| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سناء صالح

 

 

 

 

الثلاثاء 22 / 5 / 2007

 

 

حكايات عن وطن مهموم
 

 سناء صالح /هولندا

في الأحوال العادية حينما يتحدث الناس الذين يقطنون بلادا أنعم عليها الله بالأستقرار تليفونيا مع ذويهم يتبادلون السؤال عن الصحة والأحوال والأخبار السعيدة فهذا خلّف وذاك نجح والثالث تزوج وأحيانا يصل الأمر بين الأم وأبنتها ممن لايهمهن فاتورة التلفون الى أن يتبادلن وصفات الطبخات التي تعج بها البرامج التلفزيونية , أمّا نحن - العراقيين – فحكاياتنا وأحاديثنا مع أحبابنا وذوينا تنحصر في محاور محددة , تعالوا معي أنقل نماذج من هذه الحوارات التي تفعل فعلها العكسي تزيد همومنا وترفع درجة كآبتنا وتزيدنا قلقا .

في أحاديثي الأسبوعية مع الأهل وفي حوار معهم ووجهت بأسئلة كمن يتعرض للغرق ويريد يدا تنتشله , يريد ون إجابات قد تريحهم وتخفف من حيرتهم , كيف ترون الأوضاع ؟ هل هناك ملامح للأنفراج ؟ إن كان إيجابا فمتى تتوقعون ؟ هل سيحصل تغيير ما ؟ ومن الذي سيغيّر ؟ ما رأي العالم بمشكلتنا ؟ أسئلة وأسئلة تتكرر ربما يعتقدون ونحن نعيش قياسا اليهم في رخاء وصفاء لذا فنحن نستطيع أن نرى مالم يستطيعوا أن يروه وهم في دوامة الموت والعنف . أواجه أسئلتهم بأسئلة علّنا نصل سويا الى تحليل مايحصل والام ! وحتّام !!
ما أخبار الخطة الأمنية في مدينتكم بعيدا عن تصريحات العميد فلان واللواء فلتان ؟ هل إختفت ظاهرة الجثث المجهولة الهوية الملقاة على قارعة الطريق !! هل انتظم الطلبة في دوامهم !! لديكم كهرباء !! هل عيّن أبن أخي رغم مرور أكثر من خمس سنين على تخرجه !! هل استطعتم أن تتزاوروا دون خوف ودون حاجة الى حمل هويات بأسماء تخفي هويتكم !! هل توقف السادة المعنيون بالعملية السياسية من شتم بعضهم البعض بالسر والعلن ! هل تمكنتم من إنجاز معاملة دون رشوة !
الطرف الآخر من الخط : قبل أيام تعرضت للخطف , أحد الأصدقاء خطف أستخدم كأداة تفخيخ تشظى جسده قرب مفرزة . رائحة الموت والدم والدخان تملأ الأفق , عصابات مايسمون بالمجاهدين والمليشيات تتبادل الغنائم التي هي أرواح حرّم الله قتلها , فبالله عليكم أين هي الخطة االأمنيّة !! ربما تكون في جزء آخر من الكون , أبناؤنا لم ينتظموا في الدوام , الكهرباء لم نرها إلاّ ساعة في اليوم , أمّا أبن أخيك فما زال ينتظر وقد انضم الى التسعة ملايين عراقي ممن هم دون مستوى خط الفقر , لوننا ترابي يحاكي وجوه الأموات الذن تزدحم بهم مقابرنا , مجرمون نصبوا أنفسهم حماة للفضيلة يقتلون الصبايا بحجة الذود عن الشرف , أما نساؤنا فلا حق لهن إلاّ بمحرم يرافقهن فهن ناقصات عقل !! سؤالك عن العملية السياسية وعلاقة أطرافها ببعضهم, - وهنا تغيرت النبرة -, أبشري يا أخت فهم على مايرام ألم تري على الشاشات جميع الأطراف , حضرا وبدوا أفندية ومعممين بأنواع الموديلات من أسود وأبيض , متفائلين وهم يشاطرون أحد زملائهم الحزن أليس هذا دليل ساطع على أن العملية بخير والى أمام وهربجي !! ألم يسرك منظر السيد رئيس مجلس النواب وهو يقهقه فرحا لما حققه هو وزملاءه من انتصارات , وعلى عناد المعتصمين بين الأمامين في كربلاء . وهنا أدركت أن المكالمة ينبغي أن تنتهي حينما نصل الى الكلام غير المباح , أغلقنا هواتفنا على أمل أن نجد في مكالمات قادمة إجابة لأسئلة تبقى تدور تحيرنا وتطير النوم من أعيننا فنهرب الى أحلام يقظتنا نطرز حكاياتنا عن وطن باللون الوردي وعبق الرازقي يفوح من حدائق بيوت وشوارع بديلا عن رائحة الموت والدخان وموسيقى للفرح عوضا عن هدير مجنزرات تهدم شوارعنا ,وترعب أبناؤنا , وعشاق يتهادون دون خوف أو وجل , يقتحم حلمنا خبر عاجل عن تفجير !وتهديد بانسحاب كتلة أو تيار !! ورحلة ماجلانية للسادة المسؤولين!! ويعود الهم يغلف قلوبنا وما يزال ...