| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سمير طبله

 

 

 

الثلاثاء 17/11/ 2009

 

برنامج "اتحاد الشعب" الانتخابي شامل وطموح

سمير طبلة

يمكن الجزم بأن ما من قوة سياسية عراقية قدمت برنامجاً شاملاً وطموحاً كالذي تقدمت به قائمة "اتحاد الشعب". وتناول أهدافاً سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وخدمية، أرّق، بل أفزع إن لم يكن أفجع، فشل تحقيق أغلبها المطلق، خلال السنوات العجاف الماضية، كل من يحمل ذرة غيرة على وطنه وشعبه. ومن شأن تطبيقه، او الشروع به المساهمة في "بناء الدولية المدنية، دولة المواطنة والمؤسسات" حسب مقدمته، وهو ما يحتاجه عراقنا اليوم تماماً.

فالاحتلال البغيض لم يسقط الدكتاتورية المقبورة حباً بسواد عيون العراقيين، او أية مزاعم أخرى، ثبت بالواقع زيفها وبطلانها بالكامل، وإنما لحساباته الخاصة. وأسقط معها الدولة، بكل مؤسساتها. ليشيع الفوضى العارمة، التي أسميت بـ "الخلاقة" في كذب مفضوح، دفعت ثمنه حياة مئات آلاف العراقيين وملايين المهجرين والمهاجرين والأرامل والثكالى والأيتام. وقائمة المناحة تشيب رأس المفطوم.
والمهم، اليوم، ان توقف كارثة البلد أو يحد من توسعها، على الأقل. وهذا ما سعى اليه برنامج القائمة الانتخابي بشرف ومسؤولية.

وبعيداً عن "الأعمال بالنيات"، فلنحتكم الى النتائج. ما الذي قدمته القوى الحاكمة (هل كانت هكذا فعلاً؟) استناداً لتصريحاتها وبرامجها المعلنة سابقاً، بعد ان ركبت موجة التشظي المفزع، التي شاعت بالبلد إبان حكم الدكتاتورية، وبعد قبرها، بل وحتى هذه الساعة؟ وبكل الأحوال لا يمكن اعفائها من مسؤولية تعميق هذا التشظي وتكريسه، بمختلف الوسائل، واغلبها غير نزيه، خدمة لمصالحها الخاصة.
وهل من تجني على أحد إقرار حقيقة ان نظام الطاغية كان سيئاً بكل المعايير، إلا ان من خلفه نقل البلد الى الأسوأ، بشهادة اية قراءة موضوعية، وغيرها دراسات عالمية محايدة؟ والأهم من هذا وذاك عمق معاناة المواطن اليومية، إن لم تكن فواجعه!
فالسنوات الماضية كانت قاسية جداً. وحان وقت التعلم منها. وأول دروسها ان العراق لكل عراقيّيه. ولصغيرهم ما لكبيرهم. وبالمقابل عليهم المثل. وأي اخلال بهذه الحقيقة، على تعقدها، لم، وقطعاً لن، يؤدي الى أفضل من النتائج المروعة الحالية.

وبهذا فلا خيار إلا بقبول الآخر المختلف جنساً او عرقاً أو ديناً أو طائفة أو انتماءً أو فكراً، ومشاركته العيش بالسراء والضراء، على ضوابط يحدّدها القانون والمصالح المشتركة والقيم الانسانية السامية. وما أعمق حكمة "إن لم يكن اخوك بالدين فبالخلق" هنا. وكان اعتماد "الكفاءة والوطنية والنزاهة" في البرنامج شرطاً "لادارة شؤون الدولة" مصيباً كأغلب فقراته الأخرى.

إلا ان الغريب ان ترد عبارة "مكونات الشعب العراقي" في مقدمة البرنامج المليء بالاجمال مسؤولية واخلاصاً للعراق وأهله. ربما تأثراً بأجواء التشظي السائدة، التي كرّسها الاسراف، بقصد، على تكرّار "مكونات" الشعب، لتنتج عملياً التقسيم الثلاثي البائس. ولربما كانت عبارة "أبناء الشعب العراقي وبناته" أكثر دقة، انسجاماً مع التسمية السامية "اتحاد الشعب".

فبوحدة الشعب، كل الشعب، المتساوي بالحقوق وبالواجبات، بنيت بلدان متطورة. ولم تثبت تجربة واحدة في العالم ان شعباً تقدم بتفضيل قسم منه، مهما كثر، على قسم آخر. بل ان التاريخ ألقى بمزبلته من طبق زعم أفضلية انسان على آخر، وهو الأكرم عند الله. وهنا تكمن مسؤولية برنامج القائمة واخلاصه.

وإذ يقيّم برنامج القائمة بأهدافه النبيلة، فطموحه المشرف لـ "بناء دولة المواطنة والمؤسسات في ظل عراق ديمقراطي دستوري فدرالي موحد كامل السيادة" يستوجب التدقيق، لتقديم الأهم قبل المهم. فلن يتحقق عراق، دع عنك " ديمقراطي دستوري... الخ" قبل، أو على الأقل سوية بتحقق الأمن. وهو المهمة الأولى على الاطلاق، التي أشارت لها بصواب الفقرة الأولى من "الأهداف السياسية". وللأسف جاء تسلسها بعد "أهداف لرفع المستوى المعيشي والخدمي"، حسب البرنامج. فمن الصعب تحقيق الأخيرة قبل الشروع بتحقيق "الأهداف السياسية" وإن تلازمت وتشابكت جميع الأهداف، وأثرت ببعضها سلباً ام ايجاباً. ولكن الأمن، والأمن، ثم الأمن تبقى المهمة الأراس. ولا حاجة للخلاف نقاشاً بأن الانسان وحياته أثمن رأس مال على الاطلاق، وهو الغاية والوسيلة في آن واحد.
ويصح تقديم "كامل السيادة" أيضاً بعد الأمن، وبالتأكيد قبل "ديمقراطي دستوري..."، خصوصاً وأن قوى القائمة أدركت، قبل غيرها، مسؤولية المحتمل، العلني والمستّتر منه، لما آلت اليه أوضاع البلد المأساوية.

ويوضع هنا مقترح تعديل هدف القائمة أمام قواها السياسية الى "بناء عراق آمن حر كامل السيادة ديمقراطي فدرالي موحد"، ومقترح آخر بسعي القائمة لاصدار قانون "من أين لك هذا؟"، بعد اكبر عملية سرقة في التاريخ تعرض لها العراق. ومقترح ثالث بحماية الطفولة، فهم رجال المستقبل وبناته. فعسى ان يقرب إقرار هذه المقترحات القائمة أكثر للناس، ويعبر عن طموحاتها العادلة.

فمبارك اتحادك يا شعب!
والنصر للعراق ولأهله، كل أهله الطيبين!
 


لندن في 17/11/2009


 

free web counter