| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سناء صالح

 

 

 

 

الخميس 21 / 6 / 2007

 

 


هل الحقوق تحتاج الى مناشدة !!


سناء صالح /هولندا

ملاحظة قبل الدخول في الموضوع :
كنت قد كتبت الموضوع قبل أيام منذ أن أعلن عن مرض الشاعرة الكبيرة والنداءات الموجهة من بعض العراقيين المقيمين في مصرولم أتمكن من أرساله , وبما أن الموضوع قائم وحيوي ويتعلق بالمثقفين والمبدعين الذييموت بعضهم صمتا دون أذن صاغية أو لمسة حنان وبالأمس توفيت الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة باقة ورد على قبرها من طالبة لها عرفانا بالجميل .

قبل أيام طالعت في الصحف الألكترونية خبرا مفاده أن مجموعة من العراقيين المقيمين في جمهورية مصر العربية يطالبون الحكومة العراقية بتكفل علاج الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة , أخذني الخبر الى أروقة كلية التربية في نهاية الستينات حيث كانت الأديبة تمارس عملها كأستاذة للنقد للصفوف النهائية في قسم اللغة العربية , يوم سمعت بأسمها وأنها ستحاضر لدينا ولم أكن قد رأيتها انتابني فرح غامر بأن دفعتنا كانت محظوظة بالأساتذة الكبار وستكون نازك الى جانب عاتكة الخزرجي وبهيجة الحسني وزكية فتوحي وغيرها من خيرة الأساتذة الى جانب الأساتذة الكبار وسننهل من العلم والنبع الصافي ,في أول حصة لنا تبددت الرهبة من قلبي في أن أقف أمام رائدة في الشعر الحديث , كم كانت بسيطة في ملبسها تقف على النقيض من أناقة و شياكة عاتكة الخزرجي كما كانت متواضعة رغم كونها سليلة عائلة عريقة معروفة ورغم أهميتها في مجال الشعر كونها تتقاسم الريادة مع الشاعر الكبير السياب , يجمعني بها موقف أثبت أنسانيتها وحبها لطلبتها واهتمامها بهم , كنت يومها مريضة بالأنفلونزا ولكنني لم أرد أن تفوتني المحاضرة في النقد وقد تحاملت على نفسي ودخلت القاعة وفي منتصف المحاضرة أغمي علي فما كان منها إلاّ أن اصطحبتني بسيارتها الى المستشفى وعادت بي الى القسم الداخلي وقد قطعت المحاضرة , نموذج للتواضع والأنسانية والعلاقة بين الطالب والأستاذ .

اليوم ترقد السيدة التي أغنت المكتبة العربية بمؤلفاتها وتخرج على يديها أعدادا هائلة من الطلبة , وكانت أشعارها عناوين لأطروحات طلبة الماجستير والدكتوراه في إحدى المستشفيات غريبة عن وطنها لاتملك ثمن علاجها والملايين من مختلف العملات تذهب هنا وهناك تدور وتتنامى بشكل طفيلي بين الفاسدين وتجار الحروب .
قبل بضعة أسابيع ظهر وجه الرياضي الكبير عمو بابا من خلال إحدى شاشات التلفزيون , كان الهم والألم واضحا على وجهه الذي يفيض بهيبة الشيوخ , كان ألمه في إساءة معاملته حينما أراد استخراج فيزا الى إحدى الدجول التي تسمى صديقة للعراق اليوم , وهو الذي تردد عليها أيام كان نجما لامعا في الملاعب ولم يكن وقتها بحاجة , وهو من ساهم في خاق أجيال من الرياضيين اللامعين ورفع اسم العراق في ميدان الكرة عاليا ,
الأمثلة كثيرة وهي غيض من فيض فما أشرت اليه من نماذج لم تكن الأولى وسوف لاتكون الأخيرة فقد سبق ان قرأنا مناشدات كثيرة وسمعنا عن نجوم في العلم والأدب قد قضوا دون أن يلتفت الى حالهم أحد من أولي الأمر .

ان استجابة المسؤولين للمناشدة إنما تعطينا إحساسا بالفضل للشخصية المسؤولة ودين في عنق من تمت المناشدة من أجله , يعيدنا الى عصور الخلفاء الذين بيدهم مفاتيح بيوت المال يغدقونها على من يعجبهم ويمنعونها عن من لايعجبهم أي على طريقة ماكنا نقرأه في التاريخ العربي والأسلامي عن( البطر انين ) من الحكام وأولي الأمر ( قهقه ثم استلقى على قفاه وقال أعطوه كيسا من الذهب أو ألف دينار وهي نفس طريقة المقبور صدام واستشهد من قراءتي ومتابعتي أخبار أحد الأدباء المعروفين الذي كان يعاني من أزمة صحية وكيف تنادينا كعراقيين عن الوسيلة التي نتوصل اليها لمساعدته وإنقاذ حياته لولا أن المسؤول الكبير قد أمر بعلاج الأديب على حسابه الخاص وعلى حد علمي أن المسؤول هذا كان حاله كحالنا لسنوات طويلة يحمل صفة لاجيء قبل أن يمن الله عليه بالمنصب السيادي الرفيع ( إنّ الكريم إذا وهب لاتسألن عن السبب ) .

ان من أبسط حقوق المواطن كما أكدت عليه لائحة حقوق الأنسان أن تحفظ كرامته وأن يكون على الدولة حمايته ورعايته هذا بالنسبة للمواطن العادي أما الرموز الحقيقية لشعبنا وبناة حضارته وتاريخه الحديث من مختلف الأختصاصات والمجالات ففي رقابنا لهم ديون كبيرة ينبغي تسديدها وأولها صيانة كرامتهم وتجنيبهم مذلة العوز والسؤال فما يقدم لهم انما هو سداد لدين واعتراف بمكانتهم وهم المتفضلون .
ان انتظار ساعة رحيلهم ومن ثم سيكون ذرف الدموع عليهم وتفصيل مناقبهم ومآثرهم والتسابق في رثائهم ولفهم بالعلم ومواراتهم الثرى وبعد ذلك نسيانهم وكأنهم لم يكونوا سيكونون قد رحلوا عن عالمنا وفي قلوبهم غصة وحرقة على أهل قابلوا جهدهم الذي بذلوه وانتصاراتهم التي حققوها بالجحود ونكران الذات .

قد ينبري ويتنافس الكبار من المسؤولين كعادتهم وفي لحظة أريحية يأمرون بعلاج شاعرتنا الكبيرة , أو يتدخلون في منح عمو بابا فيزا للعلاج ل(قد تناولت الصحفوأذاعت خبر باقات الورود والبرقيات من قبل الرئيسين ) ولكن هل هذا هو الحل ؟ لنفترض أن لاأحد قد وجه نداء ولم يلتفت الى حال الشاعرة وإذا مرض الفنان الفلاني أو المؤرخ العلاني من دون أن تلفت الأنتباه لأنقاذهم ,أولئك المبدعون ممن صرف النظر عن الدينار والدولار ,واكتفوا بأبداعهم من سينفق عليهم في حالة العجز والمرض هل سنسعى الى الزعماء من جديد !! هل الحلول تبقى بيد أفراد والخزائن تفتح وتغلق بكلمة سحرية منهم ؟

الحلول ينبغي أن تكون جذرية وفي تطبيق القوانين ومنها يعرف المواطن حقوقه وواجباته , أن يتدارس مجلس النواب المنتخب الموقر ويضع النقاط على الحروف ! ان تتبنى وزارة حقوق الأنسان ومنظماته فتطالب بحفوق المواطنين , أن تتولى النقابات والمؤسسات ذات الشأن وضع ضوابط لحمايتهم في حالة العجز والعوق والمرض .

ان أعلام الفكر والفن والثقافة والرياضة في بلدان أخرى لهم امتيازات مادية ومعنوية يعيشون في رفاهية ويقدرون وتسمى جوائز بأسمائهم ونحن لانطلب اليوم هذا باعتباره رفاهية وبطرا في ظل الظروف التي لانعلم متى تنتهي وتفك الطلاسم جميعا , إنّما نطلب حقا لابد أن يعطى وهو تكفل الدولة برعاية مواطنيها أينما كانوا ..