات الأستراتيجية التعبوية الحالية متوفرة لدى وزارة الصحة العراقية ؟ علماً أن المقصود بالأمكانات هو كل مايشمل من المعدات والأدوات والمستشفيات وكذلك القوى البشرية التي تحرّك كل هذا وذاك .
أن الدراسات التي قُدمت مؤخراً تؤكد أن النمو السكاني في العراق خلال العقود الثلاث الماضية كانت بنسبة 3% في حين لم يبنَ مستشفى واحداً ، مما يعني عملياً ضخ ضغط غير طبيعي على الأمكانيات الصحية عموماً ( سواء البشرية أو المادية ) ، هذا الموضوع بحد ذاته سبّب ويسبّب ولازال يتسبّب بتراجع تقديم الخدمات الطبية والصحية للمواطنين هذا فيما لو لم نتطرق الأن الى الواقع الصحي المؤلم الذي يعيشه العراقيون أصلاً .
ثم ( وهنا المهم ) راحت تعصف ببلدنا موجات الأرهاب المنظم التي تحصد بأرواح وأجساد مواطنينا ، هذه الظروف القاسية التي نعيش بها تجعل الِحمل ثقيل وثقيل جداً على كاهل القوى الطبية والصحية بكل أمكاناتها المحدودة والتي لم يُرسم أو يخطط لها وفق الأستراتيج الذي ذكرناه وبالتالي فأن ما يمكن تقديمه من خدمات الى المواطنين المرضى منهم و الى المصابين جراء الأعمال الأرهابية سيكون محدوداً بكل تأكيد .
أن ما يمكن تقديمه في ظروف الأرهاب الذي نعيشه محدود جداً ، سيارات الأسعاف قليلة وقديمة ، المسعفين بالتأكيد قليلون وخبرتهم قديمة ومحدودة ، المستشفيات فواقعها تماماً بعيد عمّا نحتاجه بمثل هذه الظروف ، الكادر قليل والغالب منه غير متدرب على هكذا أصابات ، والكادر أقصد به كل من يعمل في أنقاذ المصابين والجرحى من جراحين وأطباء ومخدرين ومساعديهم ومساعدي أطباء ومعاوني أطباء ومضمدين وممرضات ومسؤولي تغذية وكادر تعقيم وتنظيف و...و.. القائمة تطول . أضف الى كل هذا ، فأن المشكلة الأساسية هي قلّة المستشفيات ، بل لنقل مراكز جراحية متخصصة فورية ـ على وجه التحديد ـ ، هذا بالأضافة الى محدودية عدد وأمكانات مصارف الدم . إن الجريح العراقي المظلوم يعاني مرتين ، مرّة من قبل الظالمين الأرهابيين ومرّة من قبل الأمكانات الطبية المحلية المحدودة غير القادرة على أنقاذه أو تقديم الخدمات العاجلة له إذ إن من المعروف إن المصابين بمثل هكذا أصابات يدخلون ضمن قائمة الكوارث التي تلزم الدولة بالتهئ لها وأتخاذ كافة الأجراءات الضرورية اللازمة .
إن العالم وجرّاء ما أصابه من كوارث ومشاكل كارثية تهدد صحة وحياة الأنسان فقد عمل على تطوير وتحديث كل العلوم الطبية والطبية التقنية ليصل الى الهدف الأسمى هو أنقاذ ما يمكن للطب والعلم من أنقاذه ، إن الطب المتقدم أستنبط فرع مهم جداً في علوم الطب ألا وهو فرع علوم الأصابات TROMATOGOGY .
ومع كل ما تقدم فنقولها بكل إنصاف : أن الكادر الطبي والصحي من أبناء وطننا لم يبخلو بأي جهد وحقيقة يُشهد لهم بأخلاقهم الأنسانية العالية ، بوركت جهودكم أيها الأوفياء وأنتم تنقذون آهاليكم من أعمال وأفعال الأشرار الظلاميين والذين يريدون بوطننا أن يأنّ من الجرح النازف ، ولكن واقع الحال يقول أن الأمكانات هي هذه .
لذا فهو نداء الى السادة المسؤولين القائمين على القرار الطبي والصحي الأسترتيجي التعبوي سواء في وزارة الصحة وفي مجلس الوزراء أن يضعوا هذا الموضوع في أولويات جداول أعمالهم وهم يتسنمون مواقعهم الوظيفية حيث من العاجل جداً توفير مستلزمات أنقاذ الحياة ، وتوظيف العاطلين العراقيين ( المتدكسين ) وبأجور مغرية ومناسبة في الأعمال المختلفة للمراكز الجراحية الأنية والتي من الواجب أنشائها على عجل ، أضافة الى العمل على أستيراد أعداد مناسبة من سيارات الأسعاف المتطورة ومما لاشك فيه أيضاً توفير المعدات والمستلزمات الضرورية في مثل أجواء الحروب المجنونة المفروضة علينا وياليتنا أيضاً نستطيع تأمين حياة وسلامة جراحينا قبل أن يهاجروا جميعاً .

 

 

Counters