| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سناء صالح

 

 

 

 

الأحد 19/11/ 2006

 

 

أين أطفال العراق من اتفاقيّة حقوق الطفل

 

سناء صالح /رابطة المرأة العراقيّة /هولندا

في 20 -11 1989 أقرّت الأمم المتّحدة اتفاقيّة حقوق الطفل ,بعد نضال عنيف خاضته الحركة النسائيّة العالميّة منذ 1952 وتبنت في مؤتمراتها شعار حماية الطفولة وقد ساندتهامنظمات عالميّة كالأمم المتحدةفتبنت موضوع حماية الطفل فكان عام 1979 هو السنةالعالميّة للطفل وبعد عشر سنوات تم اقرار الأتفاقيّة التي دخلت حيّز التنفيذ20 -9 -1990 وفي 29 /30 -9 -1990 اجتمع عد كبير من قادة الدول بلغ عددهم 71 رئيسا و88 ممثّلا رسميّا في نيويورك لمناقشة جدول أعمال مشروع (الطفل أوّلا ) وكان الهدف في المشروع الألتزام ببنود الأتفاقيّةفي حماية أطفال العالم وتنميته وكان العراق من الدول التي وقّعت على الأتفاقيّة .

لو تناولنا بعض بنود الأتفاقيّة :
لكل طفل حق أصيل في الحياة وتكفل الدولالأطراف الى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموّه
- تكفل الدول أن يتمتع كل طفل بكامل حقوقه دون تعرّض لتمييز أو تفرقة مهما كان نوعها .
- الدولة تضمن حماية الطفل من الضرر والأهمال البدني والعقلي .
- يجب أن يكون التعليم الأبتدائي الزاميّا ومجانيا , وللطفل المعاق الحق في الحصول علىالعلاج والتربية والرعاية .
- أن يتمتّع أطفال الأقليّات واسعوب بثقافتهم ودينهم ولغتهم بكل حريّة
- حماية الطفل من الأستغلال الأقتصادي والعمل الذي يعرقل تعليمه وصحته ورفاهيته .

لو ناقشنا ماحصل عليه الطفل العراقي من يوم توقيع الأتفاقيّة ولحد الآن تشير الأحصائيّات أنّه في عهد النظام السابق وبالتحديد في فترة الحصار أنّ أكثر من مليوني طفل عراقي مصابون بسوء التغذية وأنّ مايقارب نصف مليون طفل قد ماتوا لهذا السبب أو لأسباب أخرى كعدم حصول الأطفال على اللقاحات ضد الأمراض الأنتقاليّة بما فيها شلل الأطفال ,كما ظهرت حالات التشوه الخلقي والأصابة بسرطان الدم عند الأطفال نتيجة للتلوّث البيئي الذي كان أحدى نتائج الحروب ,وقد استخدم النظام حالات الأطفال المأساويّة لجذب عطف الرأي العام العالمي لفك الحصار عن نظامه في الوقت الذي يبدّد ثروات العراق ويوزّعها على المطبّلين له في الداخل والخارج ,انّ النظام لم يخسر من الحصار , الوحيد الخاسر هو شعب العراق وأطفاله بشكل خاص حيث اضطرّتهم الحاجة الى بيع كل مايمتلكون في سبيل أقامة أود أبنائهم وأجبروا على أن يترك أبناؤهم مقاعد الدراسة ليعملوا بأجور زهيدة وهنا خنقت طفولتهم ,ناهيك عن الحملات التي مارسها النظام في غسل الأدمغة وتحول الأغلبيّة الى ببغاوات تعيد أقوال الآمر الناهي الدكتاتور صدّام ومن في بطانته .

لقد ترك النظام الغير مأسوف عليه ارثا ثقيلا من مشاكل جديّة لاتتعلّق بالخراب الأقتصادي فقط بل خلّف خرابا اجتماعيا تجسّد في عبادة الفرد وبرامج دراسيّة متخلّفة ومؤسسة تربويّة هزيلة بعد أبعاده لكل الشرفاء التربويين واحتكارالتعليم بالتبعيث ان وضع الطفل العراقي لم يتحسّن بل أضيفت على معاناته أمور أخرى من شموله بالقتل والخطف دون مراعاة براءته وطفولته الغضّة والتهجير القسري الذي يمارس اليوم بين أبناء الشعب الواحد تحت مسمّى الطائفية البغيضةاضافة الى ارتفاع عدد الأطفال الأيتام والمشرّدين وانتشار ظاهرة التسول بين الأطفال والباعة المتجولين مما يعرضهم للخطر . ان من الممارسات الخاطئة التي بقيت استخدام الأطفال للدعاية السياسية فعلى سبيل المثال عرضت احدى القنوات التلفزيونية العراقيّة في شهر رمضان برنامجا نقديا للوضع العراقي والدور الأمريكي في التخريب بأن استخدمت في مقدمة البرنامج أطفالا يغنّون وتحيطهم ألعاب على شكل رؤوس مدماة معلّقة على أسلاك شائكة وقناة أخرى تعرض مباشرة بعد صدور الحكم بحق الطاغية أغنية على لسان الأطفال مطالبين القاضي بأنزال عقوبة الأعدام,ولازالت صورة الطفل محمد الذي استشهد في جسر الأئمة عالقة في الأذهان وقد كان المذيع يحسده على هذه الميتة وكذا بعض المسؤولين وكأنّما هذا الطفل الصغير قد توجه الى الشهادة باختياره .
ومن الأمور الخطيرة التي تلحق الضرربالطفل وبناء شخصيّته وتنمية قدراته على اتخاذ موقف وتكوين رأي خاص ,اتباع مبدأ الناس على دين أوليائهم وهذا مافعله الطاغية ويتبعه أيضا بعض أولي الأمر من المسؤولين في هذه الأيام .
كان الأطفال يساقون الى احتفالات الطاغية بأعياد ميلاده كبهلوانات تؤدي شعارات لم يفقهوا معناها وهو جالس على عرشه مزهوا أمام شاشات التلفزيون لايريد أن يصدق أنه في يوم ما سيسكن الجحر كفأر مذعور .

انّ اعادة بناء شخصيّة الطفل العراقي تقتضي التخلص من كثير من الأساليب الخاطئة في التربية وتخليص لغة الطفل من العنف والدم فما رآه الطفل العراقي من مشاهد القتل والدم ينبغي أن نعينه على نسيانها أوعلى الأقل التخفيف من حدّتها لاأن نكرّسها , أن نعطيه الحب والعطف ,أن نقدم له المعلومة بحياديّة وعليه هو أن يستفيد ويكوّن رأيا خاصا به ,أن نمحو من ذاكرته أن هناك انسان واحد خارق ينبغي حمل صورته وتعليقها في مخدع نومه ,أن نعلمه أنّ البطولة دائما للجماعة وأنّ عنترة وغيره قد ولّى زمانه وأن يضع خارطة الوطن نصب عينه وفي قلبه ,أن نعلّمه لغة الحب والجمال نكنس من قاموسه مفردات الرعب والدمار نغرس فيه أن الناس سواسية مهما كانت الوانهم أو انتماءاتهم , بهذه الطريقة سنقول لقد أعدنا للطفل طفولته التي اغتصبها عتاة لن يعرفوا الرحمة ومن أجدر من معلّم واع مدرّب ومؤسسة تعليميّة حرّة نزيهة تضع مناهج تقوم على مباديء انسانيّة جليلة , ومهم جداأن تطبق الحكومة جزءا من الأتفاقيّة وأن تكون مؤمنة بأن الطفل رأس مال ثمين أثمن من الذهب الأسود فالثروة البشرية باقية أما الآخر فهو ناضب .