| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

صبحي مبارك مال الله

 

 

الأربعاء 7/9/ 2011

 

أما للفساد والمفسدين من نهاية ؟!

صبحي مبارك مال الله

لقد طرحت الأوساط السياسية مسألة الفساد في مقدمة برامجها الأنتخابية في الساح العراقية ،وكان المعول على الحكومات المتعاقبة والبرلمان أن يضعوا هذه المسألة في مقدمة أهتماماتهم ومسؤولياتهم ،وكشف حالة الفساد بصورة علنية ومحاربة المفسدين في مؤسسات الدولة الأدارية والأقتصادية والسياسية .

لقد كنا نسمع ونقرأ ونشاهد منذ عام 2003 بعد سقوط النظام ولحد هذه اللحظة ،كثير من القضايا التي تشير بالبراهين والمستمسكات الى ألى أستشراء الفساد المالي وبشكل خاص من أيام السفير بريمير والأدهى من ذلك يكون الفساد على أيدي مسؤولين بمستوى وزير أو وكيل وزير أو مدير عام أو على أيدي المكاتب الخاصة لهذه الوزارة أو تلك ،دون الشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاص لهذا الشعب ،وقد سادت تسمية ((الحرامية)) نتيجة لذلك بالرغم أن الفساد المالي له جذوره العميقة في فترة النظام السابق وأجهزته المتنوعة والمتعددة ،حيث الأستحواذ على أموال الشعب بشتى الطرق ،ومنها المخالفات والفضائح المالية والتي لم يُسلِط عليها الضوء لحد الأن، ولكن أستمرار الفساد وبشكل وحشي من حيث السلب والنهب وبصورة مرتبة ومنظمة في فترة ما بعد سقوط النظام له دلالاته وأسبابه ،ولابَّد من التوقف عندها وأعطاء الأجابة الصحيحة حول سؤال لماذا حدث ويحدث هذا ؟! لقد كان الشعب العراقي بعد مرور أكثر من خمسة وثلاثون عام من الظلم والأضطهاد وكبت الحريات ينتظر قيام دولة عراقية جديدة وعصرية ،تقوم ببناء العراق الديمقراطي الجديد، بعد أن مر الوطن والشعب بحروب كارثية وحصار أقتصادي طويل وتدمير للبنى التحتية ،وأقتصاد صناعي وزراعي متدهور وفقدان مليارات الدولارات على التسليح فضلاً عن نهب النفط والأختلاسات المستمرة . لقد عاش الشعب ولا زال في ظروف نفسية صعبة ،حيث أنعكس ذلك على تربية وتعليم الأجيال المتعاقبة ،وكان ينتظر أن تنتهي هذ المعاناة على أيدي أبنائه الذين كانوا يناضلون ويعارضون النظام السابق ،لقد منح شعبنا مئات الآلاف من الشهداء لأجل أن يرى نظام جديد مفعم بالأخلاص والطنية ،نظام ينقذه من الفقر والبطالة والمتاهة ،نظام يعيد له ثرواته المنهوبة ،نظام يعيد له أستقلاله الوطني التام .

لقد كان وضع أسس جديده لنظام ديمقراطي متمتع بقوة الدستور والقانون هو المطلب الأساسي للشعب يزيح التركة الثقيلة ويعطي الأمل لكل أبناء الشعب في الحياة الحرة الكريمة . لقد كان المؤمل أن يبدأ الجميع في عملية البناء وأن تدور عجلة الأنتاج والتطوير ،لكن هذه الأحلام ضاعت وسط التناقضات والأحزاب والمحاصصة وظهور وحش النهب والسلب بأبشع صورة ،مما جعل الصورة قاتمة ومخيبة للآمال وجعل مقارنة حسب أوطأ المقاييس بين ما يجري وما كان يجري في النظام السابق ،لقد طُرحت مجلدات من خطط التنمية ومعالجة وأصلاح البنى التحتية وعقد عشرات بل مئات المؤتمرات ،سواء على المستوى الوطني أو العالمي وذهاب وآياب مئات الوفود ،وأستلام ما قررته الدول العالمية المانحة ،ومن ثم التوقيع على مئات العقود ،كل هذا النشاطالذي حصل ماذا كانت نتائجه ؟؟ سوى بقاء الوضع على ما هو عليه والبطأ والتباطؤ في كل مرافق الحياة ،لم تظهر للعيان نهضة عمرانية عملاقة ،لم تظهر براعم الأقتصاد الجديد ،ولم تتحرك عجلة الأنتاج لم تنتهي مشكلة الكهرباء المثيرة للجدل ،ولم يظهر دخان المصانع المؤمل تأهيلها أو بنائها ..أين هو التطور الذي حصل ؟! .

والأن وأخر ما جرى هي فضيحة العقود الوهمية التي عقدتها وزارة الكهرباء مع شركة كندية لاوجود لها وأخرى ألمانية مفلسة وبقيمة مليارين دولار ...ولكن لماذا يحصل هذا ؟؟ أين هو البرلمان وأين لجان الرقابة المالية ؟ولجان النزاهة ؟ وكيف تمت هذه الصفقات وبهذه الصورة البشعة . أنها أستهانة بالشعب وبكل القيم الأرضية والسماوية . أن الذي نراه هو المعلن !! ولكن هناك الكثير من المسائل لازالت خافية ،وأذا حدث تحقيق هنا أو هناك أو أقالة وزير هنا ومدير عام هناك فأن هذا غير كافٍ لأيقاف الفساد ولايعتبر رادع قوي وتضيع المسائلة بين حماية هذه الكتلة السياسية أو تلك فمن الذي يستحصل حقوق الشعب ؟!

أن الفساد آفة خطيرة ،ولكن الفساد الأعظم هو الذي يكون منظماً بل ومبرمجاً ،وهناك أيادي خفية تلعب دوراً في أستمراره وتشعبه وهذا الكم الهائل من الأموال التي أهدرت وسرقت وهربت الى الخارج كان يفترض أن تحول العراق الى بلد عصري حيث تنتهي أزمة الكهرباء والماء والخدمات الصحية الى الأبد ،وتنتهي معاناة الأطفال والتلاميذ والطلاب وتظهر المدن الجميلة والحديثة وطرق مواصلات حديثة . وكان بالأمكان أيضاً تأسيس مشروع وطني كبير – مشروع أجتماعي ليساند ويدعم المواطن العراقي يُنهي حالة البطالة والفقر ويعيد تأهيل القادرين على العمل – وأعادة تأهيل المصانع والمعامل والمزارع وينهي أزمة السكن ..لكي يظهر العراق وشعبه قوياً ومعافى ونموذجاً لكل شعوب العالم في حقوق الأنسان والعدالة .

أن ما يتطلب في الوقت الحاضر هو محاسبة المفسدين ومحاكمتهم بصورة علنية أمام الشعب ،تشديد الرقابة البرلمانية ومناقشة العقود في البرلمان ،تدقيق العقود السابقة والحالية ومعرفة نسبة الأنجاز فيها ومدى سلامتها القانونية ،منع التوقيع على العقود خارج الوطن وتدقيق تأريخ الشركات المتعاقدة وسلامة موقفها المالي ،تنشيط دائرة الرقابة المالية . أن هذه الخطوات هي بداية لقطع الطريق أمام الفساد والمفسدين في الأستمرار .       

 

 

free web counter