| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. سلام يوسف

 

 

 

                                                                  السبت  11 / 10 / 2014



على المكشوف

شكد عيب ...!

د. سلام يوسف

انتعشت، بفضل السياسة التي أتبعتها القوى المتنفذة بعد زوال النظام الفاشي ،مهنة (دلالية الأدوية)، يقوم بأدائها مندوبو شركات أنتاج الأدوية ومكاتبها المتعددة ،فيقوم هؤلاء المندوبين بالترويج للبضاعة التي تنتجها تلك الشركات(وهو أسلوب سريع لتعريف الأطباء بالمنتجات الحديثة)، وكذلك فهو أمر طبيعي ضمن تنافس السوق الحر فلا ضوابط في هذا السوق سوى الجودة والتي تحكمها اختبارات التقييس والسيطرة النوعية وكذلك مراكز تحليل الأدوية والتي يُفترض أنها تابعة الى وزارة الصحة.

دلالو الأدوية في العهد الجديد (هذا)،أغلبهم من خريجي كليات علمية ،وهذه مأساة أخرى ،فبدلاً من أن يتم تعيينهم كلٍ حسب اختصاصه ،أصبحوا هم يعتمدون على أنفسهم وصاروا دلالاين وللأسف الشديد.

في السابق(قبل مرحلة الحروب الصدامية العبثية)، كان هناك مندوبون، وهم في الغالب ممن يمتهن الصيدلة مع مرورهم بدورة تدريبية خاصة، يحملون في حقائبهم عينات من تلك المنتجات ،فيعطوها للطبيب لغايتين ،الأولى ليتعرف على هذا المنتج فيضيف الى معلوماته شيئاً جديداً من خلال قراءة الدليل الذي يرفق مع تلك العينة بما تحتويه من معلومات علمية مهمة جداً ،الثانية لتكون العينة أمام عينيه فيتذكرها ،وبمرور الوقت يتعرف الطبيب على العيّنة ،فيبدأ بوصف الدواء الى مرضاه ،ويأمل أن تستجيب الحالة المرضية لذلك العلاج.

وكانت من (أخلاقيات المهنة) في ذلك الزمان أن يمنح الطبيب هذه العينات لمرضاه وخصوصاً المتعففين منهم أو لربما أن الدواء لم يتم توفيره بالأسواق المحلية بعد، وحقيقة ما زال بعض الزملاء يقومون بهذا الفعل الخيّر كجزء من بقاء القيم الإنسانية وحب الشعب والوطن، وكذلك إيماناً منهم ،أن مهنة الطب تختلف عن كل المهن الأخرى بخصوصيتها الإنسانية والروح التي تسري فيها.

بالمقابل(مع الأسف الشديد) وجراء التغير البنيوي (السلبي) في النفسية والشخصية العراقية التي نجح النظام الصدامي الدموي في تحقيقها ،فقد انحرفت (وهذا واقع) بوصلة مهنة الطب وروحها الإنسانية لدى شريحة واسعة من أطباء اليوم ،وزادت معالم التشويه أكثر بعد زوال ذلك النظام ومجئ البديل الذي لا ولم يكن يتمناه الشعب العراقي أن يكون بهذه الصيغة المحاصصاتية ـ الاستحواذية، وأصبحت هذه المهنة الجميلة ،أسلوب في الكسب والمتاجرة ،بضاعتها الإنسان وأمراضه!

وقد تعددت أوجه انحراف تلك البوصلة من التفاوت التصاعدي (الانفجاري) بالكشفيات وأسعار التحاليل والفحوصات ،الى الدخول في المستشفى الى السمسرة ..الخ

وأخيراً وهنا العجب العجاب حينما يقوم طبيب (أو تقوم طبيبة) ببيع عينات الأدوية التي تردهم عن طريق مندوبي الشركات المنتجة الى مرضاهم ،وهي عينات مجانية!!

علماً أن الشركات المنتجة أنجرّت وراء الرغبات (المنحرفة) في إلغاء عبارة (نموذج طبي/ ليس للبيع/ مجاناً) والتي كانت تثبتها على تلك العينات!! أملاً في أعطاء فسحة أكبر لهؤلاء (البعض) من الأطباء في مزاولة التجارة مع مرضاهم وللأسف الشديد.

إن هذا سلوك شائن، بعيد كل البعد عن أخلاقيات المهنة وضوابطها وسمح هذا السلوك بهبوط مستوى احترام الناس للمهنة وأصحابها، وأبسط توصيف لهذا السلوك هو كلمة : "عيب"..!






 

 

 

 

free web counter