| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سناء صالح

 

 

 

 

الثلاثاء 8 / 5 / 2007

 


 

خواطر وتداعيات على هامش ( مدن مكفنة )


سناء صالح / هولندا

حفزني ما كتبه الأستاذ عبد المنعم الأعسم في (مدن مكفنة ) عن التدخل والفرض المتبع من قبل التكفيريين والمدعين والمتاجرين بالدين من شتى المذاهب . بأجبار النساء على التحجب بمختلف أنواعه ومن خلال الحجاب نتعرف على الهوية الطائفية لفارضه , فمن الجبة والنقاب الى التحنك والتبوش ,المهم أنه يقدم المرأة بشكل بقعة سوداء متحركة أوساكنة . جرني متابعة الموضوع الى استحضار نماذج وصور عن المرأة ونوعية الكفن إذ ليس بالضرورة أن يكون أسودا فقد يكون زاهي اللون مطرزا بخيوط ذهبية وبماس بما يبهر النظر, ولكنه في واقعه كفن يقيد المرأة ويعيق حركتها وتوقها الى أثبات الذات .

لم أكن متحفزة للكتابة عن هذه الظاهرة ( الحجاب ) باعتباره مسألة شخصيّة ومن حق المرأة أن تتزيى بماتراه مناسبا فلا ألوم المحجبة كما لاألوم المتبرجة فالحق محفوظ لكلتيهما مادامت هي رغبة شخصية محضة بدون مؤثر خارجي . لكن ماطرحه الأستاذ الكبير الأعسم فهو شديد الخطورة يتعلق بمصادرة الحريات, دفعني الى أن أرفض هذا التدخل السافر في حياة الناس ورسم زي موحد للنساء في بلد عرف النور مبكرا وبرزت فيه نساء يشار اليهن بالبنان في رفع راية المساواة .

في هذا السياق أتذكر موقفا مناقضا لما هو عليه اليوم وقد وقفت ضده , حينما كنت مدرّسة في ثانوية المعقل للبنات في مدينة البصرة وبالتحديد عام 1977 حينما بدأ النظام حملته الشرسة ضد القوى السياسية من علمانيين وأسلاميين , تم فرض خلع الحجاب على الطالبات اللواتي كن يقدمن الى المدرسة محجبات حيث كانت مديرة المدرسة آنذاك وهي من المتقدمات في الهيكل الحزبي للمحافظة ,تزيل الحجاب من رؤوسهن بطريقة استفزازية وتطردهن من المدرسة الاّ إذا جئن بدون الأيشارب , يومها سخطت على فعلتها رغم كوني معروفة باتجاهي السياسي في المدرسة ومن المغضوب عليهم حسب المعايير السائدة آنذاك , اليوم الصورة تنقلب وهاهو نفس الأسلوب القمعي يعود من جديد . وبموضوعي سوف لاأتناول مايفعله التكفيريون والعصابات التي تتحرك تحت شعارات الدين لأنهم ببساطة خارجون عن القانون ملاحقون يريدون بأفعالهم هذه بث الرعب والهلع في نفوس الأبرياء ولايمثلون سلطة رسمية ,وما يمارسونه إنما هو طاريء سيزول بزوالهم وحينما تطهّر أرض العراق من جيفهم وعفنهم المفخخ ستعود الأمور الى نصابها ولو بعد حين . الاّ أن الخطر الحقيقي من فرض الأكفان على العراقيات ومنذ الطفولة من أناس نأتمنهم على عقولنا وعلى أنفسنا , بعض وسائل الأعلام والوعاظ الذين يقدمون النصائح المدسوسة بوصايا ملفقة عن شخصية دينية لها باعها أو تفسير مأخوذ من أحد المفسرين غير الثقاة ليدمروا عقليات بسيطة تأخذها كما هي وتفرضها على من يقع تحت وصايتها من آباء وأمهات وأولي الأمر, خوفي أن تدخل ضمن تربية الأسرة لبناتها وأبنائها بحيث ستبقى هذه الأفكار تدور في الجتمع لافكاك منها ولاخلاص ..
أخاف من مؤسسات تضع الحجاب شرطا وظيفيا لطالبات الوظائف متقدما شروط الكفاءة والخبرة والميزات الشخصية !!

خوفي من المدرسة ومن المنهاج المدرسي ومن طريقة إعداد المعلمين ولنا في سياسة النظام السابق في هذاالميدان تجارب مرّة , يقلقني وأنا أتابع فتيات لم يتجاوزن السادسة من أعمارهن وفي الصفوف الأولى من المرحلة الأبتدائية وهن جالسات على الطاولات بأغطية الرأس إذ قلما يواجهك منظر لفتيات صغيرات حاسرات الرأس , تدفعك الى المقارنة ترجعك الى سنين خوالي للأسف نعتبرها اليوم عصرا ذهبيا رغم أننا آنذاك كنا نرى فيه واقعا متخلفا نروم تغييره وطموحا كبيراكان يراود أفكارنا يومها كنا في المدرسة الأبتدائية والحديث عن خمسينيات القرن الماضي , في رواحنا ومجيئنا الى المدرسة بملابس نظيفة مرتبة- رغم فقرنا - وشعور تفننت أمهاتنا بأبراز جماله بشرائط بيضاء تبرهن على حذقهن ومهارتهن ونظافتهن ومدى أهتمامهن . بصراحة أنا خوفي عظيم من المؤسسة التربوية إذا ماتبنت مفاهيم تسيء الى آدمية المرأة وتقلل من أهميّة دورها تكرّسه في عقول أجيالنا التي تعيش أياما مظلمة بالمعنى الحرفي والبلاغي من أن بنات حواء إنما هن عورات وهذة العورة ينبغي أن تغطّى من المهد الى اللحد وبكفن قد يبتدعه من يريد فرض الحجاب بحجة الدفاع عن الفضيلة ومحاربة الرذيلة ولاغرابة إذا استمر الوضع على ماهو عليه أن يفتي أحدهم في أن يكون كفن الأنثى في حالة وفاتها أسود تمييزا لها عن الرجل !!!