| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سناء صالح

 

 

 

 

الأثنين 19 /2/ 2007

 

 

ظواهر سلبية ينبغي الوقوف عندها

 

سناء صالح /هولندا

لقد حاول النظام السابق مسخ الشخصية العراقية وطمر معالمها المميّزة من الشعور بالأعتزاز والثقة بالنفس ,مستخدما كل الوسائل والأساليب, محاولة منه ترويض وتدجين العراقيين وجعلهم أداة طيّعة يستخدمهم لتنفيذ خططه دون مناقشة أو اعتراض ومن ضمن أساليبه التي اتبعها أسلوب الجزرة والعصا ,واستخدام موقعه في السلطة لأجبار الناس على عمل شيء لم يرغبوا به لو خيّروا ,وكلنا يتذكر التظاهرات والمسيرات المليونية في مختلف المناسبات التي كان النظام يبتدعها حتى يرضي نزعاته المريضة وحبّه للتسلط برؤية المواطنين في عز البرد أو القيظ أصواتهم مبحوحة من شدة الهتافات لقائد مختل جعل اسمه بديلا عن وطن بأكمله وطن يحمل عبق التاريخ والحضارات ,وطن يسمو بأبناء افتدوه بأرواحهم وعصارة أفكارهم ولم يعد هذا الوطن يذكر كما كان يردد اسمه الآلاف من المتظاهرين أ بّان عهد نوري السعيد أو أثناء ثورة تموز , في بداية حكم البعث بعد انقلاب 1968 كان الهتاف للحزب الواحد ثم انحسر تدريجيا الى تأليه الفرد وخلع جميع الصفات القدسية عليه ولكل مرحلة أومناسبة صفةلابد أن تنسجم مع الهدف من الفعالية فمرة الضرورة وأخرى المؤمن وثالثة القعقاع فقبل سقوط النظام وأثناء لقاءاتنا وأنشطتنا التي كنا نقيمها لفضح النظام وحشد التضامن مع الشعب العراقي كان الكثير من مواطني البلد الذي نعيش فيه يستغربون كيف أننا ندّعي أنّ الشعب العراقي هو ضد صدّام حسين وأنّ صوره يرفعها الناس وبصوت واحد يهزجون بحياته كما تعرضها شاشات التلفزيونفي المحطات العالمية ,وكنّا نحاول أقناعهم بأن الناس انّما يساقون بالحديد والنار وقطع الأرزاق .ولا ندري ان كانوا يقتنعون بتبريراتنا أم لا .

انتهى النظام الى غير رجعة وولّى العهد الذي كان الناس يساقون الى المسيرات وتتعطل الدوائر وتوقف الدراسة , أذ من المفترض أن تفتح صفحة جديدة وأن نبدأ بدايات صحيحة على الأقل نحاول أن نتجاوز ما عوّد النظام المواطنين عليه من أظهار الولاء بمناسبة أو غير مناسبة و بطريقة واحدة وهي تمجيد الفرد وأضفاء الصفات العظيمة عليه وهو بحكم التعود ألفها ولم يعرف غيرها , أنّه يريد تبرير أخلاصه بهذا الشكل وأن يبعد عن نفسه تهمة عدم الرضا فيما أذا بقي صامتا من منطلق التجربة المريرة من نظام سابق ذاق منه الويلات ومازال الخوف مستقرا في أعماقه وكذلك ضبابية الصورة عن المسؤولين الجدد وبعض الزعماء السياسيين فيما أذا كانوا ديمقراطيين قولا وفعلا وهنا أنالاألوم الأنسان البسيط
ماجعلني أكتب في هذا الأمر مشاهداتي من خلال التلفزيون عن علاقة بعض المسؤولين مع الجماهير في مناسبات عامة مثل الدعايات الأنتخابية لقوائم وتظاهرات صاخبة هي في الغالب تتعلق بمناسبات دينية ترى رجالا يمجدون الزعماء ويخلعون عليهم صفات التفرد والتأليه وأنّ ما أثار دهشتي أن مناسبة عاشوراء على سبيل المثال والتي يفترض تكريسها لفضائل سيد الشهداء الأمام الحسين عليه السلام تحولت الى تظاهرة سياسية تمجد وتبايع لشخصيات لها صفات دينية وسياسية في آن واحد . انّ من يهتف الناس لهم هم بحقيقة الأمر أناس عاديين شاءت الظروف أن يحتلوا مواقع ومناصب أو يكونوا وارثين مكانة من آبائهم وأجدادهم أي لم يجترحوا مآثر أو يختلفون عن عراقيين آخرين سوى بما ورد ذكره , أضافة الى كل ذلك أن المسؤولية هي تكليف لاتشريف فلا فضل لمسؤول على الناس وهذا ماينبغي ان يعيه المواطن العراقي. انّ العودة الى مثل تلك الممارسات من تشجيع للولاء للفرد سيعيدنا الى نقطة البداية نقطة الأبتلاء بدكتاتور وكأننا لم نفعل شيئا ولم نقدم الضحايا ولم نستقدم الأحتلال لتخليصنا من جبروت طاغية ساهمنا في صنعه ,سنصنع دكتاتوراواحدا أو عدداوحينها سيكون الوقت قد فات .
أذن على من تقع مسؤولية تخليص المجتمع العراقي من هذه الظاهرة السلبية وعواقبها الوخيمة التي ستنمي حب الظهور والتسلط لدى الذين لهم مواقع وظيفية أو معنوية وتجعلهم يصدقون ماينعم عليهم من ألقاب أو صفات ,على ما أعتقد أنّ المسؤولية تقع بالدرجة الأساسية على المسؤولين أنفسهم في عدم السماح للتملّق ومسح الأكتاف والأنتشاء بالأطراء والمديح المبالغ فيه وتذكر ماآل اليه حال السابقين من الحكام , وأن يتعاملوا مع المواطنين على أساس الحقوق والواجبات لاعلى أساس الولاء وهنا سيضمنون احتراما حقيقيا لااستعراضا لولاء زائف سرعان ماينتهي بزوال المنصب .
أما المنظمات الجماهيرية فيقع عليها مسؤولية وضع برامج توعيةمستقاة من الدستور لتوضيح الفقرات الخاصة بحقوق وواجبات الأفراد ,كما أنّ من الضروري أن يتم الأنتباه الى مسألة تربية الأبناء على أساس الثقة بالنفس والأحترام دون خوف مما سيؤدي حتما الى اضمحلال مثل هذه الظواهروأن يتم التعاون بين العائلة والمدرسة في خلق العراقي الجديد الذي يستطيع أن يعبر عن وجهة نظره ببساطة وبحرية دون حاجة الى هتاف لمسؤول أو رفع صور أصبحت من يومياتنا يومها سنقول نحن في عصر الديمقراطية وسنهتف حينها فقط للعراق ..