| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلاف رشيد

 

 

 

الأثنين 5/7/ 2010

 

نَمْ بسلام ٍ أيها العم

سُلاف رشيد

كم هي صعبة حالة رثائك على واحدة مثلي، لاسيما وأنا أعيش في بلاد غير بلادي، أشعر أن حالة فقدك تتضاعف في روحي، وكأنني أفقد برحيلك أبي ثانية، فيتزاحم في روحي حزنا مركبا، حزن الغربة وحزن الفقد، وتنهال عليها صورا من الوحشة، تجعلني أتصور الحياة ليست أكثر من ومضة برق، يتلاشى لمعانها بسماع صوت الرعد، ليس لشئ ٍ، سوى أنك تمثل وجاهة أبي، الذي لازال ضمأي إليه لا ترويه عذوبة كل أنهار العالم.

كيف لي أن أرثيك؟ وأنت تعيش بين خفقات قلبي، لأنني أرى فيك نصف أبي الآخر، ولأنك تحمل بعضا من صفاته، فرغم السجون التي دخلتها، وحفلات التعذيب التي تحملتها، والمعاناة التي واجهتها بصبر فوق هالة التحمل الإنساني، من أجل مبادئ آمن بها أبي، أو في الحقيقة من أجل مبادئ نحن ورثناها من أبينا وآمنا بها، لهذا كان صبرك في التحمل، هو عنوان محبتك لنا.

كيف لي أن أرثيك؟ وزخات البكاء تخنق صدري، وأنا أتذكر بكائك قبل أيام، حين تسنى لي أن اسمع صوتك وأنت ترقد في المشفى، حينها أحسست بدموع بكائي وبكائك تستقر عند هرش وردة جوري، زرعها أبي في زاوية مشرقة من مدينتنا ألقوش، كي تفوح بعطرها على كل من يرغب باستنشاق هذا العطر.

كيف لي أن أرثيك؟ وأنا في هذا البعد، وهذه الغربة القاحلة، كنت أتمنى أن أساهم في كلمة وداع عند قبرك، أو بوضع باقة زهور جبلية على تراب قبرك، أو بالوقوف دقيقة حداد لهذا الفراق الحزين، ولكن كل هذا لم يحدث، مادامت الغربة تأكل حياتنا، وليس لي من شئ أقوله سوى أن تنام بسلام أيها العم.

 

free web counter