| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

 

الأحد 17/6/ 2007

 

 


العمليات القيصرية بين القرار الصائب
والإستغلال الخائب


د. سلام يوسف

في السنوات القليلة الماضية كنا نسمع عن إجراء العمليات القيصرية لبعض النسوة اللاتي تعسرت الولادة الطبيعية لديهن،أو لأسباب مقرّة مسبقاً وحينها فالحامل المعنية تعرف كونها ستخضع لأجراء العملية القيصرية،وأسباب أجراء هذه العملية عديدة منها كبر حجم الجنين،تدهور حالة الأم الصحية،تدهور حالة الجنين،تشوهات خلقية في حوض الحامل..الخ،ويبدو أهم الأسباب هو كون الأم قد خضعت لعملية قيصرية سابقة، وهنا نحتاج الى الوقفة أزاء أزدياد عدد اللاتي أجريت لهن العملية القيصرية وخصوصاً من النساء اللاتي يحملن لأول مرة،وكما يطلق عليها بالعراقي (بِجِر). كما معروف علمياً إن الحامل وفي الأيام والساعات الأخيرة من حملها تعاني من آلام شديدة بفترات متناوبة ناتجة عن تقلصات الرحم وهذه الآلام تعرف بالـ(طلق)،وكما مؤشر علمياً إن السيدة التي تكون في حالة الوضع وخصوصاً الـ(بجر)، تعاني من نوبات الطلق لساعات تطول قد تمتد الى 24 ساعة شريطة أن تكون هي وجنينها بصحة جيدة وبالتالي فبالأمكان أن تلد ولادة طبيعية حتى ولو بأستعمال بعض المواد الطبية التي تساهم وتساعد وتسهل الولادة أضافة الى وجود الكادر المتفاني في عمله والأمين مع مرضاه وصاحب الضمير الحي الذي يوفر علمه وخبرته في خدمة الأنسان،ولكن الملفت للنظر هو الأزدياد المتسارع لأعداد اللاتي أجريت لهن العملية القيصرية وبالذات اللاتي يلدن للمرة الأولى وهذا يجعل أحتمالية الولادة الطبيعية في المرات القادمة ستكون ضعيفة جداً بل تزداد أرجحية كفة أجراء العملية القيصرية وتزداد معها كل المخاطر والمضاعفات التي تصاحب أي عملية كبرى خصوصاً وهنا الأهمية تكمن بالتعامل مع حديث الولادة الذي سيتعرض هو الأخر حتماً لكل المضاعفات المحتملة. إن كل الدلائل(وبالأرقام) تدل على زيادة كبيرة جداً بأعداد اللاتي تم (إقتحام) حياتهن الصحية عنوةً وبذلك تغير إتجاه مسار حياتهن وحياة عوائلهن بكل التبعات الأجتماعية والنفسية والصحية والمالية ، حيث تراجع هذه المسكينة أو تلك الى المستشفى(وبالذات المستشفيات الخاصة) كونها تأخذ بنصائح التوعية الصحية الحديثة والتي تنصح اللاتي على أبواب الولادة بمراجعة المستشفيات لضمان ولادة صحية صحيحة وتحت الأشراف الطبي المباشر،ولكن المأساة تحصل حينما تقرر الطبيبة المختصة أو الكادر الموجود في صالة الولادة بضرورة أجراء العملية القيصرية لهذه الأمرأة !!إن العشرات بل المئات من اللاتي تم أجراء العملية لهن يؤكدن على عدم أعطائهن الفترة الزمنية الكافية لمرحلة الطلق وإفساح المجال لحصول التوسع المطلوب لولادة الوليد.لقد ذكرت الشواهد على إن العديد من العاملات في صالات الولادة( بما فيهم الطبيبات طبعاً ) يعملون على الأيحاء الى الأم التي تريد أن تلد أو لذويها بأن لاسبيل أمامهم إلاّ بأجراء العملية القيصرية ( وإذا صار شي إنتو تتحملون النتائج !!!) إن القرار هنا قد تحول من قرار طبي علمي صحيح الى قرار تجاري ( تقفيصي ) خصوصاً إذا ما عرفنا إن الولادة الطبيعية تكلّف مبلغ يعدّ بسيط جداً قياساً لتكاليف العملية ، المهم جني أكبر كمية من أموال الناس وبالتالي زيادة خزين مداخيل كل العاملين في المستشفى أضافة الى زيادة أرباح المستشفى ذاتها.ليس لدينا أي إعتراض على زيادة الدخل أو الربح ولكن وكما يقولون ـ الربح الحلال ! ـ والمصيبة الكبرى إن الوليد كيفما يكون سبيل قدومه الى الحياة سواء بالولادة الطبيعية أو بالعملية القيصرية أو بأي وسيلة أخرى تجد أهله يدفعون ( الجزية ) لكافة المنتسبين وربما غير المنتسبين !
ببساطة شديدة إن الأعداد الكبيرة من العمليات القيصرية كان وراؤها إستغلال عدم دراية ومعرفة الناس ، إنه حقيقةً تلاعب بمقدرات الناس البسطاء .