| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

صبحي مبارك مال الله

 

 

الخميس 5/1/ 2012

 

العملية السياسية ... مفترق الطرق!!

صبحي مبارك مال الله

إن أي متتبع سياسي للأحداث التي تجري الآن في العراق يجد أمامه مؤشرات واضحة على أحتمال أنهيار العملية السياسية وعودة البلاد الى حالة الفوضى والأحتراب بين فرقاء العملية السياسية اللذين يتجاذبون فيها الأتفاق مرة والأختلاف التناحري مرة أخرى.

أن الذي يعرف تأريخ أنطلاق العمل السياسي المشترك والذي كان يهدف الى بناء الدولة العراقية الديمقراطية الحديثة، يجد أن بذور الفرقة والتناحر موجودة قبل وبعد أحتلال العراق والتي أدت الى ظهور الأزمات السياسية المستمرة كما أدت تداعياتها الى أستمرار معاناة الشعب العراقي من خلال فقدان الأمن والأستقرار وتصاعد الهجمات الأرهابية التي تأتي بشكل مكثف بعد ظهور أي أزمة أو تناحر أعلامي بين الشركاء أطراف العملية السياسية، كما ظهرت في الأونة الأخيرة، لقد كان الأختلاف واضح في وجهات النظر تجاه جميع القضايا التي تهم الشعب، وأن تشكيلة الوزارة بعد الأنتخابات جاءت توافقية وعلى أساس توجهات المحاصصة والطائفية وبنفس الوقت كانت تحمل معها عناصر الضعف وعدم الثقة وعدم الأنسجام خصوصاً بين الكتلة العراقية وكتلة دولة القانون.

لقد تصاعد الموقف وتأزم قُبيل الأنسحاب الأمريكي الذي يُعتبر نصراً للشعب العراقي، وتحرره من الأحتلال المباشر بكل أشكاله حيث يعتبر يوم الأنسحاب هو يوم الجلاء وبدلاً من أن يعود العراق وحسب العملية السياسية معافى ومتحرراً منطلقاً في البناء والتقدم،نجد ظهور مالا يحتمل عقباه من خلال التعقيد والتأزم السياسي ولكن هذا ليس مفاجأة في الوسط السياسي بل كان التصعيد يجري على نار هادئة حسب عوامل كثيرة ومنها تأثير التدخل الأقليمي والدولي حسب أجندات معروفة في الشأن العراقي وحسب المصالح السياسية والأقتصادية لهذا البلد أو ذاك حيث يرون في التشتت والنزاع المستمر بين أطراف العملية السياسية فرصة ذهبية لغرض تمرير مخططات التدخل .

أن قادة الكتل السياسية الحاكمة والمتنفذة الآن يتحملون المسؤولية أمام الشعب العراقي، فبعد ظهور أي أزمة يتوقف كل شيئ وتصرف الجهود على محاولة أحتواء الأزمات المتتالية وتدخل أوساط عديدة ومنها ممثلي الجانب الأمريكي لغرض أيقاف التدهور في العلاقات بين الشركاء ..ثم يجري حل الأزمات على قاعدة الطريقة العراقية (سامح خالك،سامح عمك) ويتصافحون ويبتسمون ثم بعد فترة قصيرة تعود الخلافات على أشدها، هذا الذي يحدث بعيداً عن الشعب، بسبب حصر اللقاءات والأجتماعات بين قادة الكتل السياسية الحكومية والبرلمانية، حيث الطابع الشخصي هو الغالب في هذه الأجتماعات بعيداً عن البرلمان وعن الأطراف السياسية الأخرى غير الموجودة في الحكومة أو البرلمان ومنها القوى الوطنية الديمقراطية، كذلك وهو المهم عدم الرجوع الى أحكام الدستور العراقي ومواده. أن الخلافات متعددة ومتشعبة والسبب الأول في ذلك هو (لفلفة) الخلافات، وجعل المجاملات السياسية بحجة الحرص على مصلحة الشعب والوطن والعملية السياسية هو الأسلوب السائد كما لاحظنا ذلك عند الأتفاق والتوقيع على هذه الوثيقة أو تلك ثم التنصل عنها بدواعي عدم الثقة وهذا ماحصل لمبادرة السيد البارزاني قبل تشكيل الوزارة كمثال على ذلك .

لقد أدت تلك الخلافات الى توقف عمل الوزارات والبرلمان وحصل نتيجة لذلك تفاقم الفساد المالي والأداري، وهدر المليارات من الأموال وكتحصيل حاصل توقف العملية السياسية وعدم الأيمان بها وطرح بدائل غير ديمقراطية وهذا بالتأكيد سوف يؤدي الى التشتت وضياع كل الجهود المخلصة في بناء الوطن .

أن المشهد السياسي العراقي بدأ يتأزم منذ ما يقرب السنة نتيجة الخلافات بين أطراف الحكم التي أدت الى تداعيات شملت كل نشاط الدولة مما أدى ذلك الى خروج مظاهرات شعبية وشبابية مطالبة بتنفيذ مشاريع الحكومة ومعالجة الواقع الخدمي والصحي ومن بين المطاليب التي أعلنت :
1. مطالبة بعض المحافظات في أقامة أقاليم كرد فعل على الخلافات الموجودة .
2. حل مسألة الغاز والنفط بين أقليم كوردستان والمركز .
3. حل مسألة الفساد ومحاسبة المسؤولين عنه .
4. حل مسألة الوزارات الأمنية بسبب عدم البت فيها .
5. معالجة البطالة .
وكذلك الدعوة الى معالجة تلكأ أداء البرلمان في تشريع القوانين التي لازالت مشاريع مجمدة، واخيراً ظهرت الأزمة السياسية الحالية التي لها  :
أولاً: وجه قانوني فيما يخص نائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي .
ثانياً: وجه سياسي نتيجة الخلافات المتراكمة .

مما أدى ذلك الى تعليق عضوية وزراء العراقية، وكذلك عدم حضور نواب العراقية جلسات البرلمان ..هذا الموقف تزامن مع الأنسحاب الأمريكي الأمر الذي يثير الدهشة ونتيجة لذلك جرى تصعيد كل المواقف بشكل محموم والتوجه نحو تصفية الحسابات العالقة .وأن المؤتمر الصحفي الأخير لرئيس الوزراء السيد نوري المالكي كان مؤشراً سياسياً في تصعيد الأزمة والتعبير عن ذلك بــ :
1. التوجه نحو تشكيل حكومة غالبية سياسية مع إبعاد الطرف الأخر (كتلة العراقية) عن الحكم في حالة عدم حل الأزمة .
2. وجود ملفات تخص الوضع الأمني يوجد فيها أتهامات وأعترافات وضعت تحت اليد دون البت فيها ومنذ ثلاث سنوات .
3. التوجه نحو مسك الحكم بيد كتلة واحدة أو حزب واحد بغض النظر عن وجود الشركاء وأطراف العملية السياسية وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى طرق وحلول غير ديمقراطية .
4. التقليل من أهمية البرلمان في تشريع القوانين .

في مقابل ذلك طرحت عدة مبادرات ومنذ نشوء الأزمة السياسية الأخيرة جميعها تدعو الى أجتماع رؤوساء الكتل السياسية ومحاولة أحتواء الأزمة وأبرزها هو عقد مؤتمر وطني لكل الأطراف السياسية المشاركين في العملية السياسية والفائزين وغير الفائزين وغير مقتصرة فقط على قادة الكتل ،لغرض أيجاد الحلول الحقيقية وتقييم العملية السياسية لغرض أستمرارها وتفعيلها وفق برنامج واضح ...وهذا ما نادت به كافة القوى السياسية وفي مقد متها التيار الديمقراطي والحزب الشيوعي العراقي .

في أثناء ذلك ظهرت تصريحات أعلامية مسؤولة وغير مسؤولة لغرض تصعيد المواقف ومنها الأنسحاب من العملية السياسية وجعل الخلافات الشخصية والطائفية السياسية هي المحور ،الأمر الذي سيؤدي الى التفريط بكل ما أنجزته العملية السياسية .

ونتيجة لكل ما تقدم ولكي لاتبقى العملية السياسية في مفترق الطرق ولغرض وضع مصلحة شعبنا العراقي فوق كل شيئ من أجل أستمرار وحدته الوطنية و التوجه الى البناء الحقيقي للدولة المدنية الديمقراطية ولغرض أن تكون المشاركة فعلية وعملية بين كل الأطراف ،فلا بَّد أن يتم وكما تقدم عقد المؤتمر الوطني وبأسرع وقت يشارك فيه كل القوى السياسية المؤمنة بالعملية السياسية مع مشاركة منظمات المجتمع المدني لغرض الخروج بصيغ عملية وديمقراطية لكل الأزمات المتراكمة ووضع الخطط العلمية للمرحلة مابعد الأنسحاب الأمريكي وأعادة الثقة وتعزيز المسيرة الديمقراطية مع أقرار الجميع بالأبتعاد عن الصيغ الفاشلة في أدارة الدولة بعيداً عن المزايدات السياسية .

لقد حذرت الأوساط الوطنية والحريصة على مستقبل الشعب من هذا المنزلق الأخير التي آلت اليه الأوضاع، الأمر الذي يتطلب التأكيد على تفعيل الدستور بالرغم من نواقصه والحاجة الى تعديله، كذلك أعادة الثقة بعمل البرلمان والتوجه نحو بناء الدولة العراقية المدنية الدستورية التي من مرتكزاتها التقيد بالدستور وفصل السلطات واستكمال المصالحة الوطنية وتشريع وأصدار القوانين اللازمة لمواد الدستور وأبرزها قانون الأحزاب، وتعديل قانون الأنتخابات .

أن تقييم العملية السياسية مع ضمان عدم الأنحراف بها نحو الهيمنة والشمولية وسياسة الحزب الواحد التي عانى منها الشعب العراقي ونبذ الخلافات التناحرية وأتباع أسلوب الحوار وعدم الأستئثار بالمناصب المغرية بأتجاه التغيير غير الصحيح أو الأبتعاد عن الشركاء حلفاء الأمس والحرص على بناء مؤسسات الدولة الحديثة هوما يتطلبه الواقع الحالي .
 


 

 

 

free web counter