| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سلاف رشيد

 

 

 

الجمعة 24/4/ 2009



بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل المرحوم سليمان يوسف بوكا

حوارية بين القوش الأم والفقيد

سُلاف رشيد

القوش – الأم
من جذوة التأريخ المتقدة في روحي ، ومن همسات النسيم الذي يرطب شفاه كياني كل صباح ، ومن صفاء بياض الثلج المنثال على زوايا ذاكرتي،من كل هذا أصوغ لك أكليلا من النرجس ، أطوق به رقبتك ، وأنا أستعيد بكل حنان الأم ، براءة طفولتك وعنفوان صباك وحكمة شيخوختك ، أنت يا أبني البار بأمومتي ، والحامل لكل جمال الصفات التي رافقتني على مر السنوات ، أنت أبهى بخور وأعطر زهرة ،كنت ناقوس حب يدق لكل صلوات الفخر والعزة والشجاعة ، كنت َ مكملا لكل الأساطير التي صنعها أجدادك من قبل ُ ، يفيض حليب أخلاصك بصدري ، فأصرخ ملئ فمي ،سليمان ، سليمان ، يا سليمان ، يا ابني الزاهد بكل هذه الحياة ، تعال الي َّ ، فقد طفح الصدر بحليب الشوق إلى عينيك وطولك وأبتسامتك الهادئة ، وأزداد وجيب القلب ،ما عهدتك تنساني أو تهجرني ، تعال لف جسدي بطيب حنانك ، وأمسح فوق جفوني بدفء يديك ، تعال وانظر اليَّ من قمة الدير ،مثلما كنت طفلا ، ستراني فاتحة ذراعي َّ لاحتضانك ، هل تتذكر أقرانك وانت صبي ُ ؟ ، هل تتذكر إلياس حنا كَوهاري ، توما صادق توماس والعديد من أترابك أيام الصبا والشباب ، أعرف صمتك هذا ، مذ كنت طفلا ، فالكلمات لديك لها وزنها ، لأنها تخرج من معدن ٍ نادر ، هو معدن روحك.

ألإبن – أبو عامل
أمي ، أيتها النافذة المضيئة لكل أحلامي ، كنت أراك العراق كلهُ ، وأرى العراق فيك ، أصيخ السمع إلى نبضك الطافح بالحب ، وأذوب شوقا إلى كل أشجارك وبساتينك ومراتع طفولتي وصباي ، وتمتلئ الروح غبطة حين أشم نسيمك ،منك تعلمت كيف يكون الإنسان ألها ً، وفيك رأيت معنى أن يكون الإله إنسان ، ساويتِ بين المستحيل والممكن ، فكنت الاثنين معا ، عصية ُ على القهر ، سهلة القياد للمحبة ، لهذا كانت رغبتي أن أنام بين أحضانك طفلا ، وأغمض جفنيَّ كي أرى كل طموحاتك وقد أصبحت ، وقد أمست أشجار تين وزيتون ، ها أنا عائد إليك ، بكل كياني ، بكل تاريخي الذي هو جزء من تاريخك ، عائد إليك كي تطمئن روحي ، من أنني ما فارقتك ، ولم أفارقك لأنك أمي ، خذيني بعينيك ، وأمسحي أثار الغربة عن جفنيَّ ، ودعيني أنام بسلام بين ذراعيك.

القوش – الأم
ولدي ، يا ولدي الراحل عني قصرا ، والعائد رغبة وحنانا ً ، ها أنا فاتحة ذراعي على عرض سماء الكون ، كي احتضن قامتك ، سأجعل كل الطيور الجبليه تقرأ لك نشيد الرحيل ، ومن روحي سأفيض عليك بالماء المقدس ، وأصلي لك صلاة الخالدين ، وأنثر ورودي على طول جسدك البهي ، لانك فيك من روحي ، يازهرة شبابي ، ويا مفخرتي شيخوتي ، فليس لجسدك من معبد غير روحي ، سأكب أسمك على كل الطرقات ، وعلى صخرة من صخور الوادي الذي أحببت ، لك يا سليمان ألف سلام.
 


 

free web counter