| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سناء صالح

 

 

 

الأحد 16 /12/ 2007

 

لقطات من واقع مريض

سناء صالح /هولندا
 

اللقطة الأولى :
قلوبنا مع المعلمين في نيل حقوقهم ( المعلمون الشمعة التي تحترق لتضيء للآخرين دروبهم )
كان أول أمل لي حينما سقط النظام هو أن يعاد للمعلم اعتباره إذ أن العملية التربوية وأجهزتها تعرضت للانتهاك والاضطهاد , والمعلم هو من الذين أهانهم النظام بشكل سافر فتدخل بكل صغيرة وكبيرة وزج بالأمن والمخابرات في هذه المهنة الجليلة التي يعتمد عليها في تنشئة جيل سليم التفكير متسلحا بالعلم الذي يقدمه له معلمه عن طيب خاطر ,إضافة الى سياسة التبعيث التي نالت من المعلم وحطت من قدره وفرضت عليه القيود , مع إمعانها في إذلاله بتقوية دور الإتحاد الوطني لطلبة العراق , هذه المنظمة البوليسية التي كانت أداة لتخويف الطلبة والمعلمين , و أسطع دليل على ذلك التشكيك بالشهادات التي تمنحها المؤسسات التربوية العراقية في السنوات التي سبقت سقوط النظام بفترات طويلة أي من يوم ما أصبح التعليم والمعلم والمنهج أداة بيد الدكتاتور .وأنا لاأريد أن أطيل فيما أحاق بالمعلم والعملية التربوية من غبن سوى أن هذه الشريحة الأهم في المجتمع ما زالت تعاني ويرتكب بحقها ظلم واضح لذا ينبغي الانتباه إليها والاهتمام بها ورفع الحيف عنها وتصحيح الموقف تجاهها .
إن من أهم الأمور التي ينبغي الالتفات إليها في تطوير العملية التربوية هي تحسين الوضع المعاشي للمعلم حتى يفنيه عن التفتيش عن موارد رزق أخرى قد تأخذ من انتباهه وتصرفه عن أداء واجبه , وتقل من قيمته, فالمعلم إذا ما اكتفى سيستطيع أن يعطي بالقدر الذي يعطى له وسيجعله قادرا على مواكبة التطور من خلال تعرفه على وسائل التقنية الحديثة ومراعاة تطوير كفاءاته المهنية وتوسيع معلوماته وخبراته كما هو وضع أقرانه في الدول الجادة في بناء المستقبل العلمي لأبنائها .
والى جانب تحسين الوضع المادي للمعلم وتطوير خبراته ومعلوماته كما ينبغي الاهتمام بالعملية التربوية كاملة ابتداء فلسفة التربية والمناهج والكتب مرورا بالمدرسة وصلاحيتها كمؤسسة مهمة كأهمية مؤسسات حفظ الأمن والدفاع.
إن بقاء الوضع المادي المزري والتعامل مع المعلم على هذه الشاكلة سيؤدي الى العزوف عن ممارسة هذه المهنة الحيوية التي نحن اليوم أحوج إليها في إعادة بناء الطفل العراقي بالتربية السوية القائمة على القيم الإنسانية , والمعلمون هم القادرون على ذلك .
تحياتي الى زملائي المعلمين في احتجاجاتهم .وأقول لهم كزميلة ونقابية سابقة شاءت ظروف الغربة أن تبعدها عن مهنة التدريس التي عشقتها لقد أعدتم أياما عزيزة على القلب أيام القائمة المهنية للمعلمين التي كنت مرشحتها في أوائل سنة 1970 وفي أيامي الأولى من ممارسة مهنة التدريس .

اللقطة الثانية :
العودة الميمونة لحجاج مجلس النواب :
في هذه الأيام العالم العربي والإسلامي منشغل بالتحضيرات لاستقبال عيد الأضحى المبارك الذي يفرح به الفقراء قبل الأغنياء لأنهم سيكسرون قاعدة النظام الغذائي القائم على النباتي الإجباري لضيق ذات اليد , وسيتذوقون طعم اللحم . في الواقع لم تكن في نيتي أن أكتب عن أعضاء مجلس النواب ورجال ونساء الدولة الذين أصبح الحج وجهتهم سنويا ولم يكتفوا بمرة واحدة وهي الفرض الملزم لكل مسلمة أو مسلم مقتدر لكي يكملوا إيمانهم ويحصلوا على لقب يضيف الى أسمائهم هيبة ووقارا ومسحة من النورانية والثقة والنزاهة , بل أصبح الواحد منهم حاج2أو حاج3... وليس من باب الغيرة والحسد لكنني اطلعت على موقع في الإنترنت يحمل أسم جهة تجمع الصدقات والأضاحي لترسل الى أفقر الشعوب بمناسبة عيد الأضحى, فيها رقم حساب وأسماء الدول الفقيرة التي تحتاج شعوبها الى الصدقة ومنها الصومال والهند وملاوي والعراق وقيمة مايتبرع به للأضحية الواحدة حسب قيمة الخروف في البلد المعني ,هنا انتابني غضب شديد وسخط فرغم معرفتي برقم شديدي العوز في العراق مسبقا لكنني شعرت كمن جرحت كرامته فالفقر ليس عيبا لكن العيب أن يعيش أبناء وطن لهم من ثروات أرضهم ما يكفيهم ويقيهم ذل السؤال وأن يتنعم قلة قليلة جدا منهم بترف العيش ومنها ذهابهم الى بيت الله الحرام الذي يعتبر من الكماليات باعتبار أن هناك أولويات منها سد حاجة الأقربين والأقربون هنا هم الشعب باعتبارهم أي النواب والمسؤولين أولي الأمر حسب الدين الإسلامي الحنيف , كما أنهم يعرفون جيدا أن الأموال التي يحجون بها وأضحيتاهم التي يفتدون بها وفنادق الدرجة الأولى التي يسكنون فيها والهدايا مما خف حمله وغلا ثمنه ليس مالا حلالا خاصا ورثوه عن آبائهم ولا عن كد وعرق , وإنما هو مال هؤلاء العراقيين الذين صنف بلدهم ضمن قائمة الأفقر الواجب الصدقة حسب الشريعة .
حينما سيعود هؤلاء الحجاج سيستقبلهم من انتخبوهم بكلات القند وكماكم ماء الورد وعيدان البخور بملابس رثة ووجوه صفر , أما حجاجنا ذكورا وإناثا سيقدمون نظافا بملابس بيضاء من أعلى الرأس الى أخمص القدم دليل الطهارة والنقاء كمولود جديد , تعبق منهم روائح باريسية وهنا أقترح أن يتغير اسم مجلس النواب الى ( مجلس الورع والتقوى ) لأن الأغلبية هي من الحجاج المتقين , والنصيحة التي أسديها لهم أن لايناقشوا قضايا غير مهمة كالبطالة وإعادة الأعمار والتقاعد والتربية والتعليم لأن ذلك سيثلم حجتهم وسيضطرهم للكذب وهنا ينبغي مرة أخرى أن يتحملوا مشاق السفر ووعثائه للحج لإزالة دنس النفاق والكذب السياسي والوعود والأحلام الزائفة ونحن لانريد أن نتعبهم فما عليهم إلاّ أن يتحول مجلسنا الى تكايا ومجالس للشرح والتبصير للفقراء من أبناء وطننا في العمل للآخرة التي هي أفضل من هذه الدنيا الفانية ومن الفلوس التي هي وسخ وقذارة , وأن يكثروا من الحكم التي تؤكد أن (المؤمن مبتلى ) و (يابخت اللي ينام مظلوم ولا ينام ظالم ) .
سؤال أخير أحب أن أسأله هل أن حجاج المجلس يطوفون حول الكعبة المشرفة بالحماية أو بدونها .

اللقطة الثالثة:
مصطلحات تعيدنا الى بطن التاريخ
على الرغم من النبرة الإيجابية التي يتناولها الأعلام حول الصحوات العشائرية ودورها في تحقيق الأمن والاستقرار في بعض الأماكن الملتهبة من العراق , والتي سرت عدواها الى المناطق التي فيها استتباب نسبي للأمن وليست بحاجة الى صحوة فهي صاحية , يرتبط في ذهني وينقلني الى عوالم أخرى هي من صلب اختصاصي كخريجة أدب عربي , ينقلني الى أيام أصحاب المعلقات والى الحروب العشائرية في العصر الجاهلي والى مجالس الفضول والحكيم زهير بن أبي سلمى والرمال والأطلال والخيام ويعر الأباعر والمواقد المنطفئة ولا أدري لماذا يلح على خيالي وبشدة أبو الفوارس عنترة بن شداد العبسي وحماسه الذي يشتد دفاعا عن القبيلة حينما يستغل أبوه سذاجته وتعطشه لكلمة حر بأن يقول له كر ياعنترة فأنت حر!!ويكر عنترة مرارا ولم يحصل على الحرية . أما أخيه المسخ شيبوب فيبقى دائما يتنقل بين القبائل مثيرا للسخرية قانعا بالعبودية .
ماأشبه اليوم بذلك الماضي البعيد, فما زالت القبيلة والعشيرة تفعل فعلها في مجتمعنا وتفرض قوانينها التي تتخطى القانون والدستور الذي أقره الشعب , فما زال القوي يأكل الضعيف كما كان في عصر امرؤ القيس ولبيد وطرفة أما الرمال والتصحر فهو واضح للعيان وكذا خيام اللاجئين داخل وخارج الحدود.وما زالت الحمير تستعمل وسائط نقل في حالات أزمات النفط والغاز , والمواقد المسخمة , مازالت كما هي , شيء واحد تغير كانت في ذلك العهد ( الجاهلي ) خنساء واحدة متقلدة نعلي أخيها صخر تدور الأحياء منشدة ( كأنه علم في رأسه نار ) أما اليوم وكما تقول التقارير آلاف من الخنساوات العراقيات لاطمات الصدور لم بحظين كما حظيت الخنساء بشيء منه فهو أما ممزق الأشلاء بتفجير أو مغدور مرمي على قارعة الطريق أو صورة في ملفات الطب العدلي تم دفنها في أحدى المقابر التي يعج بها عراقنا قيدت باسم مجهول .




 


 

Counters