| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                                     الأثنين 19 / 8 / 2013



على المكشوف

أطباء خمس نجوم...!

د. سلام يوسف

ما يؤسف له وما يؤلم حينما تلمس الأتجار بمآسي الناس وويلاتهم، والأكثر أيلاماً حينما تأتي هذه الممارسات من أصحاب مهن كنهها الأنسانية والتفاعل الرحوم بين أطرافها وعيونهم جميعاً ترنو الى خدمة الأنسان لوحده والمجتمع ككل.
فمجرد زيارة بسيطة الى(الشوارع التجارية الطبية)نستطيع أن نتعرف على(السيرك) التجاري اليومي الذي يتعرض له المريض وهو لايألوا جهداً في دفع الأموال الطائلة من أجل أطفاء نار الألم! دون أن يلتفت جُباة هذه الأموال كيف وفرها المرضى.
ففوضى السوق وغياب مفاهيم حقوق المستهلك(وهي التعبير العملي لجزء يومي مهم من حقوق الأنسان)، وبسبب الفراغ الذي تركه غياب القانون ،كل هذه جعلت المواطن في مهب المضاربات التجارية، وهو أمر متوقع في ظل الأوضاع الأستثنائية التي نعيشها ،ولكن أن يتفنن أصحاب المهنة في أسلوب أبتزاز المريض فهذا ما يؤسف له، حيث حوّل العديد من الأطباء عياداتهم الى مجمّعات طبية(شخصية) إن صح التعبير،ففي نفس العيادة تجد جهاز تخطيط القلب والسونار والأيكو والتضميد والعلاج الطبيعي ومن ثم يتم توجيه المريض لأجراء التحليل في مختبر محدد وشراء الدواء من صيدلية بعينها، وبالتالي يخرج المريض من هذه (المحنة) بأكثر من داء بعد أن دخلها بشكوى واحدة؟
لقد تفنن بعض أختصاصيينا في تجارة الطب وللأسف الشديد وقد رفعوا من سقف كشفياتهم بحيث وصلت لدى بعضهم الى 75 ألف دينار، وربما كان لتدخل نقابة الأطباء الأثر السلبي في ذلك حينما حددت أجور الكشف في عيادات الأطباء الأختصاصيين كحد أعلى بـ(أربعين ألف دينار)، ولكن متى كان ذلك؟ حينما كانت كشفية أغلب الأطباء الأختصاصيين لاتجاوز ال(خمسة عشر ألفاً)، مما أسس لأنفلات غير مبرمج في أستهلاك المواطن وهذا ما أشرنا أليه قبل سنوات وقد حصل فعلاً!
وليس هذا فحسب فكل الأسباب والدوافع جعلت من الزملاء ممارسي هذه الألية يجتهدون في الدفاع عمّا أقدموا عليه في رفع أجور كشفياتهم حتى أعلى مما حددته النقابة، وذلك بالتبرير غير المنطقي وغير المقبول في مهنة الطب، ألاّ وهو :"اللي ماعنده ما يجينا ونحن ما نجبر أحد".
أن توجه المجتمع على هذا النحو في التمايز الطبقي سيجعل من السمة الأنسانية التي عرف بها الطب في العراق من مخلفات عهدٍ مضى! وهذا ما لا نرتضيه نحن الأطباء الذين أرتبط مصيرهم بمصير الشعب ولا نقبل أن نكون ضمن الأدوات التي تساهم في سحق الغالبية العظمى من المواطنين.
أرى أن العودة الى المزايا الوطنية التي عرف بها الطبيب العراقي وكذلك على نقابة الأطباء أن تكون نقابة تدافع عن الأطباء راعية لمصالح المرضى وأن تنسلخ عن مفهوم النقابة خارج الموضوع ،لهو الحل الأمثل لأبعاد ما يمكن أن يلحق بسمعة مهنة الطب الأنسانية.
في لقاءٍ جمعني مع عضو مجلس النواب طبيب وضمن لجنة الصحة البرلمانية ،قال :"علينا أن نرعى الأطباء ونصنفهم الى أنواع تبعاً لقدرة المريض المالية، فكما هناك فنادق خمسة نجوم فيجب أن يكون الأطباء كذلك"!!
ضربت كفاً بكف مستغرباً من منطق يحيل البشر الى عناوين جامدة لاروح فيها ولا عاطفة!

 

free web counter