| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

صبحي مبارك مال الله

 

 

الأحد 26/8/ 2012

 

الدستور والسلطة القضائية

صبحي مبارك مال الله

أقرًت المادة (47) من الدستور السلطات الأتحادية التي تتكون من السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية  وهذه السلطات تمارس أختصاصتها ومهماتها على أساس فصل السلطات .

أن الدستور يضمن أستقلالية كل سلطة من السلطات الثلاث دون أن تؤثر أي سلطة على الأخرى عند تنفيذ أختصاصتها .

المعروف أن السلطة التشريعية الأتحادية تتكون من مجلس النواب ومجلس الأتحاد (الذي لم يشكل لحد الآن ) والذي تؤكد عليه المادة (65) من الدستور حيث تنص على أنه (يتم أنشاء مجلس تشريعي يدعى مجلس الأتحاد يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنظمة في أقليم وينظم تكوين وشروط العضوية فيه وأختصاصاته وكل مايتعلق به ، بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ) أنتهى النص . ولازال مشروع القانون يراوح في مكانه ولم يتم تشريعه .

السلطة التنفيذية ، تنص المادة (66) من الدستور (تتكون السلطة التنفيذية الأتحادية من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء ، تمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانون).

السلطة القضائية :-  تقاس حضارة الأمم وبالأخص البلدان الديمقراطية بالتقدم العلمي وتطور التعليم والمستوى الصحي والخدمات وأستقامة القضاء ونزاهته وأن أي خلل يحدث في سلطة القضاء وعدم االألتزام بالقوانين سوف يؤدي الى خلل كبير في  المجتمع ، فيشعر المواطن بعدم الأمان من ناحية ضمان حقوقه وحريته ، فالقضاء يعتبر الأساس في عدالة هذه الدولة أو تلك ، والقضاء العادل لايفرق  بين المواطنين أطلاقاً مهما كان موقعهم الأجتماعي أو الوظيفي كما أن القضاء هو المدافع عن الحق ويكشف الباطل .

القضاء كان في العهود السابقة وخصوصاً فترة الحكم العثماني يخضع لما يريده الحكام والولاة أو الأمراء وكان التأثير السياسي واضح في كل قراراته وأحكامه بغية الحفاظ على مصالح الطبقة الحاكمة وأستمر هذا النهج في الأنظمة اللاحقة ولكن بنسب متفاوتة ، فكانت المحاكم تقسَم الى محاكم عامة والتي تبتُ في القضايا الشخصية للمواطنين ومحاكم خاصة تنظرُ في القضايا المخلة بأمن الدولة . مثل محكمة أمن الثورة السيئة الصيت التي كانت أحكامها صورية وتصدر بدون محاكمات حقيقية وأغلب أحكامها جائرة كما نلاحظ ذلك أيضاً في المحاكم العرفية العسكرية المثيرة للسخرية  ، والتي تتشكل بعد أعلان الأحكام العرفية والتي لاتعترف بحق الدفاع ولا بالقوانين ولا بالدستور أن وجد ، فيحكم فيها ضباط عسكريين ذوي رتب عالية وحسب المناطق  كما حصل في عهد الأحتلال البريطاني والفترات اللاحقة بعد أعلان الأستقلال غير المنجز، وكانت قرارات الحكم يتفق عليها وقبل بدأ المحاكمة وتصدر حسب أرادة الحكومة وحكامها وذلك لغرض أرهاب أحرار العراق كما حصل في  محكمة أمن الثورة ، وغيرها من المحاكم الخاصة .

بعد أحتلال العراق في 9/4/2003 أستندت سلطة الأئتلاف الموحدة على قانون مجلس الأمن المرقم  1483الصادر في 2003  فأستطاعت سلطة الأحتلال أن تُحكم قبضتها على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في العراق .

وبعد أنتهاء فترة ( مجلس الحكم ، والحكومة المؤقتة والحكومة الأنتقالية ) تمت كتابة الدستور والأستفتاء عليه أصبح للعراق بموجب الدستور الدائم مؤسسات وسلطات رئيسة تحكم في العراق ومنها السلطة القضائية التي  نصت المادة (87) من الدستور (السلطة القضائية مستقلة ، تتولاها المحاكم على أختلاف أنواعها ود رجاتها وتصدر أحكامها وفقاً للقانون) .

والمادة (88) تؤكدعلى (القضاة مستقلون، لاسلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو شؤون العدالة ) وهذه المادة تشير الى التدخل في شؤون القضاء بوضوح فالضغط على القضاة أو محاولة خرق القضاء لأسباب شخصية أو نفعية أو  متطلبات سياسية سوف يؤدي الى حرف القضاء عن العدالة .

المادة (89) تنص هذه المادة الدستورية على أن ( السلطة القضائية الأتحادية تتكون من مجلس القضاء الأعلى ، والمحكمة الأتحادية العليا ، ومحكمة التمييز الأتحادية ، وجهاز الأدعاء العام ، وهيئة الأشراف القضائي والمحاكم الأتحادية الأخرى التي تنظم وفقاً للقانون ). فكل هذه المكونات يجب أن ينظم لها قانون لكي تنفذ مهامها وواجباتها وأختصاصاتها .

المادة (91) تحدد صلاحيات مجلس القضاء الأعلى وهي أدارة شؤون القضاء والأشراف عليه ، ترشيح رئيس وأعضاء محكمة التمييز الأتحادية ، ترشيح رئيس هيئة الأشراف القضائي ورئيس الأدعاء العام وعرضهم على مجلس النواب للموافقة عليهم كذلك أقتراح مشروع الموازنة للسلطة القضائية .

المحكمة الأتحادية العليا :-  المادة (92) من الدستور تنص على( أن المحكمة الأتحادية العليا هي هيئة قضائية مستقلة مالياً وأدارياً.

وتتكون من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الأسلامي ، وفقهاء في القانون يحدد عددهم وتنظم طريقة أختيارهم وعمل المحكمة بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ).

لم يصدر قانون المحكمة الأتحادية الجديد ولحد الآن مع أهمية  ودور المحكمة في حماية الدستور والمسألة المثيرة للجدل هي مسألة الخبراء في الفقه الأسلامي فهناك طرح في مجلس النواب بجعل خبراء الفقه الأسلامي أعضاء بدلاً من كونهم خبراء وهذا يتعارض مع المادة الدستورية (92) ، لأن العضو  له حق التصويت والتدخل في قرارات المحكمة ، وهناك طرح آخر هو جعل الخبراء في الفقه الأسلامي أعضاء ولهم حق الفيتو على قرارات المحكمة وكأننا  متوجهين الى أقامة الدولة الدينية .

المادة (93) من الدستور تشير الى أختصاص المحكمة الأتحادية العليا وهي :-

أولاً:- الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة .

ثانياً :- تفسير نصوص الدستور .

ثالثاً:- الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الأتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات ..

رابعاً :- الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الأتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والأدارات المحلية .

خامساً :- الفصل في المنازعات التي تحصل فيما بين حكومات الأقاليم أو المحافظات.

سادساً:- الفصل في الأتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وينظم ذلك بقانون .

سابعاً:- المصادقة على النتائج النهائية للأنتخابات العامة لعضوية مجلس النواب .

ثامناً:- أ- الفصل في تنازع الأختصاص بين القضاء الأتحادي والهيئات القضائية للأقاليم والمحافظات غير المنظمة في أقليم .ب- الفصل  في تنازع الأختصاص فيما بين الهيئات القضائية للأقاليم أو المحافظات غير المنظمة في أقليم .

المادة (94) قرارات المحكمة الأتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة .

كما نلاحظ أن أختصاصات المحكمة الأتحادية لها أهمية وعلاقة بتنفيذ المواد الدستورية والأهم من ذلك هو دستورية القوانين والأنظمة التي يشرعها مجلس النواب  قد يكون بعضها غير دستوري كما لاحظنا عند تشريع قانون المحافظات والأقضية والنواحي وغيرها من القوانين التي شُرعت وأعترضت عليها المحكمة الأتحادية بعد تقديم شكوى عليها .

كذلك تفسير نصوص المواد الدستورية التي تجتهد السلطة التشريعية و التنفيذية  في تفسيرها أو تطبيقها فالمحكمة الأتحادية هي المرجع الوحيد في تفسير المواد الدستورية .

المادة (95) تنص على ( يُحضر أنشاء محاكم خاصة أو أستثنائية).

لقد كانت الحكومات السابقة تلجأ الى  تشكيل المحاكم الخاصة والأستثنائية عندما تريد الأنتقام من الشعب حين يهب في أنتفاضاته الوطنية ضدها .

موقع السلطة القضائية :- من خلال ماتقدم نجد أن السلطة القضائية تقع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتقوم بدور الموازنة بين السلطتين بالأخص المحكمة الأتحادية العليا التي تبحث بدستورية القوانين والأنظمة والتعليمات ، فأذا ما شرَع البرلمان  (السلطة التشريعية) قانون معين وفيه مواد أو فقرات لاتتطابق مع المواد الدستورية فالمحكمة الأتحادية هي التي تفصل  في ذلك كذلك فيما يخص الأنظمة والتعليمات الصادرة من السلطة التنفيذية فيكون بعضها لايستند الى قانون أو مواد دستورية فعلى المحكمة الأتحادية رفضها ولهذا نجد السلطة القضائية  وفي مقدمتها المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الأتحادية العليا تصطدم بالسلطتين .

السلطة القضائية وحسب واجبها يجب أن لا تسمح بالتجاوز على الدستور وأن المادة (94) أكدت على أن قرارات المحكمة الأتحادية ملزمة وباتة وعلى جميع السلطات تنفيذها .

هل تسرب الفساد الى السلطة القضائية ؟

السلطة القضائية غالباً ما تكون في مواجهة السلطة التنفيذية بسبب صدور تعليمات أو أرتكاب فعل مؤثر يتقاطع مع الدستور والقوانين وفي بعض الأحيان تكون مواجهة ساخنة فتحدث المضايقات والضغوط من قبل التنفيذية مما يؤدي ذلك الى حرف العدالة عن مجراها وهذا يأتي بسبب التأثيرات السياسية .

كذلك عندما  يقوم البرلمان بأصدار قوانين تتناقض مع الدستور فتنظر المحكمة الأتحادية فيها وتقوم بأبطالها فيكون قرار المحكمة ملزم التنفيذ ولكن القانون رقم (30) لسنة 2005 والخاص بالمحكمة الأتحادية لم يحدد المدة التي ينفذ فيها القرار وأن تفعيل القرار بيد الكتل السياسية المتنفذة في مجلس النواب أو الموجودة في أجهزة السلطة التنفيذية وعندعدم تنفيذ القرار يصبح ذلك خرقاً للدستور كما حدث لقرار المحكمة الأتحادية العليا المرقم 10 والمؤرخ في  14/6/2010 والخاص بعدم دستورية توزيع الأصوات على القوائم الفائزة .

كذلك أعتراض المحكمة الأتحادية على ربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء وهي هيئة النزاهة والبنك المركزي والمفوضية العليا لحقوق الأنسان في حين يؤكد الدستور في مواده (102) و(103)أرتباطها بمجلس النواب .

أن التدخلات في القضاء تأتي من ثلاث محاور :- 1- تدخلات الحكومة 2-تدخلات حزبية سياسية 3- تدخلات من جهة السلطة التشريعية .

هذه التدخلات تؤدي الى عرقلة القضاء وتجاوز على الدستور والقوانين وفي بعض الأحيان تشرع قوانين حاملة لوجهين في التفسير أو عدة وجوه بغية تحقيق مصالح سياسية أو  نفعية وبعض الأحيان تقوم السلطة التنفيذية بوضع تعليمات تدخل في دهاليز التفسير الوظيفي فيضيع محتوى القوانين فيكون الخاسر هو الشعب.

 

 

 

 

 

 

                

 

 

 
 
    
 
 

 
 

free web counter