| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

سعد محمد موسى

 

 

 

                                                                                    الأثنين 23/5/ 2011

 

رأس.. وقمر.. ومنفى

سعد محمد موسى

نصب الغريب خيمة في سفوان للرأس الشريد بعدما غادر الدار قسراً وأرتحل الى المنفى البعيد خارج حدود الموت ،كان الرأس حينها يرتق بثقوبٍ لذاكرةٍ مفجوعة ويواسيّ الرب في طوفانه حين نزح مع كائناته جنوباً وهو يمخر كثبان الرمل بسفينة متعبة, فمكث اسابيع ثم اقلته الشاحنة العسكرية الامريكية الى المنفى, كان الرأس موشوماً بلعنة الحرب عندما توسد صخرة في صحراء رفحاء ومنح صفة لاجىء وحفر على جبينه رقماً أيضا (00585) حينها حمل هويه مشرد دون وطن. كان الرأس يحدق في فضاء مبهم دون بادرة أمل محاصرأ بالاسلاك الشائكة وحرس مدججين بالأسلحة .
كان هنالك ثمة َ قمر ٍ صامت يزور المخيمَ كل ليلة وكأنة إلهّ خذلته قدرته على ايقاف مؤامرة الشيطان في ملكوته فغابت عنه السلطة المطلقة.

اعتاد الرأس ان ينتظر كل ليلة قدوم القمر لكي يستحم بضوئه ويتسامر بحنين الجذور, فباتا كخليّن لم يبرحا بعضهما. وفي الليلة الاخيرة كان الراس المنفيّ ينزف بتراتيله الى القمر. "سيدي أيها القمر انقذني من غياهب الظلام واستبداد المربع خذني الى ينابيع الضوء وحضرة فضائك الذهبي يا خليّ ويا صاحبي (سين) استحلفك بفلذة كبدك "شمش"ان تأخذني الى ارض أسلافي لادفن هنالك تحت ظلال اوروك قبل ان اعلق فوق حراب اجلاف الصحراء وابقى اياماً واسابيع حينها تتيبس ملامحي واتساقط رماداً في المنفى, خرّ القمر ينزف وجعاً وسجد فوق اسلاك المخيم , ثم أشار الى الرأس وابلغه " يا صاحبي يعز عليّ ان تستغيث فلا استجيب. برح الرأس بعد ان وّدع القمر (ودلف الى خيمته في خلية 13 زاء المربع 2 من معسكر اللاجئيين) , وأفل القمر ايضاً .
بعيدا بعيدا في وحشة الفضاء.
 

استراليا- ملبورن
مايو 2011
 

free web counter