| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سناء صالح

 

 

 

 

الجمعة 27 / 7 / 2007

 

 
 

عناوين متفرقة يجمعها هم الوطن
1


سناء صالح / هولندا

الكتل السياسية المتنفذة واللعب بمصير الوطن
إنّ ما يجري اليوم بين الكتل السياسية المتنفذة من شد وجذب ودخول وخروج, وملاحقة أحدهما الآخر, في سبيل تحقيق مكاسب, دون حساب للوقت الضائع الذي تسيل أثناءه دماء زكية طاهرة تسفك يوميا ووطن تهدر كرامته وثرواته.
يذكرني هذا الأختفاء والظهور للشخصيات والأحزاب والكتل والتسابق بينها بهدف إمساك طرف بآخر و إثبات إنتصاره, وتحقيق أقصى المكاسب بالمساومة بلعبة شعبية هي لعبة الختيلة أو الضمّيمة التي طالما لعبناها في طفولتنا في العراق كما يلعبها الأطفال في البلدان العربية بمسميات مختلفة وربما يلعبها الأطفال في مختلف أنحاء العالم.

حتّى أوصل فكرتي, وأنشط الذا كرة عن هذه اللعبة التي هي من الألعاب التي تنتشر في الأحياء القديمة في بلادنا كوسيلة من وسائل اللهو البريء , وقضاء أوقات الفراغ, هذه اللعبة حرم منها أطفالنا من يوم ما زرع الدكتاتور الفرقة وعدم الثقة بين أبناء الشعب العراقي, خدمة لأهدافه, لتضاف اليها اليوم أسباب أخرى تمنع الطفل من اللهو المجاني كانعدام الأمن والتشرد والتهجيروالخرائب في كل مكان التي لم تترك مكانا يتخفى به اللاعبون أضف الى العقلية السقيمة في فصل الذكور عن الأناث وتحريم اللعب بين الجنسين , وفق فتاوى مبتكرة من بنات أفكار و عقول حجرية مريضة.

وبما أن هذه اللعبة معروفة و قادة الكتل السياسية التي تمتلك القدرة على البت في القضايا المصيرية , لابد وأن لعبوها, و استمرؤا اللعبة وحنّوا الى طفولتهم, وهاهم يلعبونها يوميا حسب مانراه ونسمعه باستمرارمن خروج الكتلة أو التيار أو الجبهة من العملية السياسية وتعليق العضوية لأي سبب مهما كان تافها فهذا يريد اليوم إعمار المساجد ,وإلاّ ! ثمّ بعود ولاتدري لماذا, الآخر يريد أن يبقي المشهداني أو يبريء وزيره ويوما آخر يطالعك وجه أحد النواب ليعلن انضمامه الى المقاومة ثم يتراجع , والسيد مقتدى الصدر يختفي ويظهر, وهكذا نبقى مشدودين هذا رايح وذاك راجع ولاندري ماالنتيجة وماذا سيحصل , والى من سيكون قصب السبق , ثم يعودون, بعد مشاورات ومحادثات وجلسات على موائد عامرة بما لذ وطاب, وبعد جولات الى الهند والصين والواق واق , وفي نهاية المطاف يظهرون على الشاشة حلوين حبابين بريئين مبتسمين لبعض يتبادلون أحدث النكات , وعبارات الأطراء, لم يفكروا ولو للحظة واحدة أنهم إنما يجرّون الخراب والدمار , فكم من شهيد سقط بسبب الرعاش أو المعتوه أو اللص !! هل يستحق سقط المتاع والدخلاء على الملل والسياسة أن تنزف نقطة دم واحدة في سبيلهم , هاهم في سعارهم ونهمهم يأكلون بعضهم بعضا, دون أن يتحرك وازع من ضمائرهم أو تسيل دمعة منهم أو أن يطرقوا خجلا. والى أن تنتهي اللعبة يكون قد فات الأوان, وسيقفون على بقايا وركام من الأشلاء إسمه العراق .

متى نتخلص من عقدة الخوف ومحاباة المسؤول
لقد غرس النظام البائد في قلوب الناس الخوف من المسؤولين في الدولة , إبتداء من البعثي في أسفل السلم وحتى القيادة القطرية , ومن الشرطة والأمن الى مكتب المعلمين والنقابات واتحاد النساء والأتحاد الوطني لطلبة العراق ومؤسسات وأشخاص تناموا كالطحالب فتسلقوا ولعب النظام ومؤسساته التي استند عليها أدوارا في زرع الرهبة والفزع في قلوب الكثيرين ممن يريدون أن يمارسوا حياتهم بعيدا عن المتاعب ووجع الرأس , وهذا حق مشروع لكل إنسان , ولكن في أحيان كثيرة تحول هذا الخوف الى مرض مزمن إستقر في أعماق البعض منّا وبقي يطارده .أينما حلّ حتى بعد زوال أسبابه بسقوط الصنم ومؤسساته القمعية وبعد مضيّ أربع سنوات على قيام حكومة وطنية وصلت بقوة الأقتراع.
في وطن توالدت وتكاثرت فيه القيادات والأحزاب والمؤسسات , فأصبحت أكثر من الهم على القلب فبسبب أن الظروف الموجبة للخوف قد بقيت على الرغم من الدعايات والشعارات البراقة بالديمقراطية وحقوق المواطن , لا بل تفرعت الأجهزة المخيفة التي تبث الرعب والفزع في قلوب الناس الذين يبحثون عن الأمان , فالمليشيات ومؤسسات الحماية الشخصية تبث مجسّاتها , والمسؤولون وأبناؤهم وعوائلهم ينبغي أن يحسب لهم ألف حساب يتوجون قادة يخلفون أباءهم فيمنحون مواقع ليسوا أهلا لها , مازالت الهتافات بحياة فلان وفلتان تصمّ الآذان ومازال المثل الذي يقول ( إذا صار حاجتك عند الكلب سميه حجي ) و (الأيد الما تلاويها بوسها ), ( والياخذ أمي أسميه عمّي) وغيرها من الأمثال التي تربي على الخضوع والخنوع مازالت سارية المفعول.

ولم تقتصر هذه الآفة على البسطاء من الناس بل تشمل أناسا يحملون شهادات علمية وكفاءات , فهم ليسوا مضطرين الى بوس الأيادي سوى أنهم يريدون الوصول الى منصب أو مكانة أو مركز إجتماعي وبتمحكهم بهذا المسؤول وبذل ماء الوجه له وكيل المديح والسكوت والتغاضي عن مساوئه وتسويد الصفحات كتابة بمعلقات لاترقى اليها أشعار الطيب الذكر زهير بن أبي سلمى أو مدائح المتنبي في سيف الدولة . فالأرعن حكيم زمانه , واللص شريف , والذيل التابع الجبان إنما هو عنترة العبسي .
إنّ هذه الظاهرة لاتنحصر بفئة أو كتلة أو حزب أو تجمع , فهناك المصفقون في كل مجال , والطامحون في كل مركز , المحركون رؤوسهم بطريقة موافج على طول الخط خوفا على مواقع منحوها أو مكاسب مهما كانت حصلوا عليها, بسبب سكوتهم وتزلفهم . كل ذلك سيؤخر نهوضنا ويطيل ليل تخلفنا وسيتراكم عجزنا , وستتربى أجيالنا التي نعقد الآمال عليها على الأنتهازية والوصولية , آخذين بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة وسنعود الى نقطة البداية, بأن نعيد دكتاتورا ومتسلطا صنعناه بأنفسنا وثبّتنا في دواخله بأنه الفلتة المعصوم مادمنا نخفي أخطاءه ولم ننبه على هناته وزلاّته وحينذاك نعود نعض على أصابعنا ندما ونبدأ نقاوم من جديد ونتذكر الحكمة التي كانت جداتنا ترويها لنا حينما نعنف ( إمش ورا اللي يبجيك ولاتمشي ورا اليضحكك فهو يقشمرك ) ويقشمر في العراقية يخدعك .

بسمة على ثغر العراق الدامي :
لم تكن كرة القدم تستهويني أو تعنيني , من يفوز ومن يخسر , وكنت في أيام المباريات الدولية أحمل الهم لأن التلفزيون سيكون طوال اليوم موجها على القنوات المتخصصة وهذا يمنعني من متابعة الأخبار والمسلسلات والبرامج التي أفضلها والأغاني , ولكنني لست كما يرى حجة الأسلام مقتدى الصدر بتحريمه للطوبة (بضم الطاء ) ودعوته لتعلم ركوب الجمال والخيل والمبارزة والسباحة وكأنما يريد التهيئة لحرب كربلاء أخرى مستعينا بمثل وقدوة وهي إسرائيل التي ليس لديها فريق كرة قدم وأنا لاأدري صحة ما قاله رجل الدين الشاب ( العهدة على الفضائيات ) لأنني غير مهتمة بكرة القدم وفرقها.

لم أتابع اللعبة ولكن قلبي كان مشدودا الى الوجوه السمراء التي لوحتها شمس العراق التي أعشقها والى أقدامهم التي جلبت الفرحة الى قلوب العراقيين الضامئة الى بارقة أمل والى خبر سار يقترن باسم العراق الذي طالما إقترن بمفردات الحرب , الدمار, والموت , والخراب, والقتل, والتفخيخ , والفساد وغيرها من أنباء السوء التي تصك مسامعنا بشكل يومي .

أصدقكم القول أن فرحتي لم تكن للفريق الذي حقق أهدافا بل دموع الفرح والمشاعر المتناقضة التي إعترتني لحظتها بل كانت على فرحة أحبابنا أطفال العراق الذين خرجوا بفانيلانهم وبصدورهم العارية راقصين , وأهالينا اللاجئين وقد تناسوا همومهم الكبيرة ليثبتوا حبهم لوطن غادروه مكرهين.

لقد كانت تعابير الفرح على الوجوه العراقية المتعبة أمام شاشات العالم إثباتا ودليلا ورسالة على أن العراقي إنسان يحب النجاح والفرح ويسعى اليه حتى وان كانت أهدافا كروية, ويؤكد من جهة أخرى فشل كل المحاولات التي أرادت وضع أبناء الرافدين في قوالب أكل الدهر عليها وشرب .

أمّا أنا فقد كانت فرحتي عظيمة حينما قرأت أسفل الشاشة تهاني بعض السادة الوزراء من الوزارات السيادية ورؤساء الكتل النيابية والمسؤولين ممن لايعرف عن اهتمامهم من قريب أو بعيد بالرياضة , أو تحلّيهم بالروح الرياضية , فرحت عسى ولعل أن يبادر السيد الوزير بأن يأمر ببناء ملاعب لكرة القدم في الأحياء بدلا من الحطام المتبقي من العبوات والمفخخات, ومن يدري فقد تفتح آفاق جديدة للمصالحة بطرق مبتكرة وعلى طريقة كرة القدم فيتشكل فريقان من الخصوم من الأئتلاف الموحد وجبهة التوافق أما الحكم فسيكون حتما التحالف الكردستاني , وحينها قد يتحقق حلمنا في مصالحة وطنية قد عجزت المباحثات والوفود والجيوش من تحقيقها.

بطاقة حب الى أسود الرافدين, كل الحب والأعتزاز لشعبنا العراقي الذي أثبت أن الحياة مستمرة وأن القلب قادر على الفرح مهما كانت الظروف.